لماذا تُعد وحدة السودان مسألة حياة أو موت للأمن المصري؟.. خبير عسكري يُجيب
أكد اللواء محمد عبد الواحد، الخبير العسكري، أن وحدة وسلامة السودان تمثل امتدادًا مباشرًا لوحدة وسلامة الأمن القومي المصري، مشددًا على أن الأمن القومي للبلدين مرتبط ارتباطًا وثيقًا ولا يمكن فصلهما عن بعضهما البعض، في ظل عوامل الجوار الجغرافي والحدود المشتركة والمصالح الاستراتيجية المتداخلة.
وأوضح عبد الواحد، في تصريحات خاصة لـ نيوز رووم، أن مصر والسودان تربطهما حدود مشتركة تمتد لنحو 1100 كيلومتر، وهو ما يجعل أي اضطراب أمني داخل السودان ذا تأثير مباشر على الداخل المصري، لافتًا إلى أن هذا الارتباط لا يقتصر فقط على الجغرافيا، بل يشمل أيضًا علاقات تاريخية وحضارية ممتدة، إلى جانب مصالح اقتصادية وجيوسياسية مشتركة، ومواقف سياسية متبادلة تقوم على دعم كل طرف للآخر في القضايا المصيرية.
وأشار الخبير العسكري إلى أن ملف مياه النيل يأتي في مقدمة التحديات المشتركة بين البلدين، مؤكدًا أن التهديدات التي تطال هذا الملف تمس الأمن القومي لكل من مصر والسودان في آنٍ واحد، وهو ما يفسر حرص القاهرة الشديد على الحفاظ على استقرار السودان ووحدته كدولة قوية قادرة على مساندة مصر في هذا الملف الحيوي.
وحذر عبد الواحد من أن أخطر التهديدات التي قد تنجم عن أي حالة فوضى داخل السودان تتمثل في المخاطر الحدودية، موضحًا أن طول الحدود يجعل من الصعب السيطرة عليها في ظل غياب الاستقرار، وهو ما قد يؤدي إلى تدفقات كبيرة من اللاجئين، فضلًا عن احتمالات تسلل عناصر إرهابية أو جماعات إجرامية منظمة عبر ممرات التهريب القادمة من ليبيا أو تشاد أو عبر الساحل الإفريقي.
وأضاف الخبير العسكري، أن المخاطر لا تقتصر فقط على الإرهاب، بل تشمل أيضًا تنامي أنشطة الهجرة غير الشرعية والجريمة العابرة للحدود، مؤكدًا أن كل هذه التهديدات تمثل عبئًا مباشرًا على الأمن القومي المصري.
وشدد اللواء محمد عبد الواحد على أن سيناريو تقسيم السودان يُعد من أخطر السيناريوهات المطروحة، مؤكدًا أن أي مساس بوحدة الدولة السودانية يفتح الباب أمام إنشاء كيانات هشة أو شبه دول على الحدود الغربية والجنوبية، وهو ما يعني فتح ممرات تهريب غير منضبطة تمثل تهديدًا بالغ الخطورة على مصر.
وأكد أن وجود دولة سودانية قوية وموحدة يعد ضرورة استراتيجية لمصر، ليس فقط لحماية الحدود، ولكن أيضًا للحفاظ على توازن شبكة العلاقات الإقليمية، محذرًا من أن تفكك السودان قد يعيد تشكيل التحالفات الإقليمية بطريقة تضر بالمصالح المصرية، خاصة في ما يتعلق بعلاقات بعض الأطراف مع إثيوبيا، بما قد يشكل ضغطًا إضافيًا على القاهرة في ملف مياه النيل.
وفي السياق ذاته، أوضح الخبير العسكري أن استقرار السودان يمثل ركيزة أساسية للأمن الإقليمي، لافتًا إلى أن أي حالة فوضى داخله قد تمتد إلى الإقليم بأكمله، خاصة وأن المنطقة تُعد من أكثر مناطق العالم هشاشة، وتشهد نزاعات حدودية ونزعات انفصالية، إلى جانب معدلات مرتفعة من الفقر والبطالة، ما يجعلها بيئة خصبة لعدم الاستقرار.
واختتم اللواء محمد عبد الواحد تصريحاته بالتأكيد على أن دعم مصر لمؤسسات الدولة السودانية والحفاظ على استقرارها ليس خيارًا، بل ضرورة استراتيجية لحماية الأمن القومي المصري وضمان استقرار الإقليم بأكمله.