خبير عسكري: مصر تتحرك بحكمة لتعزيز الأمن القومي العربي ومنع تفكك المنطقة

أكد العميد مارسيل بالوكجي، الخبير العسكري، أن التحركات الإسرائيلية الأخيرة في الجولان السوري المحتل تأتي في إطار استراتيجية تسعى من خلالها تل أبيب إلى تكرار تجربتها السابقة في الجنوب اللبناني، مستغلة الانقسامات الطائفية داخل المجتمع السوري، وخاصة بين أبناء الطائفة الدرزية في الأراضي المحتلة والجولان.
وفي تصريحات خاصة لقناة القاهرة الإخبارية، أوضح بالوكجي أن هذه التحركات ليست عشوائية أو صدفة، بل هي جزء من مخطط محكم يُنفذ تحت ما وصفه بـ"العصر الذهبي" لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بدعم أمريكي واسع، متزامناً مع انفتاح إسرائيلي متزايد من خلال اتفاقيات التطبيع، وعلى رأسها اتفاقيات أبراهام.
خارطة طريق دولية
وأشار الخبير العسكري إلى أن هناك خارطة طريق دولية أعدت بشأن سوريا بالتنسيق بين السعودية والولايات المتحدة، تهدف إلى توحيد سوريا تحت سلطة مركزية واحدة باستثناء الجولان المحتل، مع الالتزام بالمسار الأمريكي الإسرائيلي. لكنه أوضح أن المشهد تغير بشكل جذري بعد زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حيث تحولت هذه الخطة إلى تقسيم سوريا بين قوى كردية ومكونات طائفية متعددة مثل الدروز والعلويين، مما يعزز حالة الانقسام والتفتيت.
وأضاف بالوكجي أن الهدف من التحركات الإسرائيلية الحالية هو فرض شروط مسبقة على أي مفاوضات مستقبلية بخصوص الوضع السوري، من خلال إضعاف الأوراق التفاوضية للنظام السوري وجعله تحت ضغط متزايد، مما يخدم المصالح الإسرائيلية بشكل رئيسي.
الملف اللبناني والاشتراطات الإسرائيلية
وفيما يخص الملف اللبناني، لفت العميد بالوكجي إلى أن إسرائيل لا يمكنها المضي قدماً في اتفاق سلام مع لبنان دون حسم ملف حزب الله وتنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة، كما أن الوضع في الجنوب اللبناني، بحسب قوله، يؤثر بشكل كبير على مسار السلام، ويعطله، خاصة مع استمرار حزب الله في رفض الالتزام بالقرارات الدولية ما لم تنسحب إسرائيل من الأراضي السورية واللبنانية المحتلة.
وبيّن العميد أن إسرائيل متوغلة أمنياً واستخباراتياً حتى عمق يتجاوز 40 كم جنوب سوريا، وكذلك داخل الجنوب اللبناني، ما يعني أن تل أبيب تعمل على مسارين متوازيين في كلا الجبهتين، وتضع في الوقت ذاته شروطاً مسبقة تتعلق بوجود حزب الله كعائق رئيسي أمام أي انسحاب أو تسوية.
سخونة متعمدة لإعادة رسم خرائط المنطقة
وأكد الخبير العسكري أن التصعيد الحالي في سوريا ولبنان ليس عشوائياً، بل يأتي في سياق مدروس لإعادة رسم خرائط النفوذ في المنطقة، في ظل تآكل اتفاقية سايكس بيكو القديمة، التي لم تعد صالحة للواقع الجديد، على حد تعبيره، لافتا إلى أن السخونة بدأت في مناطق الساحل السوري، ثم انتقلت إلى منطقة قوات سوريا الديمقراطية، والآن نحو الجبهة الدرزية، وكل ذلك في إطار "سايكس بيكو جديد" بنكهة إسرائيلية وأمريكية.