يسري جبر: النبي استشار علي وأسامة في زمن انقطاع الوحي
قال الدكتور يسري جبر، من علماء الأزهر الشريف، إن النبي صلى الله عليه وسلم استدعى سيدنا علي بن أبي طالب وسيدنا أسامة بن زيد عندما أستلبث5 الوحي، موضحًا أن معنى استبطأ الوحي هو مرور شهر كامل دون أن يعطيه الله تعالى أي علامة، «فلا رؤية يراها في المنام، ولا قرآن ينزل، ولا حتى إلهام داخلي يخبره ببراءة السيدة عائشة رضي الله عنها»، وفي هذا الوقت بدأ النبي صلى الله عليه وسلم يأخذ رأي كل من سيدنا علي وسيدنا أسامة في مسألة مفارقة السيدة عائشة أو تطليقها.
وأوضح الدكتور يسري جبر، خلال حلقة برنامج «اعرف نبيك»، المذاع على قناة الناس اليوم الجمعة، أن النبي اختار هذين الصحابيين تحديدًا لرجاحة عقلهما وقربهما منه، خاصة أن سيدنا أسامة كان النبي هو الذي ربّاه، وكان أبوه زيد بن حارثة مولى عند النبي فاعتقه وتبنّاه، ثم زوجه السيدة زينب بنت جحش، كما تزوج أبوه قبلها السيدة أم أيمن الحبشية ، وأنجب منها أسامة، مضيفا أن النبي «كان يحب أسامة حبًا شديدًا حتى كانوا يقولون عنه: حب النبي وابن حبه»، وكان يجلسه على حجره ويضع على الحجر الآخر الحسن والحسين ويقول: اللهم إني أحبهم فأحبّ من أحبهم، أما سيدنا علي، فكان النبي يحبه ويثق في حكمته وعدله.
أهلك يا رسول الله
وذكر الدكتور يسري جبر أن سيدنا أسامة أشار على النبي صلى الله عليه وسلم بما يعلم في نفسه من الود لأهل بيته، فقال: «أهلك يا رسول الله، ولا نعلم والله إلا خيرًا»، داعيًا النبي إلى الإمساك بأهله وعدم الالتفات إلى ما يُقال، معتبرًا ذلك مجرد لغو لا ينبغي أن يحزن النبي.
وتابع يسري جبر: أما سيدنا عليّ، ولأن فيه جانب القضاء ظاهرًا، فقد نظر أولًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم والحزن الذي بدا في قلبه، وكلّمه «كلام رجل لرجل»، وقال له: «إن كانت لك زوجة وخرج عليها كلام يؤذيك، فالنساء غيرها كثير، فطلّقها وتزوج غيرها»، ثم أراد عليّ أن يبرّ السيدة عائشة فسأل النبي أن يستحضر من هي ملاصقة لها دائمًا، وهي بريرة خادمتها، لأنها الأجدر بمعرفة تفاصيل حياتها اليومية.
وبيّن الدكتور يسري جبر أن النبي دعا بريرة وقال لها: «يا بريرة، هل رأيتِ فيها شيئًا يريبك»، أي هل رأيتِ ما يشكك في سلوك السيدة عائشة، فأجابت: «لا والذي بعثك بالحق ما رأيت منها أمرًا أغمصه عليها»، موضحًا أن «إن» هنا نافية كما في قوله تعالى: «إن أنت إلا نذير» أي ما أنت إلا نذير، وأضافت بريرة أنها لم ترَ منها شيئًا يُنتقد سوى أنها فتاة حديثة السن، إذ كانت أحيانًا تنام عن العجين الذي تعجنه، فتأتي الداجن «معزة أو دجاجة منزلية» فتأكله، وهذا كان الشيء الوحيد الذي يضايقها منها.