عاجل

الإخوان وإشعال الحرب.. من يدير الصراع في السودان من خلف الستار؟

الحرب في السودان
الحرب في السودان

تعيش الساحة السودانية حالة من الارتباك السياسي والتصعيد الإعلامي، بعد تبادل التصريحات والبيانات بين رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان وجماعة الإخوان المسلمين، في توقيت بالغ الحساسية تشهده البلاد مع استمرار الحرب وتعقّد المشهدين العسكري والسياسي. 

هل يسيطر للإخوان على الجيش السوداني؟

فبينما سعى البرهان إلى نفي أي سيطرة للإخوان على الجيش السوداني أو توظيفهم في إدارة الصراع، جاء بيان الجماعة الأخير ليعيد فتح ملف نفوذ التيار الإسلامي داخل مؤسسات الدولة، ويطرح تساؤلات جدية حول طبيعة التحالفات القائمة، وتأثيرها على مسار الحرب وفرص التسوية. 

هذا الجدل المتصاعد لا يعكس مجرد خلاف سياسي عابر، بل يكشف عن أزمة أعمق تتعلق بدور الإخوان في الصراع السوداني، ومخاوف إقليمية ودولية من تحوّل الحرب إلى ساحة صراع أيديولوجي يهدد استقرار السودان والمنطقة بأكملها.

دور الإخوان في تصاعد الصراع في السودان

وفي التقرير التالي يرصد لكم موقع نيوز رووم، دور الإخوان في تصاعد الصراع في السودان:

قال الدكتور رأفت محمود، المتخصص في الشؤون الأفريقية، إن إحدى الإشكاليات الجوهرية المرتبطة بالصراع الدائر في السودان تتمثل في دور جماعة الإخوان المسلمين، التي أسهمت بشكل مباشر في الوصول إلى الوضع المتأزم الحالي، وكانت سببًا رئيسيًا في كثير من المآسي التي تعرض لها السودان في تاريخه الحديث.

وأوضح محمود في تصريجات خاصة لـ نيوز رووم، أن هذا التيار لعب دورًا محوريًا في تأجيج الصراعات الداخلية، بدءًا من إذكاء الحرب مع جنوب السودان، وصولًا إلى الانفصال، وهو ما ترك تداعيات عميقة على وحدة الدولة السودانية واستقرارها السياسي والجغرافي.

الجماعة تخوض المعركة الحالية في السودان

وأشار المتخصص في الشؤون الأفريقية إلى أن الجماعة تخوض المعركة الحالية في السودان بدافع الحفاظ على أحد أبرز معاقلها المتبقية في المنطقة، في ظل تراجع نفوذها ومحاصرتها في عدد من الدول الإقليمية، سعيًا لاستعادة ما يصفه بـ«الحصن الأخير» بعد سلسلة من الانتكاسات التي تعرض لها التنظيم خلال السنوات الماضية.

وأضاف محمود، أن التصريحات الأخيرة حول دور الجماعة تأتي في سياق توجه دولي متصاعد لمحاصرة التنظيم، لافتًا إلى أن هذا المسار يتقاطع مع التوجه الأمريكي الأخير الذي صنّف الجماعة كتنظيم إرهابي، ما يضع المشهد السوداني أمام تحديات سياسية وأمنية أكثر تعقيدًا.

وأكد المتخصص في الشؤون الأفريقية، المتخصص في الشؤون الأفريقية أن إشكالية هذا التيار تُعد أحد أبرز معوقات التحول نحو الاستقرار في السودان، وتمثل سببًا مباشرًا في تعقيد مسار الحرب الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، حيث أسهم وجوده في إطالة أمد الصراع وتعميق حالة الاستقطاب، مؤكدًا أن استمرار المعركة دون حسم، وعجز الجيش السوداني عن إنهائها سريعًا، يضع المؤسسة العسكرية أمام معضلة حقيقية في كيفية التعامل مع هذا التيار، خاصة أنه يشكل مصدر قلاقل داخلية لا يحتملها الجيش في ظل الظروف الراهنة.

علامات استفهام عديدة بشأن مستقبل التحول السياسي في السودان

ولفت إلى أن بقاء عناصر من هذا التيار داخل مؤسسات الدولة، ومشاركتهم في الصراع الحالي، يثير علامات استفهام عديدة بشأن مستقبل التحول السياسي في السودان، حتى في حال تمكن الجيش من حسم المعركة، كما يفسر تردد أطراف إقليمية ودولية في تقديم دعم واضح للمؤسسة العسكرية.

واختتم الدكتور رأفت محمود تصريحاته بالتأكيد على أن هذا التيار كان سببًا في مآسٍ متعددة للسودان، وأسهم في تغيير خريطته السياسية، نتيجة عدم اعترافه بمفهوم الدولة الوطنية الحديثة، وسعيه الدائم للحفاظ على مكاسبه السياسية، حتى وإن كان ذلك على حساب استقرار السودان ووحدة مكوناته.

قالت الدكتورة نجلاء مرعي أستاذة العلوم السياسية جامعة القاهرة والمتخصصة في الشأن الإفريقي، إن التطورات الأخيرة في السودان، لا سيما بعد السيطرة على مدينة الفاشر، تمثل نقطة تحوّل محورية في مسار الصراع، مؤكدة أن هذه السيطرة لا تعني نهاية الحرب بقدر ما تعكس انتقالها إلى مرحلة أكثر تعقيدًا وتركيبًا، حيث بات الصراع متعدد الأطراف ويتجاوز حدود السيطرة العسكرية على المدن إلى تنازع الهويات وبنية السلطة داخل الدولة السودانية.

