اضطراب نفسي.. إسراء سمير: الاستخدام المفرط للفلاتر ليس موضة

حذّرت الدكتورة إسراء سمير، استشاري الصحة النفسية، من الانتشار المتزايد لما أسمته "هوس الفلاتر"، مشيرة إلى أنه لم يعد مجرد سلوك عابر أو تقليد للموضة، بل تحوّل إلى حالة شبه دائمة لدى عدد كبير من المستخدمين، خاصة فئة الشباب والمراهقين.
وأوضحت إسراء سمير، خلال حديثها في برنامج "درد شات"، المذاع عبر قناة "المشهد" الفضائية، أن الاعتماد الزائد على فلاتر تعديل الصور على مواقع التواصل الاجتماعي قد يؤدي إلى اضطراب نفسي يُعرف باسم "اضطراب تشوه صورة الجسد"، وهو أحد أكثر الاضطرابات ارتباطًا بالعصر الرقمي.
هوس الفلاتر
وبيّنت إسراء سمير أن هوس الفلاتر يرتبط بشكل مباشر بعدم تقبّل الشخص لشكله الطبيعي، ويولد شعورًا دائمًا بوجود "عيوب وهمية" في ملامح الوجه أو شكل الجسد. موضحه: "هذا الشخص يقتنع، بشكل قهري، بأن أنفه كبير أو أن عينيه صغيرتان أو أن وجهه لا يبدو متناسقًا، وهو ما يخلق اختلالًا في الصورة الذاتية للنفس".
وتابعت إسراء سمير أن ذلك لا ينعكس فقط على الحالة النفسية بل يمتد إلى الأداء الاجتماعي والمهني، إذ يتجنب الشخص الظهور أمام الآخرين دون فلاتر، ويُصاب بحالة من القلق أو الإحراج عند التقاط الصور دون تعديلات رقمية.
إعجاب المتابعين
وأشارت إسراء سمير إلى أن الرغبة في الحصول على إعجاب المتابعين وجمع أكبر عدد ممكن من "الإعجابات" و"التعليقات" باتت سببًا رئيسيًا في تزايد الاعتماد على الفلاتر، مضيفة: "الكثير من المستخدمين باتوا يرون أن قيمتهم مرهونة بمظهرهم الخارجي الرقمي، لا الحقيقي، ما يدفعهم للبحث الدائم عن الكمال المصطنع".
وأكدت سمير أن هذه المظاهر تؤدي في النهاية إلى الإدمان النفسي على الفلاتر، حيث يشعر الشخص بالراحة المؤقتة عندما يرى نفسه بشكل مثالي في الصور المعدلة، ثم يعود للاكتئاب أو القلق عندما يرى نفسه في المرآة على طبيعته.
تسرق الثقة بالنفس
ونوّهت إسراء سمير إلى أن هوس الفلاتر يُعد من بين أبرز أسباب تآكل الثقة بالنفس لدى فئات واسعة من المستخدمين، خصوصًا من هم في فترة المراهقة، وهي المرحلة التي تُبنى فيها ملامح الشخصية وصورة الذات.
وحذّرت إسراء سمير من أن استمرار التعرض للمحتوى المزيف بصريًا، دون وعي نفسي أو دعم أسري، يؤدي إلى مشكلات أكبر على المدى الطويل، كالاكتئاب واضطرابات القلق وحتى العزلة الاجتماعية، إذ يشعر الشخص بعدم قدرته على الاندماج إلا في "العالم الرقمي" فقط.

توعية بمخاطر الفلاتر
في ختام حديثها، دعت إسراء سمير إلى ضرورة نشر الوعي بمخاطر هوس الفلاتر، من خلال حملات إعلامية وتثقيفية تستهدف الأجيال الجديدة، إلى جانب دور الأسرة والمدرسة في تعزيز القبول الذاتي لدى الأطفال والمراهقين.
وشدت استشاري الصحة النفسية على أهمية تعزيز قيم الثقة بالنفس والمظهر الطبيعي، معتبرة أن الجمال الحقيقي لا يكمن في الصورة المعدلة، بل في تقبّل الذات كما هي، قائلة: "لا مانع من استخدام الفلاتر كوسيلة مرحة، لكن الكارثة تبدأ عندما تصبح معيارًا للحب والقبول والتقدير الذاتي".