ميناء الإسكندرية يستقبل سفينة جديدة لإعادة تغييز الغاز الطبيعي المسال

شهد المهندس كريم بدوي وزير البترول والثروة المعدنية، وصول سفينة جديدة لإعادة تغييز الغاز الطبيعي المسال إلى ميناء الإسكندرية، ضمن خطة حكومية تستهدف ضمان استقرار الشبكة الكهربائية وتوفير احتياجات محطات الكهرباء من الوقود.
استقبل الرصيف الجنوبي بمحطة تحيا مصر بميناء الإسكندرية البحري، السفينة "Energos Power" التابعة لشركة نيوفورتريس الأمريكية، والقادمة من ألمانيا، وهي مخصصة لتحويل الغاز المسال المستورد إلى حالته الغازية قبل ضخه في الشبكة القومية للغاز.
وتُعد هذه السفينة الثانية من نوعها في مصر بعد السفينة الأولى العاملة بميناء سوميد في العين السخنة، وتبلغ سعتها التخزينية نحو 174 ألف متر مكعب، بطاقة إعادة تغييز تصل إلى 750 مليون قدم مكعبة يوميًا.

دعم البنية التحتية للطاقة لمواجهة الذروة الصيفية
وأكد الوزير أن هذه الخطوة تأتي ضمن إجراءات متكاملة تتخذها الحكومة لمواجهة ذروة استهلاك الكهرباء في الصيف، مشيرًا إلى أن استقدام السفينة جاء بعد مباحثات ثنائية مع الحكومة الألمانية خلال زيارته لبرلين في مارس الماضي، وأسفرت عن التعاقد لاستئجار السفينة للعمل في مصر.
كما أضاف أن الوزارة تواصل دعم قدرات البنية التحتية لاستقبال الغاز المسال، حيث تعاقدت الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية "إيجاس" على استئجار سفينتين إضافيتين ستصلان تباعًا خلال الأشهر المقبلة، ليصل إجمالي عدد السفن العائمة إلى أربع، ما يعزز من مرونة وكفاءة منظومة الإمداد بالغاز الطبيعي للسوق المحلي، خاصة في شهور الصيف.
مصر واستراتيجية تنويع مصادر الطاقة
تأتي هذه الخطوة في وقت تخطط فيه مصر لاستيراد ما بين 40 إلى 60 شحنة من الغاز الطبيعي المسال خلال عام 2025، وذلك لتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء وتفادي تكرار سيناريوهات انقطاع التيار، خاصة في ظل التوسع العمراني والصناعي الكبير.
وكانت وزارة البترول قد استأنفت استيراد الغاز الطبيعي المسال منتصف عام 2024 لأول مرة منذ توقف الاستيراد في 2018، نتيجة زيادة الاستهلاك المحلي وتراجع الكميات المخصصة للسوق الداخلي بسبب انخفاض الإنتاج المحلي.
وخصصت الحكومة المصرية نحو 9.5 مليار دولار ضمن موازنة العام المالي 2025/2026 لتغطية تكلفة استيراد الغاز والمازوت، في إطار خطة طوارئ متكاملة تهدف إلى رفع كفاءة الإمداد لمحطات توليد الكهرباء، وضمان وجود احتياطي استراتيجي من الوقود خلال شهور الذروة.
جولة ميدانية على متن السفينة
عقب وصول السفينة، أجرى الوزير جولة تفقدية على متنها، رافقه خلالها عدد من قيادات قطاع البترول، من بينهم المهندس يس محمد، العضو المنتدب التنفيذي لـ "إيجاس"، والمهندس معتز عاطف، وكيل الوزارة والمتحدث الرسمي، والدكتور خالد البدري، وكيل الوزارة للمشروعات، والمهندس وائل لطفي، رئيس شركة إنبي، والمهندس وليد لطفي، رئيس شركة بتروجت.
وكان في استقبال الوزير لدى وصوله للميناء اللواء بحري إيهاب صلاح، رئيس هيئة ميناء الإسكندرية، واللواء بحري عبد القادر درويش، رئيس الشركة المصرية للمحطات متعددة الأغراض.
تنسيق حكومي لضمان استقرار الإمدادات
شدد الوزير على أن هناك تنسيقًا مستمرًا وتعاونًا تكامليًا بين وزارتي البترول والكهرباء، وكافة الجهات المعنية لضمان استدامة واستقرار إمدادات الطاقة الكهربائية، خاصة في ظل التحديات العالمية في سوق الطاقة، وتقلبات الأسعار، وزيادة الضغط على البنية التحتية بسبب ارتفاع درجات الحرارة والاستهلاك.
لماذا تستورد مصر الغاز مجددًا؟
بعدما تحولت مصر إلى دولة مُصدرة للغاز الطبيعي المسال عقب اكتشافات كبرى مثل حقل "ظهر"، شهدت البلاد تحولاً في 2024 و2025 نتيجة عدة عوامل ضاغطة:
1. تراجع الإنتاج المحلي:
الإنتاج من الحقول القديمة بدأ في الانخفاض التدريجي، ومع تأخر دخول اكتشافات جديدة للإنتاج، حدث عجز بين المتاح والطلب المحلي.
2. زيادة الاستهلاك المحلي:
مع ارتفاع درجات الحرارة واتساع رقعة الاستخدام الصناعي والسكني، زاد الطلب المحلي على الغاز، خاصة من محطات الكهرباء التي تعتمد بنسبة كبيرة على الغاز الطبيعي لتوليد الطاقة.
3. أزمة الصيف الماضي (2023 و2024):
شهدت البلاد انقطاعات متكررة للكهرباء بسبب نقص الوقود، ما دفع الحكومة لتبني خطة طوارئ للطاقة تتضمن:
التوسع في استيراد الغاز الطبيعي المسال.
زيادة الاعتماد على الوقود السائل (مازوت وسولار) كمصادر بديلة مؤقتة.
4. العودة إلى الاستيراد في منتصف 2024:
استأنفت مصر استيراد الغاز بعد توقف دام منذ 2018، وتم التعاقد على شحنات قصيرة الأجل لسد الفجوة، مع التوجه لاستئجار وحدات عائمة لإعادة التغييز، بهدف تعزيز المرونة اللوجستية وتقليل وقت وتكلفة استقبال الشحنات.
5. التمويل الحكومي:
خصصت الحكومة 9.5 مليار دولار في موازنة 2025/2026 لاستيراد الوقود، وهو ما يعكس حجم التحدي واهتمام الدولة باستباق أي أزمات محتملة.
6. أهمية البنية التحتية:
امتلاك مصر لموانئ قادرة على استقبال الغاز المسال (مثل العين السخنة والإسكندرية) والبنية التحتية اللازمة للتخزين والتغييز، يتيح لها التحرك السريع لتأمين احتياجاتها، سواء عبر السوق الفورية أو عقود الإيجار.