عاجل

شينزو آبي.. ذكرى اغتيال زعيم ترك بصمة عميقة في قلوب المصريين

شينزو آبي
شينزو آبي

يحل الثامن من يوليو في كل عام، حاملًا معه ذكرى مؤلمة لأحد أبرز القادة السياسيين فى العالم الحديث: ذكرى اغتيال رئيس الوزراء الياباني الأسبق، شينزو آبي. لم يكن رحيل آبي، الذي طالته يد الغدر عام 2022، مجرد خبر عابر، بل صدمة هزت اليابان والعالم، وتركت حزنًا خاصًا في قلوب المصريين الذين ارتبطوا بهذا الزعيم بشبكة من العلاقات السياسية والاقتصادية والشخصية، بل وتجاوز الأمر ذلك ليتحول إلى تقدير كبير من القيادة المصرية، وعلى رأسها الرئيس عبد الفتاح السيسى. 

وتتميز مسيرة آبى أحمد، بارتباط عميق جعله حاضرًا فى الذاكرة المصرية رغم رحيله.

 شينزو آبى: مسيرة قيادية استثنائية وإنجازات تاريخية

ويُعتبر شينزو آبي أطول رؤساء الوزراء بقاءً في منصبه في تاريخ اليابان، حيث تولى المنصب مرتين: الأولى لفترة وجيزة عامي 2006-2007، والثانية لفترة أطول وأكثر تأثيرًا من 2012 إلى 2020. خلال فترته الثانية، أطلق آبي "آبينوميكس"، وهي سياسة اقتصادية طموحة تهدف إلى إنعاش الاقتصاد الياباني الراكد من خلال ثلاث ركائز: التيسير النقدي الجريء، التحفيز المالي المرن، والإصلاحات الهيكلية لتعزيز النمو. هذه السياسات، وإن كانت محل نقاش، إلا أنها ساهمت في تحقيق استقرار نسبي ونمو اقتصادي في بعض القطاعات.

وعلى الصعيد الدولي، لعب آبي دورًا محوريًا في تعزيز دور اليابان على الساحة العالمية، ودعم مبادرات التعاون الإقليمي والدولي. كان مدافعًا قويًا عن النظام الدولي القائم على القواعد، وعمل على تعزيز العلاقات الثنائية مع العديد من الدول الكبرى والصاعدة.

عمق العلاقة المصرية اليابانية: شراكة استراتيجية برؤية مشتركة

وتميزت العلاقة بين مصر واليابان، خصوصًا فى فترة حكم الرئيس السيسي وشينزو آبى، بالعمق والتطور المستمر، ولم تكن مجرد علاقات دبلوماسية تقليدية، بل تحولت إلى شراكة استراتيجية مدفوعة برؤية مشتركة للتنمية والاستقرار. شهدت هذه الفترة تبادلات زيارات مكثفة على أعلى المستويات. على سبيل المثال، زار الرئيس السيسي اليابان مرتين كرئيس للجمهورية، الأولى في فبراير 2016، والثانية في أكتوبر 2019 للمشاركة في مراسم تتويج الإمبراطور ناروهيتو. وفي المقابل، زار شينزو آبي مصر في يناير 2015.

وتُرجم هذا التقارب السياسي إلى دعم ياباني كبير للمشاريع التنموية في مصر، خاصة في قطاعات حيوية مثل التعليم، الطاقة، البنية التحتية، والمتاحف. من أبرز هذه المشاريع:

المتحف المصري الكبير: يعتبر المتحف المصرى الكبير (GEM) أيقونة للتعاون المصرى الياباني، حيث قدمت اليابان قروضًا ميسرة بلغت نحو 800 مليون دولار أمريكي لتمويل جزء كبير من المشروع، بالإضافة إلى الدعم الفنى والتقنى.

التعليم الياباني: قدمت اليابان دعمًا كبيرًا لتطبيق التجربة اليابانية في المدارس المصرية، المعروفة بـ "المدارس المصرية اليابانية"، والتي تركز على بناء الشخصية وتنمية المهارات بجانب التحصيل الأكاديمي. تجاوز عدد هذه المدارس حاليًا 50 مدرسة منتشرة في مختلف المحافظات.

مشروعات الطاقة المتجددة والبنية التحتية: شاركت اليابان في تمويل وتطوير عدد من مشروعات الطاقة، ومحطات تحلية المياه، وتحديث البنية التحتية في عدة مدن مصرية.

"صديقى العزيز آبى".. سر تقدير الرئيس السيسي لشينزو آبي

وكانت العلاقة الشخصية بين الرئيس عبد الفتاح السيسي وشينزو آبي لافتة للانتباه، حيث كان الرئيس السيسي يصف آبي بـ "صديقي العزيز"، وهو تعبير يعكس تقديرًا عميقًا يتجاوز مجرد البروتوكول الدبلوماسي. هذا التقدير يعود لعدة عوامل:

الدعم الياباني لمصر في فترة دقيقة

و جاء الدعم الياباني، خاصة بعد ثورة 30 يونيو 2013، في وقت كانت فيه مصر في حاجة ماسة لشركاء تنمويين يدعمون رؤيتها للاستقرار والتنمية. آبي كان من القادة الذين مدوا يد العون لمصر بثقة ودون شروط مسبقة.

وتشارك الزعيمان في رؤى تتعلق بأهمية الاستقرار والتنمية الاقتصادية كقاعدة للتقدم، وضرورة تعزيز الشراكات الدولية لخدمة مصالح الشعوب.

وعكس التعامل بين الزعيمين احترامًا متبادلاً للثقافات والحضارات، ورغبة صادقة في بناء جسور التعاون.

إرث آبى فى مصر: ما بعد الاغتيال

رغم رحيله المفاجئ، لا يزال إرث شينزو آبي حاضرًا بقوة في مصر. تستمر المشاريع التي بدأها التعاون بين البلدين في التطور، وتتواصل العلاقات الثنائية القوية بين القاهرة وطوكيو. لم يكن تأثير آبي محصورًا في السياسات التي تبناها، بل امتد إلى بناء الثقة المتبادلة ووضع أسس لشراكة طويلة الأمد. تظهر ذكرى اغتياله كل عام لتذكر المصريين برجل دولة عالمي، تمكن بحكمته وعمله الدؤوب من كسب قلوبهم وتشييد صروح التعاون التي ستستمر في خدمة الأجيال القادمة.

بصمة لا تُمحى في سجل العلاقات الدولية

ويبقى شينزو آبي رمزًا للقيادة الحكيمة والعمل الجاد، وتعد علاقته بمصر، وتقدير الرئيس السيسي له، شاهدًا على قدرة القادة على تجاوز الحدود الجغرافية والثقافية لبناء شراكات حقيقية تعود بالنفع على الشعوب. في ذكرى اغتياله، تستحضر مصر إرث رجل كان له الفضل في تعميق روابط الأخوة والتعاون، لتظل بصمته حاضرة لا تُمحى في سجل العلاقات الدولية وفي وجدان الشعب المصرى.

تم نسخ الرابط