تجهيزات دقيقة وضوابط صارمة.. حكاية غطاسون المجاري في فصل الشتاء
مع كل موجة أمطار غزيرة تتسارع الخطى فوق الأرض، هناك من يتقدم خطوة إلى الأسفل إلى عالم آخر مظلم، لا يعرفه المارة في الشوارع، إنهم غطاسو المجاري، رجال يعملون بصمت في قلب الخطر، وتختلط المياه المعتمة بممرات ضيقة لا يدخلها الضوء، بينما ينشغل الجميع بتفادي برك المياه، يهبط هؤلاء إلى الأعماق ليمنعوا شللاً محتملاً لحياة مدينة كاملة، إنهم الجنود المجهولون الذين يواجهون الطين والروائح والظروف القاسية، ليبقوا الطرق سالكة والصرف الصحي يعمل كما يجب.
تجهيزات دقيقة وضوابط صارمة لضمان سلامة غطاسي المجاري
أكد المهندس أسامة حامد إمام، مدير عام السلامة والصحة المهنية بشركة الصرف الصحي بالقاهرة، أن الشركة تولي اهتمامًا بالغًا بسلامة الغطاسين خلال أداء مهامهم تحت الأرض، خاصة خلال فترات سقوط الأمطار التي تتضاعف فيها المخاطر، موضحًا أن الغاطسين يحصلون على جميع مهمات وتجهيزات الأمان اللازمة قبل النزول لفتح "الشنايش" أو معالجة الانسدادات في الخطوط.
وأشار "حامد" في تصريح لموقع "نيوز رووم"، إلى أن الغطاس يرتدي بدلة غطس جافة تحميه بالكامل من مياه الصرف، موضحًا أنها مصممة لضمان سلامته الجسدية وعدم تسرب المياه إلى جسده، ما يوفر بيئة عمل أكثر أمانًا في هذه الظروف القاسية.
وأوضح مدير عام السلامة أنه يتم تزويد الغطاس بأجهزة اتصال صوتي تربطه مباشرة بالفريق الموجود على السطح، ليتيح معرفة موقعه واحتياجاته اللحظية بدقة، كما يتم تزويده بجهاز تنفس متصل بأسطوانة هواء أو بكومبروسر خارجي لضمان تدفق الأكسجين طوال فترة الغطس.
وأكد "حامد" ضرورة استخدام ونش إنزال وصعود متخصص "السيبيا" لضمان دخول وخروج الغطاس بأمان، بالإضافة إلى حزام أمان متصل بالمشرف أعلى المنهول، بحيث يمكن سحبه فورًا عند أي طارئ.
وأشار إلى أن مهمة الغطس لا تسند إلا إلى فرق مدربة تدريبًا متخصصًا ومعتمدة من جهات رسمية، وتحمل شهادات تؤهلها للعمل في بيئات صعبة مثل مياه الصرف والمياه "المعتمة"، مضيفًا: نحن لا نسعى فقط إلى إتمام المهمة، بل نحرص على إنهائها بالشكل الصحيح دون تعريض أي فرد للخطر".
حكايات داخل الأنفاق المظلمة
أكد محمد شعبان، أحد الغطاسين بشركة الصرف الصحي في القاهرة، أن العمل داخل الأنفاق المظلمة أسفل سطح الأرض يعد مهمة شديدة الخطورة، تحتاج إلى تأهيل عالٍ وتدريب دقيق، موضحًا أن أي تقصير قد يعرض حياة الغطاس للخطر.
وقال: "مش أي حد يقدر ينزل المياه دي، اللي بينزل لازم يكون متمكن من العوم وخاض تدريبات متدرجة للنزول في الأعماق. بنبدأ بـ10 أمتار ثم 20، وصولًا إلى 50 و60 متر، وكل ده بيتم على مراحل تحت أقصى درجات التأمين".
وأشار "شعبان"، في تصريحاته لـ "نيوز رووم"، إلى أن الرؤية تحت المياه تكون معدومة في أغلب الأحيان، ما يجعل الغطاسين يعتمدون على حواسهم وخبرتهم في التعامل مع المواقف الدقيقة، مضيفًا: "إحنا تحت ما بنشوفش حاجة.. بنشتغل بالإحساس. إيدك ودماغك هما دليلك.. أي خطأ بسيط ممكن يضيع حياتك.. الشغلانة محتاجة تركيز كامل".
فيما أوضح عماد حسن، أحد غطاسي شركة الصرف الصحي بالقاهرة، أن عمليات الغطس تتم تحت إشراف فريق كامل على السطح يتابع كل حركة ويوجه التعليمات لحظة بلحظة، ويتأكد من توفير عوامل الأمان قبل النزول، مضيفًا: "لو حد نزل من غير تأمين، مش هيطلع ، لازم يكون في معدات سلامة كاملة قبل أي خطوة."
وأكد "حسن" أن الشركة توفر بيئة عمل منظمة ودعمًا كاملًا للعاملين، مضيفًا: "كل واحد بياخد حقه، والشغل ماشي بنظام واضح يحافظ على سلامة الجميع.
