عاجل

النقض تحسم مصير قتلة«طبيب الساحل».. رحلة استدراج الضحية إلى دفنه في عيادته

طبيب الساحل
طبيب الساحل

في تطور قضائي جديد، طالبت نيابة النقض برفض الطعون المقدمة من المتهمين في قضية مقتل الدكتور أسامة توفيق صبور، والمعروفة إعلاميا بـ«طبيب الساحل»، مؤكدة ضرورة تأييد الأحكام الصادرة ضدهم، وفصلت النيابة توصيتها بتأييد حكم الإعدام بحق المتهمين الرئيسيين أحمد شحتة علي أحمد، الطبيب صديق المجني عليه، وأحمد فرج عبدالباسط، عامل العيادة، إلى جانب تأييد الحكم الصادر بالسجن المشدد 15 عاما ضد المتهمة الثالثة إيمان محمد صالح، المحامية وصديقة المتهم الأول.

 

تحديد جلسة 27 ديسمبر المقبل للنظر في الطعن أمام محكمة النقض

 

وتم تحديد جلسة 27 ديسمبر المقبل للنظر في الطعن أمام محكمة النقض، في خطوة ستكون بمثابة الفصل الأخير في واحدة من أبشع جرائم القتل التي اهتز لها الوسط الطبي والمجتمع المصري بأكمله.

ولم يتوقف مسار القضية عند حد المحاكمة الجنائية، إذ أقام دفاع أسرة الطبيب دعوى قضائية أمام محكمة شمال القاهرة ضد وزير الصحة ومدير مستشفى معهد ناصر واستشاري العظام، مطالبين بتعويض قدره ثلاثة ملايين جنيه عن الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت بأسرة المجني عليه، مؤكدين أن الجريمة بدأت من داخل بيئة مهنية آمنة يفترض فيها الحفاظ على حياة الطبيب، قبل أن تنتهي بخطفه وقتله وسرقة متعلقاته وإخفاء جثمانه في حفرة داخل عيادته.

من التحقيقات إلى تفاصيل الجريمة

وكشفت حيثيات الجنايات التي صدرت برئاسة المستشار عبدالغفار جادالله، تفاصيل صادمة عن التخطيط والتنفيذ، مؤكدة أن الجريمة لم تكن وليدة لحظة غضب أو انفعال، بل مشروع قتل محكم بدأ من فكرة التخلص من الطبيب والاستيلاء على أمواله، وانتهى بقتله ودفنه داخل عيادته لمنع اكتشاف الجريمة.


فبحسب الأوراق، تلاقت إرادة المتهمين الثلاثة على قتل الطبيب، بعد أن قرر المتهم الأول، الطبيب الأزهري الذي تربى في مؤسسة تعليمية دينية وارتدى عباءة الطب والعلم، أن ينقلب على قيمه وصداقته ومهنته، وأن يستدرج زميله وصديقه إلى مصيره الأخير.

تولت المتهمة الثالثة الدور الأخطر، حيث كانت الوسيلة الأكثر ثقة بالنسبة للمجني عليه. اتصلت به بصفتها صديقة، مدعية أن والدتها مريضة وتحتاج إلى كشف منزلي عاجل، فاستجاب الطبيب بحكم مهنته وإنسانيته، دون أن يدرك أنه يتحرك في آخر زيارة لمريض في حياته.


في 4 يونيو 2023، أرسل عامل العيادة، المتهم الثاني، لاصطحاب الطبيب إلى الشقة التي استؤجرت خصيصا لتنفيذ الجريمة، وما إن دخل الضحية حتى أغلق الباب، وانقض عليه المتهمان، أحدهما شل حركته بالقبضة والآخر بصاعق كهربائي أخفى ملامحه بقناع، ثم حقنة مخدرة أفقدته القدرة على المقاومة.

بعد أن شلت إرادته تماما، استولى المتهمين على هاتفه ومبلغ مالي وبطاقاته الائتمانية، ثم بدأ الجزء الثاني من الجريمة، وتم نقله إلى المقبرة التي أعدت مسبقا في عيادة المتهم الأول، وهي حفرة تم تجهيزها بإحكام، ودفنها تحت غطاء أعمال بناء تم تنفيذها تدريجيا منذ مايو حتى يونيو، حتى لا يثير التغير في الأرضية شكوكا.

كلمة المحكمة الحاسمة

 

قالت المحكمة في حيثيات الحكم، إن المتهم الأول الذي تربى في الأزهر ودرس الطب، لم يكن سببا للشفاء بل للقتل والغدر، وإنه انحرف عن رسالته ومهنته واستولى على أموال صديقه ثم بادر للتخلص منه، مساعدة بالمتهمين الثاني والثالثة اللذين شاركاه الخطة والتنفيذ والإخفاء.

وأكدت الحيثيات أن الجريمة ارتبطت بالاحتجاز والتعذيب والحجز القسري وسرقة المنقولات، إلى جانب حيازة أدوات كهربائية ومخدرة دون سند قانوني، ما جعل المحكمة تقضي بأقصى العقوبة، مؤكدة أن دم الطبيب لم يذهب هدرا وأن القانون سينتصر مهما طال الزمن.

شهود كشفتهم الروائح والصدف

شهادات الشهود كانت بوابة كشف الجريمة، إذ تحدثت موظفة الاستقبال التي لاحظت تغيرات غريبة في أرضية غرفة المعمل بالعيادة، ثم صاحب العيادة المستأجر الذي شعر بالرائحة الكريهة تنبعث من الشرفة والغطاءات الأسمنتية، كما أكد عامل الأدوات البناء أنه دعي مرارا لتسليم مواد دون دخول أحد للشقة إلا المتهمين، في إشارة واضحة للتحضير الخفي للمقبرة.

كلمة النهاية

ومن المقرر أن تنظر النقض القضية في فصلها الأخير، بعد رحلة طويلة بدأت بجريمة قتل مكتملة الأركان، ثم كشف الغموض، فإعدام ثم طعن، وفي 27 ديسمبر المقبل، ينتظر أن يغلق ملف القضية بإقرار العقوبة النهائية التي ستحدد مصير القتلة الثلاثة. 
 

تم نسخ الرابط