سائل :هل ضرب الأطفال وسيلة تربية مشروعة في الإسلام؟
أكد العلماء أن الإسلام قام في أساسه على الرحمة والرفق في تربية الأبناء، وجعل النصح والتوجيه والحكمة أولى وسائل التقويم، ولم يجعل العقاب الجسدي أصلًا في التربية، بل رخّص فيه على سبيل الاستثناء، وضمن ضوابط دقيقة، وبعد استنفاد كل الأساليب التربوية الأخرى التي تقوم على الحوار والإقناع والتدرج.
الأدلة الشرعية على ضرب الأولاد وضوابطه
استدل العلماء بحديث النبي ﷺ:
«مُروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين، وفرّقوا بينهم في المضاجع»،
وهو حديث يدل على أن الضرب لا يُلجأ إليه إلا بعد سنوات من التعليم والتوجيه والصبر، وأنه وسيلة تأديب لا تعذيب، غايته الإصلاح والتقويم، لا الإيذاء أو الانتقام.
كما يستند العلماء إلى قول الله تعالى:
﴿ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ﴾،
وهي قاعدة عامة في الدعوة والتربية، تؤكد أن الأصل هو الحكمة واللين، لا الشدة والعنف.
آراء الفقهاء في ضرب الأولاد
بيّن الفقهاء أن جواز الضرب للتأديب ليس مطلقًا، بل مقيَّد بشروط واضحة:
• فالحنفية أجازوا الضرب بعد سن العاشرة للتأديب، بشرط ألا يكون مبرحًا أو مؤذيًا.
• وذهب المالكية إلى جواز الضرب الخفيف بعد استنفاد وسائل التربية الأخرى، على ألا يتجاوز حدًّا يسيرًا، وألا يكون في الوجه.
• وأجاز الشافعية الضرب غير الشديد إذا كان بعد النصح والتوجيه، وبقصد الإصلاح.
• وأكد الحنابلة أن الضرب لا يُلجأ إليه إلا كخيار أخير، ويشترط فيه ألا يكون مؤلمًا أو مهينًا.
ضوابط ضرب الأولاد في الإسلام
واتفق العلماء على جملة من الضوابط، من أهمها:
• أن يكون بعد فشل وسائل التربية الأخرى كالحوار والتوجيه.
• ألا يكون الضرب مبرحًا أو مسببًا للأذى الجسدي.
• تجنب الوجه، امتثالًا لهدي النبي ﷺ.
• ألا يتم أمام الناس صونًا لكرامة الطفل.
• ألا يكون بدافع الغضب، بل بقصد الإصلاح.
• أن يكون للتأديب لا للإهانة أو الإذلال.
وبناءً على ذلك، يقرر العلماء أن الإسلام لا يقر الضرب كوسيلة أساسية في التربية، وإنما يجعله استثناءً محدودًا تحكمه ضوابط صارمة، مع التأكيد الدائم على الرفق والرحمة وحفظ كرامة الطفل.
دينا أبو الخير تحذر: إهمال الأبناء ينعكس سلبًا على سلوكهم وأخلاقهم
حذرت الدكتورة دينا أبو الخير، الداعية الإسلامية من تداعيات إهمال الأبناء على سلوكهم وأخلاقهم، مؤكدة على ضرورة حرص الأب والأم على التربية والرعاية منذ الصغر.
الله سبحانه وتعالى منح الإنسان نعمة عظيمة
وقالت دينا أبو الخير خلال تقديمها برنامج "وللنساء نصيب" على قناة صدى البلد، إن الله سبحانه وتعالى منح الإنسان نعمة عظيمة تتمثل في الأبناء، وأن التقصير في تربيتهم يمثل إهدارًا لهذه النعمة، كما أن الآباء يتحملون مسؤولية كبيرة أمام الله عن أي تقصير في توجيه أبنائهم.
وتطرقت إلى تجربة شاب نشأ في بيئة عائلية مضطربة، ما أثر على سلوكه وأخلاقه وأدى إلى ابتعاده عن الدين، متسائلًا عما إذا كان سيحاسبه الله أم والديه.
وردت دينا أبو الخير بأن المسؤولية الأساسية تقع على الآباء، مشددة على أن التربية الصالحة تبدأ بأن يكون الوالدان قدوة حسنة في كل نواحي الحياة، مضيفة أن الاختيار الدقيق لشريك الحياة لا يقل أهمية عن القدرة على تربية الأبناء، مؤكدة أن عقوق الأبناء مرتبط مباشرة بتقصير الوالدين، لذا يُحاسب الأب والأم أولًا قبل الأبناء.
وفي وقت سابق، قال الدكتور أيمن أبو عمر، من علماء وزارة الأوقاف، إن العنف الذي نراه في المجتمع ما هو إلا انعكاس للعنف الداخلي داخل الأسرة، موضحًا أن “فاقد الشيء لا يعطيه، فمن لم يشبع بالحب والحنان داخل بيته، لن يستطيع أن يخرجه للناس”.
منبر الجمعة
وأوضح أبو عمر ببرنامج "منبر الجمعة"، المذاع على قناة الناس، اليوم الخميس، أن الطفل الذي يتربى على القسوة والعنف ينشأ بنموذج مشوه للعلاقات الإنسانية، فيمارس نفس القسوة التي تلقاها على من حوله، قائلًا: “لو والدي بيعاملني بعنف وشدة، أنا ده النموذج اللي شفته، وهطلع أطبقه مع الناس ومع الكون اللي عايش فيه”.
وعي الآباء
وأضاف أيمن أبو عمر أن العنف لا يكون بالضرب فقط، بل قد يكون نفسيًا من خلال القسوة في الكلمة أو الإهمال أو التقليل من شأن الأبناء دون وعي من الوالدين، مما يترك آثارًا نفسية عميقة، مؤكدًا أن “الطفل الذي يُكسر بالأسلوب القاسي يخرج للمجتمع بطاقة سلبية، قد تظهر في سلوكيات عدوانية أو تخريبية”.
وأشار الدكتور أيمن إلى أن الذكاء في التربية يكمن في الرفق والتقدير، موضحا:“ من الذكاء إنك تكبر ابنك، تديله مساحته، وتحسسه إنه إنسان له قدر وقيمة، لأنك لو كبرته في التعامل، هيكون كبير في التعامل بره البيت”.