وزير الأوقاف بندوة الإفتاء: الفتوى مسؤولية مؤسسية تعالج قضايا الواقع الإنساني
قال الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، في كلمة ألقاها نيابةً عن الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، خلال فعاليات الندوة الدولية للأوقاف بعنوان «الفتوى وقضايا الواقع الإنساني»، إن النظر المتأني إلى أهداف هذه الندوة يكشف عن كونها أهدافًا سديدة ورشيدة، تنطلق من إدراك واعٍ لطبيعة المرحلة وما تفرضه من تحديات فكرية وإنسانية متسارعة.
منهج علمي منضبط
وأوضح وزير الأوقاف أن الندوة تستهدف إرساء منهج علمي منضبط للتعامل مع القضايا الطارئة، من خلال العمل على إصدار دليل إجرائي لفتاوى الطوارئ، بما يسهم في ضبط الفتوى في أوقات الأزمات، مؤكدًا أن الفتوى مسؤولية مؤسسية قبل أن تكون اجتهادًا فرديًا.
أكد الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، أن الفتوى المعاصرة لم تعد تقتصر على استحضار النصوص الشرعية، بل باتت تتطلب فقيهًا واسع الأفق، عميق الصلة بالواقع الإنساني، قادرًا على فهم تحولات المجتمع وأسئلة الناس ونوازلهم، وتحويل مقاصد الشريعة إلى حلول عملية تسهم في مواجهة التحديات الإنسانية المعاصرة.
وأوضح وزير الأوقاف أن هذه الندوة تمسّ قضية جوهرية في تكوين الفقيه والمفتي، تتمثل في ضرورة الجمع بين التمكن من علوم الشريعة، والإحاطة بعلوم الواقع وأحوال الناس وأسواقهم ومعاملاتهم وتحولاتهم الاجتماعية، مشيرًا إلى أن الاجتهاد الرشيد لا يتحقق إلا ببصرٍ واسعٍ بالمجالات التي تنـزل عليها الأحكام الشرعية.
واستشهد الوزير بكلمات الأئمة الكبار، مؤكدًا أن الفقه الحقيقي يتجاوز حفظ القواعد إلى فهم الحياة، لافتًا إلى ما قرره الإمام الشافعي من أهمية معرفة “أيام الناس”، وما أشار إليه العلماء من أن مخالطة الناس، ومعايشة واقعهم، وفهم عاداتهم ومعاملاتهم، تفتح للفقيه أبوابًا واسعة من الفهم والاجتهاد السليم.
وأكد الدكتور أسامة الأزهري أن أهداف الندوة جاءت معبّرة بدقة عن احتياجات الواقع، حيث سعت إلى إبراز دور الفتوى المعاصرة كأداة علمية ومجتمعية في مواجهة الأزمات الإنسانية، وربط الفتوى بمقاصد الشريعة في حفظ النفس والدين والعقل والمال والنسل، وتحويل مبادئ الكرامة الإنسانية إلى آليات إفتائية قابلة للتنفيذ.
وأشار إلى أهمية الانتقال من الفتوى الفردية إلى سياسات فتوى مؤسسية، تُترجم الأحكام الشرعية إلى برامج عمل مستدامة، خاصة في مجالات الزكاة والوقف والكفارات والتكافل الاجتماعي، مع بناء مؤشرات لقياس أثر الفتوى في الواقع، وإعداد أدلة إجرائية لفتاوى الطوارئ والأزمات الممتدة.
كما شدد الوزير على ضرورة توظيف الفتوى في مواجهة قضايا الفقر والصحة والجوع، والتصدي للتحديات الفكرية والغزو الثقافي، مؤكدًا أهمية إبراز البعد الشرعي والإنساني للقضية الفلسطينية، والدفاع عن كرامة الإنسان وحقوقه المشروعة من خلال خطاب إفتائي رشيد ومتزن.
وأشار إلى أن من بين الأهداف الجوهرية للندوة مناقشة التحديات التي يفرضها الواقع الإنساني المعاصر، وما يشهده من أزمات وصراعات وتحولات متلاحقة، بما يستلزم تطوير أدوات الإفتاء، والانتقال من مفهوم انفراد الفتوى إلى سياسات الفتوى، القائمة على العمل الجماعي والتكامل بين العلماء والمتخصصين، بما يعزز الانضباط، ويصون مكانة الفتوى، ويحقق مقاصد الشريعة في خدمة الإنسان وحماية المجتمعات.
وأكد الدكتور أسامة الأزهري أن هذا التوجه يعكس حرص الدولة المصرية على بناء خطاب ديني رشيد، واعٍ بالواقع، ومتفاعل مع قضايا الإنسان، وقادر على تقديم إجابات شرعية متزنة تراعي الثوابت والمتغيرات، وتواجه التحديات الفكرية والإنسانية برؤية علمية مسؤولة.
واختتم وزير الأوقاف كلمته بالتأكيد على أن القضايا العادلة تظل حاضرة في وجدان الأمة، داعيًا الله تعالى أن يحفظ فلسطين وشعبها، وأن يرفع عنهم البلاء، وينصرهم نصرًا عزيزًا، ويتقبل شهداءهم، ويشفي جرحاهم، ويكتب لهم الفرج القريب، مشددًا على أن فلسطين ستظل قضية مركزية تحظى بالدعم والدعاء الصادق.

