توني بلير في صراع مع إد ميليباند
«صافي الانبعاثات الصفري» يشعل الصراع على الساحة السياسية البريطانية

بسبب السياسات الخاصة بصافي الانبعاثات الصفري، اندلع خلاف بين رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير ووزير الطاقة في حكومة الظل إد ميليباند. ويُعد هذا الخلاف أيضًا صدامًا بين بلير والحكومة الحالية بقيادة كير ستارمر فيما يخص قضايا المناخ.
وفي تقرير جديد صدر عن معهد توني بلير للسياسات العالمية، انتقد بلير الطريقة التي تتبعها الحكومات الغربية في معالجة تغير المناخ، وقال إن هذه السياسات تُحمّل الناس تضحيات مالية وتغييرات كبيرة في نمط حياتهم، بينما تأثير بريطانيا على انبعاثات العالم محدود جدًا.
صافي الانبعاثات الصفري
قال بلير إن الناس أصبحوا يُدركون أن تضحياتهم لن تُحدث فرقًا كبيرًا في حل أزمة المناخ، خاصة وأن الدول الكبرى مثل الصين والهند وجنوب شرق آسيا هي المسؤولة عن معظم الانبعاثات العالمية.
هذا التصريح أثار ردود فعل قوية، فقد أدان نشطاء المناخ كلام بلير، وقالوا إن تصريحاته "تُشجع المتشككين في قضايا المناخ" مثل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذين يدعون إلى العودة لاستخدام الوقود الأحفوري.
في المقابل، دافعت مصادر قريبة من ميليباند عن سياساته، وأكدت أن الأجندة البيئية جزء أساسي من برنامج حزب العمال، كما قال كير ستارمر نفسه. وشددوا على أن سياسات ميليباند تهدف إلى حماية مستقبل البلاد البيئي والاقتصادي في آن واحد.
وفي هذه الأثناء، استغل حزب المحافظين كلام بلير للهجوم على حزب العمال، حيث قال أندرو بوي، وزير الطاقة في حكومة الظل، إن بلير نفسه اعترف بعدم واقعية خطة ستارمر لتحقيق صافي انبعاثات صفري بحلول عام 2050.
وأضاف أن ميليباند يُعرض أمن الطاقة في بريطانيا للخطر ويدفع البلاد للاعتماد على الصين، بينما المحافظون وحدهم يُواجهون الحقيقة.
حتى بعض الجهات التي تُنكر تغير المناخ، مثل مجموعة "مراقبة صافي الانبعاثات الصفري"، نشرت على موقع X (تويتر سابقًا) أن بلير وصف السعي نحو صافي صفري بأنه "غير منطقي" و"هستيري".

النشطاء البيئيين
النشطاء البيئيين لم يصمتوا، ورد أحدهم، وهو ديفيد تونج من منظمة السلام الأخضر، والذي سخر من بلير قائلاً إن "توني بلير مثل ساعة متوقفة لا تعمل حتى مرتين في اليوم، وربما لم تعمل إطلاقًا منذ عام 2001".
وفي تقريره، أكد بلير أن محاولات التخلص من الوقود الأحفوري بسرعة كبيرة غير واقعية، وقال إن المؤتمرات المناخية العالمية، مثل تلك التي تقودها الأمم المتحدة، لن تُحدث التغيير المطلوب بالسرعة اللازمة.
وأشار إلى أن العالم يتجه نحو زيادة استهلاك الوقود الأحفوري حتى عام 2030، وأن عدد شركات الطيران سيتضاعف خلال عشرين سنة، ومعظم الانبعاثات ستأتي من الصين والهند وجنوب شرق آسيا، وليس من الغرب. لهذا، يرى أن السياسات المناخية الحالية بحاجة إلى "إعادة ضبط".
وجاء هذا التقرير في وقت حساس سياسيًا، حيث تستعد بريطانيا لانتخابات محلية وانتخابات فرعية في منطقة رونكورن وهيلزبي. ويخشى البعض من أن تؤدي سياسات حزب العمال البيئية إلى فقدان الدعم الشعبي. ولم تقتصر تصريحات بلير على السياسة البريطانية فقط، بل حذر أيضًا من أن قادة دوليين يعلمون أن السياسات المناخية غير فعالة، لكنهم لا يتحدثون خوفًا من اتهامهم بإنكار التغير المناخي.

وأثارت هذه التصريحات نقاشًا كبيرًا داخل حزب العمال، إذ يرى البعض أن بلير يُقدم رؤية واقعية، بينما يعتقد آخرون أنه يُقوض جهود الحزب لمواجهة تغير المناخ. ومع ذلك، أكد المتحدث باسم ميليباند أن السياسات البيئية لحزب العمال تشمل بالفعل ما دعا إليه بلير، مثل الاستثمار في احتجاز الكربون واستخدام الذكاء الاصطناعي لتطوير تقنيات بيئية أفضل.
كما أكد أن الحزب فاز في الانتخابات الأخيرة بفضل التزامه بتسريع التحول نحو الطاقة النظيفة، وأن رئيس الوزراء شدد مؤخرًا على أن الطاقة النظيفة "في صميم عمل الحكومة".
من ناحية أخرى، دافع مؤيدو سياسات ميليباند عن قراراته، مثل وقف التنقيب عن النفط والغاز في بحر الشمال، والتركيز على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وقالوا إن هذه الخطوات مدعومة من قطاع الأعمال.
وقد أظهر تقرير لاتحاد الصناعات البريطانية أن 22 ألف شركة تعمل في مجال الطاقة المتجددة توظف حوالي مليون شخص، ويبلغ متوسط الأجور فيها 43 ألف جنيه إسترليني سنويًا، وهو أعلى من المعدل الوطني.