عاجل

في رحاب عاشوراء.. لقاء إيماني لواعظة بأوقاف أسبوط بمسجد الفردوس

الواعظة نعمة عطية
الواعظة نعمة عطية

شهد مسجد الفردوس بمدينة الغنايم التابع لمديرية أوقاف أسيوط لقاءً إيمانيًا مباركًا، أحيته الواعظة نعمة محمود عطية، في درس بليغ تحت عنوان:"عاشوراء.. يوم نجّى الله فيه الحق، ورفع فيه راية الإيمان، وجعل صيامه بابًا للمغفرة والرضوان".

 عبير الذكر وطِيب الموعظة

تجلّت أنوار الذكر، وعمّت السكينة أرجاء المسجد، حينما جلست القلوب قبل الأبدان، تصغي لكلماتٍ خرجت من القلب لتلامس الأرواح، وتوقظ فيها أشواق العودة إلى الله، وتذكّرها بعظمة الأيام، وكرم المولى عزّ وجل الذي جعل من بعض الأيام محطات للتوبة، وفرصًا للغفران، ومن بينها هذا اليوم الجليل.. يوم عاشوراء.

 الدرس الأول: عاشوراء.. يوم نصرٍ وذكرى تتجدّد

افتتحت الواعظة درسها بوقفةٍ مع التاريخ، حيث أعادت الحاضرين إلى مشهدٍ خالد، تجلّى فيه معنى النصر الرباني، يوم وقف موسى -عليه السلام- بثبات المؤمنين، أمام جبروت فرعون، والبحر أمامهم، والعدو خلفهم، فهتف بملء اليقين: {كَلَّا ۖ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ}، فإذا بالبحر ينشق بأمر الله، وينجي الله عباده، ويغرق الطغيان في لجج الماء.

ذكّرت الواعظة أن هذا اليوم لم يكن مجرد حدثٍ مضى، بل هو ذكرى متجددة في وجدان الأمة، تُحيي فيها معاني الثبات على الحق، والتوكل على الله، والإيمان بأن الله ناصرٌ لعباده ولو بعد حين.

 الدرس الثاني: صيام عاشوراء.. باب لمغفرة الذنوب

ثم انتقلت الواعظة لتُبيّن الفضل العظيم الذي جعله الله لهذا اليوم، وكيف جعله نبيّ الرحمة ﷺ موسمًا من مواسم الخير، يغسل فيه المؤمن ذنوبه، ويجدد عهده مع ربه، مستشهدةً بحديثه الشريف:
«صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ».

يا لها من كرامة عظيمة! سنة كاملة من الزلات والخطايا، تمحوها ساعات من الصبر والطاعة، ولحظات يقف فيها الجسد صائمًا، والقلب خاشعًا، والنفس تتهذب وتسمو.

 الدرس الثالث: لماذا نصوم عاشوراء؟

وتأملت الواعظة بنظرة إيمانية عميقة، كيف أن صيام هذا اليوم ليس مجرد عادة، بل هو شكرٌ عملي لله الذي أنجى موسى والمؤمنين، وهو ارتباط بتاريخ الأنبياء، وسيرتهم المباركة، وهو إحياء لسنّة النبي ﷺ، وتجديد لمعاني الوفاء والولاء لهذا الدين العظيم.

ولفتت إلى أن المسلم لا ينفصل عن تاريخه، بل يعيش مع الأنبياء والصالحين بروحه وهمّته، يتذكر مواقفهم، ويقتفي أثرهم، ويصوم كما صاموا، شكرًا لله، وطلبًا لمرضاته.

 الدرس الرابع: الصيام تربية للنفس وتزكية للقلب

وأشارت الواعظة إلى أن الصيام ليس مجرد امتناع عن الطعام والشراب، بل هو مدرسة تربي النفس على الصبر، وتعلّمها كيف تنتصر على رغباتها، وكيف تسمو فوق شهواتها، وكيف تُدرك أن أعظم الانتصارات هي تلك التي تتحقق داخل الإنسان، لا خارجَه.

وفي هذا اليوم المبارك، يتعلم المؤمن كيف يطهر قلبه، ويُجدد نيته، ويعود إلى الله طاهرًا نقيًّا، مستعدًا لفتح صفحةٍ جديدة من الطاعة، والإقبال على الله.

 الدرس الخامس: دروس السلام من يوم عاشوراء

ولم تُغفل الواعظة الربط بين مناسبة عاشوراء، ومعاني السلام في الإسلام، موضحة أن نجاة موسى عليه السلام لم تكن انتصارًا للدمار، بل انتصارًا للحق، وتأسيسًا لحياة يسودها العدل والإيمان، فكلما نجا الحق، حلّ السلام، وكلما اندحر الطغيان، تنفّس الناس الأمان.

 دعوة للتوبة والرجوع إلى الله

وختمت الواعظة درسها بنداءٍ مؤثر، دعت فيه الحضور لاغتنام هذه الأيام الفضيلة، بالتوبة الصادقة، والنية الخالصة، والاجتهاد في الطاعة، والإكثار من الصيام، والدعاء، والصدقة، وأعمال البر، لأن الفرص لا تدوم، والأعمار قصيرة، والفضل كثير لمن جدّ واجتهد.

ورفعت أكفّها بالدعاء إلى الله، أن يُبارك في هذه الأمة، وأن يُعين الجميع على صيام عاشوراء، ويجعله يوم مغفرة ورحمة، ويفتح لنا به أبواب التوبة والقبول، ويحفظ بلادنا، وينشر السلام والأمن في كل ربوع مصر، ويجعل أبناءها دعاة خيرٍ ونورٍ وهداية للعالمين.

و يواصل مسجد الفردوس بالغنايم رسالته في نشر الوعي، وبثّ القيم، وربط الناس بمناسباتهم الدينية العظيمة، تحت مظلة وزارة الأوقاف المباركة، ومساعيها الحثيثة لبناء الإنسان، وإحياء معاني الإيمان في القلوب.

تم نسخ الرابط