عاجل
الكاتب الصحفي محمد
الكاتب الصحفي محمد الغريب

لم تكن مريومتي صاحبة الأعوام الثمانية حلمًا بالنسبة لي ولا لوالدتها، فقد كنا ننتظر (الابن البكري آدم) الذي أحضرنا لاستقباله ما لذ وطاب احتفاءً بولي العهد.

ورغم مؤشرات القدر وتلميحاته أنها فتاة كان للأطباء والعلم رأيهما المخالف لخبرات صاحبة الستين أو تكهنات طبيبة الوحدة الصحية التي ظنت أنني من وأدي البنات الكارهين للبشارة بهم.

لم يكن في أحلامنا التي ارتسمت لاستحضار ولي العهد في عائلة اعتادت أن ترزق بالذكور أن يكون لرغبة الجميع وفرحتهم استجابة وفرحة مؤجلة، فمع دقات الخامسة مساءً كان لصرخات طفلتي واقعها بالتزامن مع الصوت الملائكي للحنجرة الذهبية الشيخ عبدالباسط عبدالصمد وهو يجود في (محراب مريم) ما يجعلها بشارة ثالثة بخير أحاط بنا.

مرت الدقائق وأنا أخشى على طفلي وأمه مما يشاع عن خطورة العمليات وترقب السلامة لهما، ثم كان لوقع كلمات الطبيب: «انزل اشتريلنا حلق»، أثرها ودهشتها.. توقعاتها مزحة وأنا ممن تأكد أنه ولد قبل أن تكون بكريتي أول فاتحة خير لي وللمستشفى.

حملها من وراء زجاج ليؤكد لي أنها لم تكن مزحة، هي فتاة بل هي مريم، اسم كان يتردد على مسامعي وأنا أصلي ركعات المغرب الثلاث، وقد حضر في ذات الوقت لأمها وهي في غرفة العمليات، هي بشارة بنَباتٍ حسنٍ كما تمنت زوجة عمران، هي ابنة أبيها وأم أبيها كما وصف النبي محمد زهرته وقرة عينه، هي من هي وقد حملت رزقنا من السماء إلى الأرض.

أقولها وقد أفارق دنياي يومًا ما دون أن أوفي صغيرتي حقها، أن أزفها إلى من يصونها، أن ألبي لها ما تطمح إليه نفسها، أن أكون خير أب ورفيق لها:  «لم أعهد للرزق يومًا همًا يوم أكرمت بوالدتك وفاض الخير مذ عهدتك أمام أعيننا، قدر لنا من البركة أوسعها والخير أكرمه والرزق أيسره.. عاهدتك بارة بنا وبمن حولنا، فسخر لنا بك الطيب والجمال والأدب.. فشكرًا للواهب وبورك في موهوبنا، ورزقنا الله برك وأخيك».

إلى فؤادي وقرة عيني مريم (أحبك)

تم نسخ الرابط