ما القصة وراء تدخل نيجيريا لإحباط انقلاب بنين والتخلي عن غينيا بيساو؟
كادت جمهورية بنين، أن تنضم إلى قائمة الدول التي شهدت انقلابات عسكرية خلال السنوات الـ5 الماضية، وذلك بعد مرور 10 أيام فقط، على التغييرات غير الدستورية في غينيا بيساو، لكن تدخل سريع من نيجيريا حال دون نجاح المحاولة.
محاولة انقلاب بنين
وظل الرأي العام في بنين، في اليوم التالي لمحاولة الانقلاب الفاشلة، يترقب قرار نيجيريا، خاصة أن الأخيرة لم تتدخل في غينيا بيساو رغم انقلاب مماثل، علمًا أن كلا البلدين عضو في المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إيكواس".

وتعرضت محاولة الانقلاب لرفض ميداني سريع، إذ اندلع إطلاق نار كثيف حول الميناء والقصر الرئاسي بعد إعلان المتمردين تحركهم، بينما شنت قوات الحرس الجمهوري الموالية للرئيس باتريس تالون هجومًا مضادًا لاستعادة المواقع الاستراتيجية.
وطلبت حكومة بنين دعم الجيش النيجيري، الذي تدخل بنشر طائرات مقاتلة وقوات برية لتأمين محطة التلفزيون الحكومية ومعسكر عسكري استولى عليه الانقلابيون.
تحركات جوية غير اعتيادية
رصدت مصادر ميدانية تحركات جوية غير مألوفة في أجواء بنين يوم الأحد، تضمنت دخول طائرتين تابعتين لسلاح الجو النيجيري بسرعة عالية، إحداهما قادمة من أبوجا والأخرى من لاغوس، كما نزلت طائرة نائب الرئيس النيجيري، كاشيم شيتيما، في بنين لمتابعة العمليات عن قرب.
وبرر الرئيس النيجيري بولا تينوبو التدخل قائلاً إن القوات المسلحة "وقفت بشجاعة للدفاع عن النظام الدستوري في بنين وحمايته، بدعوة من الحكومة البنينية"، مؤكدًا أن العملية ساعدت في استقرار الدولة المجاورة، وأنها جرت "ضمن بروتوكول إيكواس بشأن الديمقراطية والحوكمة الرشيدة".

تدخل إيكواس الفوري
أعلنت "إيكواس" عن نشر فوري لقوات من نيجيريا وسيراليون وساحل العاج وغانا لدعم الحكومة والجيش الجمهوري في بنين وحماية النظام الدستوري، موضحة أن قوة الاحتياط التابعة لها مكلفة بضمان السلام والاستقرار في المنطقة، على غرار ما حدث في غامبيا عام 2017.
وكان التدخل النيجيري مدعومًا جزئيًا باتصال هاتفي بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وتينوبو، حيث أكد ماكرون دعم فرنسا لمواجهة التهديدات الأمنية، ودعا شركاء دوليين آخرين لتكثيف مشاركتهم في المنطقة.
دلالات سياسية وأمنية
يرى محللون أن تحرك أبوجا يعكس مسؤوليتها كقوة إقليمية كبرى لتطويق "دومينو الانقلابات" بسرعة، مع ضمان دعم دولي لأي تدخل عسكري.
كما تنظر نيجيريا إلى بنين كشريك أساسي في تأمين حدودها الغربية ضد تهديدات الجماعات المتطرفة المرتبطة بتنظيمي القاعدة والدولة، والتي تنشط في شمال بنين والمناطق الحدودية مع النيجر وبوركينافاسو.

الجدير بالذكر، أن شمال بنين يتعرض لهجمات مسلحة متكررة، ففي أبريل الماضي تم قتل نحو 54 جنديًا في أكبر خسارة للجيش منذ بدء التوغلات الجهادية في المنطقة عام 2021، كما تستغل شبكات الجريمة الحدود المفتوحة لتهريب الأسلحة والمخدرات، مما يشكل تهديدًا أمنيًا مباشرًا لنيجيريا.
ويفسر هذا السياق الأمني والجيوسياسي سبب عدم تدخل نيجيريا في غينيا بيساو، التي لا تشترك معها بحدود برية، مما مكن قيادة عسكرية جديدة من السيطرة على البلاد يوم 26 نوفمبر، بعد أيام من إجراء الانتخابات في 23 نوفمبر، قبل أن يغادر الرئيس المنتهية ولايته عمر سيسوكو إمبالو البلاد إلى السنغال.



