البابا تواضروس الثانى.. 28 عامًا من الخدمة والعطاء المتجدد فى قلب الكنيسة

تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية هذه الأيام بمرور 28 عامًا على رسامة قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، أسقفًا عامًا.
رسامة قداسة البابا تواضروس الثاني
وهذه الذكرى التى توافق الخامس عشر من يونيو، ليست مجرد محطة زمنية عابرة، بل هي فرصة للتأمل في مسيرة حافلة بالعطاء، التفاني، والرؤية الثاقبة التي ميزت خدمة قداسته منذ البداية وحتى جلوسه على السدة المرقسية.
وكان يوم الخامس عشر من يونيو عام 1997 تاريخًا فارقًا في حياة الراهب القس ثيئودور الأنبا بيشوي، الذي سيم حينها أسقفًا عامًا لإيبارشية البحيرة باسم نيافة الأنبا تواضروس.
وجاءت هذه الرسامة في وقت كان فيه نيافته مساعدًا لنيافة الأنبا باخوميوس، مطران البحيرة ومطروح والخمس مدن الغربية آنذاك، والذي قضى نيافته معظم سنوات حياته قبل الرهبنة في خدمته.
وهذه الفترة المبكرة أرست دعائم قوية لشخصيته الرعوية والإدارية، وشكلت فهمه العميق لاحتياجات الشعب القبطي والتحديات التي تواجه الكنيسة.
خدمة قداسة البابا تواضروس الثاني
ومنذ بداية خدمته، أولى قداسة البابا تواضروس الثاني اهتمامًا خاصًا بالنشء والأطفال، إيمانًا منه بأنهم مستقبل الكنيسة ولبنة أساسية في بناء الأمة. كان مسؤولاً عن لجنة الطفولة بالمجمع المقدس، وشغل ملف الطفولة في مهرجان الكرازة المرقسية مكانة محورية في اهتماماته.
وهذه الرؤية المستقبلية لقداسته، التي تركز على غرس القيم الروحية والأخلاقية في الجيل الجديد، تؤكد على إيمانه العميق بأن الاستثمار في الأطفال هو استثمار في مستقبل الكنيسة والمجتمع بأسره. العديد من الأنشطة والمبادرات التي شهدتها الكنيسة في مجال رعاية الطفولة والشباب، تحمل بصمات واضحة لجهود قداسته في هذا الصدد.
ولم تقتصر خدمة قداسته على رعاية الطفولة فحسب، بل امتدت لتشمل خدمة القطاع الصحراوي الكبير الذي تشتمل عليه إيبارشية البحيرة، والذي يبدأ من منطقة كينج مريوط ويمتد غربًا بعرض الساحل الشمالي لمصر من غرب الإسكندرية وصولاً إلى ليبيا. هذه المنطقة الشاسعة والمتنوعة جغرافيًا تتطلب جهدًا رعويًا استثنائيًا، وقد أظهر قداسة البابا تواضروس الثاني تفانيًا كبيرًا في الوصول إلى كل أبناء الكنيسة فيها، مقدمًا الرعاية الروحية والاجتماعية اللازمة.
وعلى الصعيد الفكري والمعرفي، أولى قداسة البابا تواضروس الثاني اهتمامًا بالغًا بالتعليم ودراسة الكتاب المقدس. لقد كتب قداسته عددًا من الكتب والمقالات الروحية التي نشرت خلال فترة أسقفيته، والتي امتدت لأكثر من 15 عامًا قبل جلوسه على الكرسي البابوي. هذه المؤلفات الغنية تعكس عمق فكره اللاهوتي، وحرصه على نشر التعاليم المسيحية الأصيلة، وتغذية الروح بالمعرفة الروحية. لقد أثرت هذه الكتابات المكتبة اللاهوتية القبطية، وقدمت زادًا روحيًا للآلاف من المؤمنين والباحثين على حد سواء.
اليوم، وبعد هذه السنوات الطويلة من الخدمة المخلصة، يقف قداسة البابا تواضروس الثاني كقائد روحي ملهم، يقود الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بحكمة وتبصر في عالم متغير. إن الذكرى الـ 28 لرسامته كأسقف هي مناسبة لتجديد العهد بالصلاة من أجل قداسته، وللاحتفاء بإنجازاته العديدة التي أثرت حياة الملايين، ولنؤكد على أن مسيرة العطاء والخدمة مستمرة، برعاية إلهية، وبجهود قداسته الحثيثة، في سبيل مجد الله وبناء ملكوته.



