دي سيلفا: التصعيد الأمريكي الإيراني عرض استراتيجي ورسائل متبادلة

قال الدكتور بي إل دي سيلفا، أستاذ الدراسات الدولية في جامعة نيويورك، إن التوتر العسكري المتجدد بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران لا يُمكن تفسيره فقط على أساس الردود المتبادلة، بل يحمل في جوهره دلالات سياسية واستراتيجية أعمق.
وأضاف دي سيلفا، خلال مداخلة ببرنامج "عن قرب" المذاع عبر قناة "القاهرة الإخبارية"، أن ما يحدث يدخل في إطار "عرض كبير للقوة"، يمثل أحد أشكال التفاعل الجيوسياسي المعقد بين قوتين متنافستين تسعيان لفرض توازنات دقيقة دون الانجرار إلى صدام مباشر.
تنسيق غير مباشر
وكشف دي سيلفا أن إيران كانت على علم مسبق بالضربات الأمريكية الأخيرة، مشيرًا إلى أن المواقع المستهدفة لم يكن بها عناصر بشرية أثناء القصف، وهو ما يلمّح إلى وجود قنوات اتصال غير مباشرة أو إشارات تمهيدية جنّبت الطرفين خسائر بشرية واسعة.
واعتبر دي سيلفا أن هذه المعطيات لا تُعد مصادفة، بل تعكس نمطًا جديدًا من إدارة النزاعات المسلحة قائمًا على "الرد الرمزي" دون الانزلاق إلى تصعيد شامل، بما يتيح إرسال رسائل استراتيجية دون التسبب في حروب مفتوحة.
ترامب شكر طهران
وأشار دي سيلفا إلى أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب كان قد لمح صراحة إلى وجود تفاهم ضمني، عندما شكر الجانب الإيراني على ما وصفه بـ"إبلاغ مسبق" بشأن نية تنفيذ هجمات، مما يؤكد أن التصعيد الأخير كان في حقيقته جزءًا من مسرح تفاوضي بين الطرفين.
وأكد دي سيلفا أن هذه التصريحات تعزز نظرية أن ما جرى هو أداء دبلوماسي مقصود، يستهدف تحريك ملفات سياسية عالقة بين الطرفين، خصوصًا فيما يتعلق ببرنامج إيران النووي، ودورها الإقليمي المتصاعد في الشرق الأوسط.
أدوات تفاوض غير تقليدية
وأوضح دي سيلفا أن هذا النوع من التصعيد لا يهدف بالضرورة إلى الحسم العسكري، بل يمثل أداة ضغط غير تقليدية ضمن لعبة الشد والجذب الدبلوماسي، مضيفًا: "الطرفان يدركان أن الدخول في حرب مفتوحة سيكون مكلفًا جدًا، لذلك يفضلان استخدام وسائل رمزية لإبراز القوة والتأثير".
وأشار دي سيلفا إلى أن استخدام العرض العسكري المحدود كأداة تفاوضية أصبح سمة بارزة في العلاقات الدولية خلال السنوات الأخيرة، وخصوصًا في ظل التحولات الجيوسياسية وتعدد الفاعلين الإقليميين والدوليين.

تفادي الحرب الشاملة
وشدد دي سيلفا في ختام مداخلته على أن الولايات المتحدة وإيران تعتمدان بشكل متزايد على سياسة الرد المحسوب ضمن ما يُعرف بـ"الردع الذكي"، وذلك لتفادي الانزلاق إلى مواجهات شاملة لا يمكن التنبؤ بنتائجها.
وأكد دي سيلفا أن إدارة الأزمات المعاصرة لم تعد تقتصر على الدبلوماسية الكلاسيكية، بل أصبحت تعتمد على العرض المدروس للقوة، وتحقيق الأهداف عبر رسائل متبادلة محسوبة بدقة، سواء عبر وسائل الإعلام أو من خلال العمليات العسكرية المحدودة.