في حالة الغسل من الجنابة هل من الضروري المضمضة والاستنشاق لصحة الغسل ؟
يتكرر سؤال كثير من الناس عند الاغتسال من الجنابة حول مدى لزوم المضمضة والاستنشاق، وهل يؤثر تركهما على صحة الغسل من عدمه ؟
فرائض الغسل
من فرائض الغسل تعميم الجسد والشعر بالماء الطهور، وقد جعل الحنفية والحنابلة داخل الفم والأنف من ظاهر البدن، فيفترض غسلهما؛ خروجًا من الخلاف.
أوضحت دار الإفتاء أن غَسْلُ اليدين إلى المِرفقَينِ من فرائض الوضوء، ولا يُجْزِئ المسحُ على ظاهر الأكمام؛ للنصوص الدالة على وجوب الغسل، وعدم وجود رخصة في المسح على الأكمام مع وجود الحاجة الداعية إليه؛ فإنْ تعذَّر استعمالُ الماء في الوضوء تيمَّم بدلًا عن الوضوء، فإن كان يَقدِر على استعماله في بعض الأعضاء دون بعضٍ، فيغسل ما لا يتضرَّر بغسله، ويتيمَّم لما سواه مراعيًا الترتيب والموالاة.
بيان أن الوضوء شرط لصحة الصلاة
من المقرر شرعًا أن الوضوء شرط لصحة الصلاة؛ لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾ [المائدة: 6]، وللحديث المتفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لا تُقْبَلُ صَلاَةُ مَنْ أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ».
قال الإمام النووي الشافعي في “شرح صحيح مسلم”: أجمعت الأمة على تحريم الصلاة بغير طهارة؛ من ماء أو تراب، ولا فرق بين الصلاة المفروضة والنافلة.
بيان فرائض الوضوء الواجب الإتيان بها
أجمع الفقهاء على أن الواجب في الوضوء: استيعاب الوجه واليدين والرجلين بالغسل، مع مسح الرأس؛ عملاً بالآية السابقة، وللأحاديث الواردة في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ ومنها ما روي عن عطاء بن يزيد، عن حمران قال: رأيت عثمان رضي الله عنه توضأ فأفرغ على يديه ثلاثًا، ثم تمضمض واستنثر، ثم غسل وجهه ثلاثًا، ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاثًا، ثم غسل يده اليسرى إلى المرفق ثلاثًا، ثم مسح برأسه، ثم غسل رجله اليمنى ثلاثًا، ثم اليسرى ثلاثًا، ثم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم توضأ نحو وضوئي هذا ثم قال: «مَنْ تَوَضَّأَ وُضُوئِي هَذَا ثُمَّ يُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ لا يُحَدِّثُ نَفْسَهُ فِيهِمَا بِشَيْءٍ إِلاَّ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».
بيان أن غسل اليدين إلى المرفقين من فرائض الوضوء
الواجب في اليدين هو استيعابهما بالغسل، ولا يُجزئ فيهما مجرد المسح؛ للآية والحديث السابقين، ولأنه لم يؤثر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رخصة في مسحهما، مع وجود الحاجة الشديدة إليه، كشدة البرد ونحوه، فرخص في المسح على الخف دون غيره.
قال الإمام ابن عابدين الحنفي في حاشيته “رد المحتار على الدر المختار”: (قوله: بعد انعقاد الإجماع على ذلك) أي: على افتراض غسل كل واحدة من اليدين والرجلين، وعلى دخول المرفقين والكعبين، وغسل الرجلين لا مسحهما.
وقال العلامة المواق في “التاج والإكليل”: من فرائض الوضوء: غسل اليدين إلى المرفقين.
وقال الإمام النووي الشافعي في “منهاج الطالبين”: وأجمع العلماء على وجوب غسل الوجه واليدين والرجلين واستيعاب جميعهما بالغسل.
وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في “المغني”: وغسل اليدين إلى المرفقين، ويدخل المرفقين في الغسل، لا خلاف بين علماء الأمة في وجوب غسل اليدين في الطهارة، وقد نص الله تعالى عليه بقوله سبحانه: ﴿وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ﴾ [المائدة: 6].



