هل الذكر بالسبحة بدعة؟ دار الإفتاء توضح الحكم الشرعي

في وقت يبحث فيه الكثير حول مشروعية استخدام السبحة في الذكر، أجابت دار الإفتاء المصرية أن :الذكر باستخدام السبحة أو أي وسيلة يُضبط بها العدّ هو أمر مشروع في الشريعة، أقره النبي ﷺ، وسار عليه الصحابة والتابعون ومن بعدهم من المسلمين دون إنكار، بل صنف العلماء في تأييده رسائل خاصة.
ومن أبرز من كتب في هذا الباب:
• الإمام جلال الدين السيوطي في رسالته: المنحة في السبحة.
• والعلامة محمد بن علان الصديقي في: إيقاد المصابيح لمشروعية اتخاذ المسابيح.
• والعلامة أبو الحسنات اللكنوي في: نزهة الفكر في سبحة الذكر.
وقد ثبت استعمال الوسائل المعينة على الذكر، كالنوى والحصى، في عهد النبي ﷺ وبعده، في روايات صحيحة منها:
1. عن صفية بنت حيي رضي الله عنها قالت:
دخل عليّ رسول الله ﷺ وبين يديّ أربعة آلاف نواة أُسبّح بها، فقال: «لقد سبحتِ بهذه؟ ألا أعلّمكِ بما هو أكثر مما سبحتِ؟»، فقلت: بلى علّمني، فقال: «قولي: سبحان الله عدد خلقه»
رواه الترمذي وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
2. وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه:
دخل مع النبي ﷺ على امرأة وبين يديها نوى أو حصى تسبح به، فقال لها: «ألا أخبرك بما هو أيسر عليكِ - أو أفضل؟» ثم قال:
«سبحان الله عدد ما خلق في السماء، وسبحان الله عدد ما خلق في الأرض، وسبحان الله عدد ما خلق بين ذلك، وسبحان الله عدد ما هو خالق، والله أكبر مثل ذلك، والحمد لله مثل ذلك، ولا إله إلا الله مثل ذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله مثل ذلك»
رواه أبو داود والترمذي (وحسنه)، والنسائي وابن ماجه، وصححه ابن حبان والحاكم.
3. عن القاسم بن عبد الرحمن قال:
كان لأبي الدرداء رضي الله عنه كيس فيه نوى من نوى العجوة، فكان إذا صلى الغداة أخرجهن واحدة واحدة يسبّح بهن حتى ينفدن.
رواه الإمام أحمد في “الزهد” بسند صحيح.
4. وعن أبي نضرة الغفاري:
قال: حدثني شيخ من طُفاوة قال: نزلت على أبي هريرة رضي الله عنه بالمدينة، فرأيته ومعه كيس فيه حصى أو نوى، يسبّح به، وتحت سريره جارية سوداء، فإذا فرغ مما في الكيس ألقاه إليها، فجمعته وأعادته فيه، ثم دفعته إليه.
رواه أبو داود والترمذي (وحسنه) والنسائي.
5. وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه –عن طريق حفيده نعيم بن المحرر– أنه كان له خيط فيه ألفا عُقدة، لا ينام حتى يسبّح به.
رواه عبد الله بن الإمام أحمد في “زوائد الزهد”، وأبو نعيم في “الحلية”.
وقد ورد مثل ذلك عن سعد بن أبي وقاص، وأبي سعيد الخدري، وأبي صفية مولى النبي ﷺ، والسيدة فاطمة بنت الحسين وغيرهم من الصحابة والتابعين.
وقد عقّب الحافظ السيوطي على هذه الآثار بقوله في الحاوي للفتاوي (2/6-7):
“فلو لم يكن في اتخاذ السبحة غير موافقة هؤلاء السادة، والدخول في سلكهم، والتماس بركتهم، لكان ذلك كافيًا في مشروعيته، فكيف بها وهي تُذَكِّر بالله تعالى؛ لأن الإنسان قلّ أن يراها إلا ويذكر الله، وهذا من أعظم فوائدها. ولهذا كان بعض السلف يسميها: المُذَكِّرة بالله. ولم يُروَ عن أحد من السلف أو الخلف منع استعمالها في عدّ الذكر، بل كان جمهورهم يستخدمونها، ولا يعدّون ذلك مكروهًا.
فضل الذكر في الإسلام:
1. أفضل الأعمال عند الله:
قال النبي ﷺ: «ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والورِق، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟» قالوا: بلى، قال: «ذِكرُ الله» (رواه الترمذي).
2. يُطمئن القلوب:
قال تعالى: {ألا بِذِكرِ اللهِ تَطمَئِنُّ القلوب} [الرعد: 28].
3. يُكثّر الحسنات ويُمحو السيئات:
عن النبي ﷺ: «من قال: سبحان الله وبحمده، في يوم مائة مرة، حُطّت عنه خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر» (رواه البخاري ومسلم).
4. الذاكرون سابقون في الآخرة:
قال ﷺ: «سبق المُفَرِّدون». قالوا: وما المفردون يا رسول الله؟ قال: «الذاكرون الله كثيرًا والذاكرات» (رواه مسلم).
5. الذكر حياة للقلوب:
قال ابن تيمية: “الذكر للقلب مثل الماء للسمك، فكيف يكون حال السمك إذا فارق الماء؟”
6. يجلب رضا الله:
قال ﷺ: «إن الله يقول: أنا مع عبدي إذا ذكرني وتحركت بي شفتاه» (رواه ابن ماجه بسند حسن).
7. من أسباب النجاة يوم القيامة:
قال ﷺ: «ما جلس قوم مجلسًا لم يذكروا الله فيه، إلا كان عليهم تِرة (نقص وحسرة) يوم القيامة» (رواه أبو داود والترمذي).
8. الذكر يُحصِّن من الشيطان:
قال تعالى: {واذكر ربك إذا نسيت}، وورد في الحديث أن الشيطان لا يقرب من يذكر الله.
9. أجره عظيم بلا تعبٍ كثير:
قال ﷺ: «كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم» (رواه البخاري ومسلم).
10. الذكر من أعظم أبواب الجنة:
قال ﷺ: «من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، عشر مرات، كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل» (رواه مسلم)