مرحلة جديدة بعد إدراج الحركة الإسلامية في السودان ضمن قوائم التنظيمات الإرهابية

وأوضحت مرعي، في تصريجات خاصة لـ نيوز رووم، أن المشهد السياسي والميداني في السودان دخل مرحلة جديدة منذ إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إدراج الحركة الإسلامية في السودان ضمن قوائم التنظيمات الإرهابية، وهو القرار الذي أثار موجة واسعة من التساؤلات حول انعكاساته على الوضع الداخلي، سواء على مستوى التوازنات السياسية أو سير العمليات العسكرية.

وأضافت أستاذة العلوم السياسية، أن تصريحات الفريق عبد الفتاح البرهان، التي نفى فيها سيطرة جماعة الإخوان المسلمين على الجيش السوداني، فجّرت حالة من الجدل السياسي والإعلامي، قابلتها ردود متصاعدة من قيادات محسوبة على التيار الإسلامي، وصولًا إلى تصريحات علنية لقيادات سابقة، أكدت أن الحركة الإسلامية تلعب دورًا رئيسيًا في إدارة الحرب، وأن نسبة كبيرة من المقاتلين إلى جانب الجيش تنتمي إليها، وهو ما كشف عن حالة ارتباك وتناقض داخل المعسكر الداعم للمؤسسة العسكرية.

الحركة موجودة بالفعل على الأرض وتشارك في القتال بجانب الجيش

وترى الدكتورة نجلاء مرعي أن تصنيف الحركة الإسلامية كتنظيم إرهابي في هذا التوقيت من شأنه تعقيد الأزمة وإطالة أمد الحرب، لافتة إلى أن الحركة موجودة بالفعل على الأرض وتشارك، بشكل مباشر أو غير مباشر، في القتال إلى جانب الجيش، وأن هذا التصنيف قد يدفعها إلى مزيد من التصعيد باعتبارها مستهدفة من المجتمع الدولي، ما يفتح الباب أمام توتر متزايد بين الحكومة السودانية والفاعلين الدوليين، ويعرقل فرص الوصول إلى تسوية سياسية.

وأكدت المتخصصة في الشأن الإفريقي، أن قيادة الحركة الإسلامية لن تستسلم بسهولة لهذا المسار، وستسعى للحفاظ على نفوذها السياسي والعسكري، مشيرة إلى أن أي توجه نحو السلام لن يكون ممكنًا من جانبها إلا في حال توافر ضمانات حقيقية من القيادة السودانية والمجتمع الدولي بعدم ملاحقة قياداتها أو المساس بمصالحها مستقبلًا.

وشددت مرعي على أن المخرج الوحيد للأزمة السودانية يتمثل في إطلاق حوار وطني شامل لا يستثني أي طرف، وهو ما سبق أن دعا إليه الرئيس عبد الفتاح السيسي، مؤكدة أن الحل يجب أن يكون «سودانيًا–سودانيًا» بعيدًا عن منطق الإقصاء أو التصعيد، خاصة في ظل هذا التوقيت الحرج.

التحذير من نفوذ إخواني منظم داخل مؤسسات الدولة

وأشارت إلى وجود توجهات داخل بعض الدوائر الغربية ترى أن تصنيف الحركة الإسلامية جاء متأخرًا، معتبرة أن جزءًا كبيرًا من العنف وعدم الاستقرار في السودان يرتبط بدورها، وهو ما انعكس في نقاشات داخل البرلمان الأوروبي، حيث جرى التحذير من نفوذ إخواني منظم داخل مؤسسات الدولة، بما في ذلك الجيش والأجهزة الأمنية، الأمر الذي يهدد فرص استقرار السودان ويعزز من تمدد الأيديولوجيات المتشددة، بما يتعارض مع المصالح الأوروبية في المنطقة.

وأضافت أن اعتماد الجيش السوداني على بعض الكتائب ذات الخلفية الإسلامية، مثل كتيبة البراء بن مالك، التي نفت تصريحات البرهان وأكدت حضورها القوي في العمليات العسكرية، يعكس حجم التشابك بين المؤسسة العسكرية وهذه الجماعات، لافتة إلى أن الدعم الخارجي، بما في ذلك دعم إقليمي غير مباشر، ساهم في تحقيق بعض المكاسب الميدانية، لكنه في الوقت ذاته يفتح الباب أمام تحالفات إقليمية ودولية معقدة قد تهدد مصالح الغرب في السودان.

واختتمت الدكتورة نجلاء مرعي تصريحها بالتأكيد على أن الحرب في السودان لم تعد صراعًا عسكريًا تقليديًا، بل تحولت إلى صراع أيديولوجي وسياسي بامتياز، مشيرة إلى أن التصريحات المتبادلة بين قيادات الجيش والحركة الإسلامية تكشف عن أزمة حقيقية داخل التحالف القائم، وقد تكون مقدمة لتحولات أوسع في بنية هذا التحالف، خاصة في ظل الضغوط الدولية والإقليمية المتزايدة والتراجع الميداني الذي يشهده طرفا الصراع، كما أن تصريحات البرهان محاولة لإرضاء الجانب الغربي.

تم نسخ الرابط