بعد افتتاح متحف قراء القرآن.. تعرف على أبرز أعلام التلاوة في الإذاعة
في خطوة تعكس الاهتمام بصون التراث الديني والثقافي، شهد مركز مصر الثقافي الإسلامي بالعاصمة الإدارية افتتاح متحف قراء القرآن الكريم، ليكون أول صرح من نوعه يوثق تاريخ أعلام التلاوة ومسيرتهم الخالدة في خدمة كتاب الله.
ويضم المتحف مقتنيات ووثائق نادرة تسلط الضوء على المدارس القرآنية المختلفة، وتسهم في تعريف الأجيال الجديدة بدور القراء في ترسيخ الهوية الروحية والثقافية للمجتمع المصري، في تأكيد واضح على أهمية الحفاظ على الذاكرة القرآنية وتقدير رموزها، ضمن إطار ثقافي وتعليمي يربط الماضي بالحاضر.
ويمثل هذا الافتتاح امتدادًا طبيعيًا لدور إذاعة القرآن الكريم، التي انطلق بثها في 25 مارس عام 1964، لتصبح منبرًا عالميًا لصوت القرآن الكريم، وحاضنةً لكبار القراء الذين قادوا المدرسة المصرية في التلاوة تجويدًا وترتيلًا.
وعلى مدار عقود، نجحت الإذاعة في تقديم كوكبة من عمالقة التلاوة، الذين حملوا رسالة القرآن إلى آفاق واسعة، حتى غدت إذاعة القرآن الكريم واحدة من أكثر الإذاعات استماعًا على مستوى العالم الإسلامي.
وفيما يلي أبرز القراء الذين مروا على إذاعة القرآن وأسهموا في صناعة تاريخها:
الشيخ محمد رفعت
ولد في مايو عام 1882 بحي المغربلين بالقاهرة، وفقد بصره في سن مبكرة نتيجة مرض أصاب عينيه، حفظ القرآن الكريم في الخامسة من عمره، والتحق بكتاب مسجد فاضل باشا بدرب الجماميز في حي السيدة زينب، حيث درس علوم القراءات والتفسير، إلى جانب المقامات الموسيقية على أيدي كبار شيوخ عصره.
توفي والده وهو في التاسعة، فتحمل مسئولية أسرته، ولجأ إلى القرآن معتصمًا به لا متكسبًا منه، تولى القراءة بمسجد فاضل باشا عام 1918، وذاع صيته سريعًا، حتى افتتح بث الإذاعة المصرية عام 1934 بتلاوة من مطلع سورة الفتح: "إنا فتحنا لك فتحًا مبينًا"، بعد فتوى من شيخ الأزهر بجواز إذاعة القرآن الكريم.
كامل يوسف البهتيمي
يعد صاحب "الحنجرة الفولاذية" والصوت الأبيض، وأحد أعلام دولة التلاوة، جمع بين مدرسة الشيخ محمد رفعت، وفن الشيخ مصطفى إسماعيل، وخشوع الشيخ المنشاوي، وقوة الشيخ محمد سلامة.
ولد في 6 أبريل 1922 بعزبة إبراهيم بك التابعة لمركز بهتيم بمحافظة القليوبية، وتعلم القرآن على يد والده ثم في كُتّاب القرية، معتمدًا على موهبته الفطرية وحبه للقرآن والإنشاد، جمع بين الترتيل والتواشيح والابتهالات، ونافس كبار القراء حتى بلغ ذروة شهرته عام 1947. ولم يكن قارئًا متميزًا فحسب، بل كان مبتهلًا متفردًا، جمع بين الفنّين دون أن يطغى أحدهما على الآخر.
الشيخ أحمد نعينع
ولد عام 1954 بمدينة مطوبس بمحافظة كفر الشيخ، وحفظ القرآن الكريم في سن الثامنة، وتعلّم التجويد على يد الشيخ أحمد الشوا. درس حتى التحق بكلية الطب بجامعة الإسكندرية، وعمل بالمستشفى الجامعي.
اشتهر بأسلوبه المتفرد، ولافتة ختمه التلاوة بعبارة "صدق الله العلي العظيم"، التي أثارت انتباه المستمعين لفرادتها.
الشيخ مصطفى إسماعيل
يعد من أبرز شيوخ التلاوة في مصر والعالم الإسلامي، وأول قارئ يسجل في الإذاعة المصرية دون امتحان، جمع بين عذوبة الصوت وقوة الأداء، ومزج بين علوم القراءات والتفسير والمقامات.
ولد في 17 يونيو 1905 بقرية ميت غزال بمحافظة الغربية، وحفظ القرآن في سن مبكرة، ثم التحق بالمعهد الأحمدي بطنطا. ذاعت شهرته في أربعينيات القرن الماضي، واختير قارئًا للقصر الملكي، وترك تراثًا يضم نحو 1300 تلاوة لا تزال تبث حتى اليوم.
الشيخ عبد الباسط عبد الصمد
ولد عام 1927 بقرية المراعزة بمركز أرمنت في محافظة قنا، ونشأ في بيت عرف بالقرآن حفظًا وتجويدًا، اعتمدته الإذاعة المصرية قارئًا عام 1951 بعد أن أبهرت تلاوته لجنة الاختبار، وحصل لاحقًا على وسام الإذاعة المصرية في عيدها الخمسين، ويعد من أكثر الأصوات القرآنية شهرة وانتشارًا في العالم.
الشيخ محمود خليل الحصري
شيخ عموم المقارئ المصرية، وأحد أعلام التلاوة الدقيقة، اعتمدته الإذاعة المصرية عام 1944، وكانت أول تلاوة له على الهواء في نوفمبر من العام نفسه، ينسب إليه الفضل في تسجيل القرآن الكريم كاملًا مرتلًا بعدة روايات، وكان أول من تلا القرآن في الكونغرس الأمريكي، وأذّن للصلاة بمقر الأمم المتحدة، وأسهم بصوته في هداية كثيرين حول العالم.
الشيخ محمود علي البنا
اعتمد قارئًا بالإذاعة المصرية عام 1948، ليكون من أصغر القراء سنًا آنذاك، تولى القراءة في عدد من المساجد الكبرى، أبرزها المسجد الأحمدي بطنطا ومسجد الإمام الحسين بالقاهرة، وظل أحد أعمدة التلاوة حتى وفاته عام 1985.
الشيخ طه الفشني
أحد أعلام التلاوة والإنشاد الديني، ولد عام 1900 بمحافظة بني سويف، وحفظ القرآن ودرس القراءات، تميز بصوته العذب، وجمع بين التلاوة والإنشاد، وكان من أبرز الأصوات الإذاعية في القرن العشرين.
الشيخ سيد محمد النقشبندي
ولد في 7 يناير 1920 بقرية دميرة بمحافظة الدقهلية، وحفظ القرآن وتعلّم الإنشاد في حلقات الذكر بالطريقة النقشبندية. التحق بالإذاعة عام 1967، وترك تراثًا خالدًا من الابتهالات، أبرزها "مولاي إني ببابك"، الذي أصبح علامة فارقة في تاريخ الإنشاد الديني.