الإرهاب في غرب إفريقيا.. مقتل 96 شخصًا واختطاف 365 آخرين خلال نوفمبر
يواصل مرصد الأزهر لمكافحة التطرف متابعته الحثيثة لأنشطة التنظيمات الإرهابية في إفريقيا، وبخاصة منطقة الغرب والساحل الإفريقي التي تشكل إحدى أخطر بؤر الأزمات العالمية، حيث بلغت العمليات الإرهابية التي شنتها التنظيمات المحسوبة على "القاعدة" و"داعش"، خلال شهر نوفمبر الماضي 12 عملية إرهابية، أسفرت عن مقتل 96، وإصابة 48، واختطاف 365 آخرين.
الإرهاب في إفريقيا
بهذا يكون مؤشر العمليات الإرهابية في غرب القارة قد شهد خلال شهر نوفمبر ارتفاعًا طفيفًا مقارنة بالشهر السابق بنسبة 8.3 %، وهو ارتفاع انعكس مباشرة على حجم الخسائر البشرية؛ إذ زاد عدد الضحايا بنسبة 22.9 %، والمصابين بنسبة 27.1 %، مقارنة بشهر أكتوبر الذي سجل 11 عملية إرهابية أسفرت عن سقوط 74 ضحية، وإصابة 35 واختطاف 5 آخرين.
🔴 تطور خطير في أعداد المختطفين
اللافت في هذا الشهر، التطور الخطير في أعداد المختطفين وارتفاعهم من 5 فقط في أكتوبر إلى 365 حالة في نوفمبر، بزيادة غير مسبوقة تبلغ 98.6 %، وهو أعلى مستوى منذ بداية العام.
ويكشف هذا التحول عن تغير تكتيكي جذري لدى التنظيمات الإرهابية، خصوصًا في نيجيريا، باتجاه تكريس عمليات الخطف الجماعي بوصفها أداة للضغط السياسي، وابتزاز الحكومات، وتمويل النشاط المسلح، فضلًا عن استخدامها لترويع المجتمعات المحلية.
كما يعيد هذا التصاعد إلى الواجهة منهجية كلٍّ من "بوكو حرام" و"داعش غرب إفريقيا" التي تقوم على استهداف المدارس والقرى والطرق الريفية، بما يعكس انتقالًا من الهجمات القتالية التقليدية إلى هجمات قائمة على السيطرة المؤقتة وفرض الهيمنة المجتمعية عبر أخذ الرهائن.
🔴 التوزيع الجغرافي للهجمات
🔷نيجيريا
تصدرت نيجيريا هذا الشهر حيث تعرضت لـ 7 عمليات إرهابية من أصل 12، خلفت 17 قتيلًا و14 مصابًا، و361 مختطفًا، مما يبرز تحول البلاد إلى مسرح رئيسي لعمليات الخطف الجماعي، واستمرار ضعف الرقابة على المناطق الريفية في شمال شرقي البلاد.
🔷مالي
خلال هذا الشهر، كانت مالي الأكثر دموية، إذ شهدت 4 عمليات إرهابية أدت إلى مقتل 62 شخصًا، وجرح 100، إضافة إلى 4 حالات اختطاف.
وتُظهر هذه الأرقام أن هذا البلد الإفريقي يواجه هجمات أكثر عنفًا، غالبًا من جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" المرتبطة بتنظيم "القاعدة"، ما يعكس توسع العمليات الهجومية ضد القوافل ونقاط التفتيش بعد انسحاب قوات الأمم المتحدة.
🔷 النيجر
في حين سجلت النيجر عملية إرهابية واحدة فقط، لكنها خلفت 17 قتيلًا، و34 مصابًا، ما يعني أن الحدود مع نيجيريا ومالي ما زالت ممرًا مفتوحًا للتنظيمات المسلحة.
🔷 بوركينا فاسو
أما بوركينا فاسو والسنغال وبنين، لم يسجلوا أي نشاط إرهابي خلال الشهر، وهو مؤشر جيد يثبت استمرار حالة الاستقرار النسبي، لكنه لا يعني انتفاء التهديد.
🔴 جهود مكافحة الإرهاب
من حيث جهود مكافحة التنظيمات الإرهابية في منطقة غرب إفريقيا، فقد نفذت القوات الحكومية والإقليمية 5 عمليات عسكرية خلال شهر نوفمبر، وقد أسفرت تلك العمليات عن مقتل 118 عنصرًا إرهابيًا، واعتقال 73 آخرين.
وبالمقارنة مع شهر أكتوبر، كانت نتائج نوفمبر محدودة؛ إذ انخفضت العمليات العسكرية من 10 في أكتوبر إلى 5 في نوفمبر، كما تراجعت نتائجها من تصفية 187 إرهابيًا في أكتوبر إلى 118 في نوفمبر، مما يكشف تراجعًا واضحًا في الإنتاجية القتالية للقوات الإقليمية خلال الشهر. وهذا يعكس خفضًا لوتيرة العمليات المشتركة، ونقصًا في التنسيق بين الجيوش، علاوة على تركيز الجيوش على العمليات الدفاعية لا الهجومية.
🔴 دلالات الهجمات الإرهابية وفعالية العمليات العسكري
يتبيّن عند وضع المعطيات السابقة في سياقها الأشمل أن التحول في خارطة العنف خلال نوفمبر لا يمكن قراءته بمعزل عن التطورات التراكمية في الأشهر السابقة، ولكن كما هو موضح:
🔹 أولاً: ارتفاع عدد العمليات إلى 12 عملية، مقابل القفزة غير المسبوقة في أعداد المختطفين، يعكس انتقال التنظيمات المسلحة من هجمات ذات طابع قتالي مباشر (باهظ التكلفة) إلى عمليات تقوم على السيطرة الميدانية واستهداف المجتمعات المحلية بحثًا عن موارد مالية عبر الفدية (منخفض التكلفة)، وهو ما يتقاطع بوضوح مع الاتجاهات التي رُصدت سابقًا بشأن تراجع الفتك وازدياد الانتشار.
🔹 ثانيًا: التوسع في أنماط العنف يعمّق مظاهر هشاشة البيئة الأمنية، خاصة في ظل التفاوت بين نشاط الجماعات المسلحة وضعف الاستجابة العسكرية الإقليمية مقارنة بالشهر الماضي.
وفي ضوء التحول الخطير نحو عمليات الخطف الجماعي وتوسع نشاط الجماعات الإرهابية في غرب إفريقيا، يوصي مرصد الأزهر بما يلي:
🔹 تأسيس غرفة إنذار مبكر مشتركة بين دول الإقليم، تُعنى برصد تحركات الخلايا المسلحة، خصوصًا تلك المرتبطة بـ"بوكو حرام" و"داعش غرب إفريقيا".
🔹 تعزيز تأمين المدارس والقرى الواقعة ضمن أحزمة الهشاشة الأمنية، عبر نشر وحدات تدخل سريع، وتفعيل الدوريات المختلطة على الطرق الريفية.
🔹 دعم آليات تحرير الرهائن وتطوير قدرات التفاوض والأمن المجتمعي، بما يحدّ من قدرة الجماعات على استغلال المدنيين كورقة ضغط وابتزاز سياسي أو مالي.




