الاستثمار الأجنبي في مصر مكاسب كبرى أم تهديد لأصول الدولة؟.. خبراء يجيبون
تشهد مصر خلال الفترة الأخيرة موجة متصاعدة من تدفق الاستثمارات الأجنبية، مع إعلان عدد من الصفقات الكبرى في قطاعات استراتيجية أبرزها العقارات، السياحة، اللوجستيات والطاقة، ما أعاد فتح النقاش حول تأثير هذه الاستثمارات على الاقتصاد الوطني، ومدى ارتباطها بما يتردد عن “بيع أصول الدولة”.
الاستثمار الأجنبي في مصر
ورغم الجدل الدائر، يؤكد اقتصاديون أن الاتجاه الحالي يعتمد على شراكات استثمارية طويلة الأجل تهدف إلى تعزيز النمو، وزيادة تدفقات النقد الأجنبي، وتوسيع قاعدة المشروعات القادرة على خلق فرص عمل.
وفي الوقت نفسه، تواجه الحكومة تساؤلات حول كيفية الموازنة بين جذب رؤوس الأموال من الخارج والحفاظ على ملكية وإدارة الأصول العامة، وسط تطلعات بأن يسهم هذا التدفق الاستثماري في تخفيف الضغوط الاقتصادية ودعم مسار الإصلاح في السنوات المقبلة.
تدفق الاستثمار الأجنبي في مصر
وفي التقرير التالي يرصد لكم موقع نيوز رووم آراء الخبراء والمتخصصين في أهمية تدفق الاستثمار الأجنبي في مصر:
علق الدكتور علي الإدريسي الخبير الاقتصادي، على التدفقات الاستثمارات الأجنبية في مصر خلال الفترة الماضية، مؤكداً أن مصر شهدت خلال الفترة الماضية ارتفاعًا ملحوظًا في التدفقات الاستثمارية الأجنبية المباشرة، مع دخول رؤوس أموال جديدة في مشروعات الطاقة، البنية التحتية، الخدمات، والعقارات، إلى جانب توسّع استثمارات عربية وخليجية بصورة خاصة.
واضاف الإدريسي في تصريحات خاصة لـ نيوز رووم، أن هذا التطور يعكس تحسنًا في ثقة المستثمرين في الاقتصاد المصري بعد تطبيق حزمة من الإصلاحات، وتحرير سعر الصرف، وتوسيع الشراكات الاستراتيجية مع دول المنطقة.
تعزيز احتياطيات النقد الأجنبي
وأكد الخبير الاقتصادي، أن ارتفاع تدفقات الاستثمار الأجنبي يساهم بشكل مباشر في تعزيز الاحتياطيات من النقد الأجنبي، وتخفيف الضغط على سعر الصرف، وفتح مجالات أكبر لتمويل المشروعات القومية، كما يدعم قدرة الدولة على خلق فرص عمل جديدة وتطوير قطاعات إنتاجية، وهو ما يساعد في رفع معدلات النمو وتعزيز قدرة الاقتصاد على جذب مزيد من الاستثمارات المستقبلية.
تأثيرها على ملكية الأصول الاستراتيجية
ولفت الإدريسي إلى أنه رغم إيجابيات التدفقات الاستثمارية، يبقى التخوف المشروع من تأثيرها على ملكية الأصول الاستراتيجية أو تركز الاستثمارات في مجالات مثل العقارات دون الصناعة، لكن الواقع أن غالبية هذه التدفقات موجهة لمشروعات إنتاجية طويلة الأجل، إلى جانب أن الدولة حافظت على سيطرة واضحة على الأصول السيادية، مع عدم المساس بالمرافق الحيوية المرتبطة بالأمن القومي.
القانون يضع قيودًا واضحة على الأصول الاستراتيجية
وأوضح الخبير الاقتصادي أن الدولة قادرة على تحقيق معادلة دقيقة بين جذب الاستثمارات الأجنبية والحفاظ على المصالح الوطنية، فالإطار التشريعي الحالي يمنح المستثمرين حوافز وتسهيلات، لكنه في الوقت نفسه يضع قيودًا واضحة على الأصول الاستراتيجية.
استراتيجية الحكومة الشراكة وليس البيع
وتابع أن التوجه الحكومي أصبح أكثر ميلاً نحو “الشراكة” وليس “البيع”، ما يضمن استمرار ملكية الدولة للأصول مع الاستفادة من رأس المال والخبرة الأجنبية.
الصفقات الكبرى في القطاع العقاري
وقال الدكتور كريم العمدة، الخبير الاقتصادي، إن توجه الحكومة خلال الفترة الأخيرة لعقد عدد من الصفقات الكبرى في القطاع العقاري والسياحي - ومن بينها مشروعا رأس الحكمة وعلم الروم - يأتي في إطار خطة استراتيجية تستهدف تعظيم العوائد الاقتصادية وزيادة الطاقة الاستيعابية للسياحة في مصر خلال السنوات المقبلة.
وأوضح العمدة في تصريحات خاصة لـ نيوز رووم أن الدولة تضع نصب أعينها هدفًا طموحًا يتمثل في الوصول إلى أكثر من 30 مليون سائح، وهو ما يتطلب توسعًا كبيرًا في إنشاء الفنادق والمنتجعات والبنية التحتية القادرة على استيعاب هذا التدفق السياحي الضخم، لافتا إلى أن عمليات الترويج السياحي لا تنجح دون وجود بنية تحتية قوية وحديثة تستجيب لمتطلبات السوق العالمية.
الصفقات ليست بيعًا لأصول الدولة كما يروّج البعض
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن هذه الصفقات ليست بيعًا لأصول الدولة كما يروّج البعض، بل هي شراكات استثمارية كاملة بين الحكومة والمستثمرين الأجانب، مؤكدًا أن الدولة أعلنت مرارًا أنها لن تبيع ممتلكاتها، وإنما تهدف إلى تعظيم الاستفادة منها عبر الشراكات.
واستشهد العمدة بنسبة مشاركة الدولة في مشروعي رأس الحكمة وعلم الروم والتي تصل إلى 35%، ما يعكس استمرار ملكية الدولة وحصولها على عوائد مباشرة من المشروعات.
المتوقع أن تضخ نحو 200 مليار دولار خلال عشر سنوات
وكشف العمدة أن الصفقات الأخيرة في هذا القطاع من المتوقع أن تضخ نحو 200 مليار دولار خلال عشر سنوات، وهو ما يمثل - بحسب وصفه - "عائدًا هائلًا" يعزز قوة الاقتصاد المصري، ويدعم خطط التنمية ويخلق فرص عمل ضخمة في قطاعات السياحة والإنشاءات والخدمات.