من المسبح إلى صالة الكاراتيه.. التفاصيل الكاملة لوفاة طفلين بسبب غياب الإنقاذ
لم يأتِ بمخيلة أحد أن تتحوّل بطولات الجمهورية ساحات فجيعة، لا عجبَ فالموت لم يعد قادمًا من الشوارع فحسب، وإنما صار يختبئُ في الملعب، وداخل المسبح، وداخل كل بطولة يُفترض أنها تصنع البطل لا تقتله.
طفلان في عمر الزهور حملا اسمًا واحدًا وموهبة واحدة وروحًا تتوق للبطولة، لكنهما رحلا بالطريقة ذاتها؛ إهمال صارخ وإنقاذ غائب ودموع أمهات لم تجف بعد.
ففي أسبوع واحد فقط، عادت وقائع الإهمال الرياضي إلى الواجهة بقوة، بعد رحيل السباح الواعد يوسف محمد "12 عامًا"، ولاعب الكاراتيه يوسف أحمد "13 عامًا"، في مشهد كشف انهيار منظومة السلامة داخل البطولات الرسمية، وهزّ الشارع المصري من الألم والغضب.
يرصد لكم "نيوز رووم" في التقرير التالي القصة الكاملة للواقعتين من لحظة السقوط الأولى حتى فتح التحقيقات مرورًا بصوت الأهالي وصرخة الغضب التي اجتاحت منصّات التواصل.

القصة الكاملة لوفاة السباح يوسف عبدالملك
شهد ستاد القاهرة الدولي مساء الثلاثاء حادثًا مأساويًا انتهى بوفاة السباح الصغير يوسف محمد عبدالملك، لاعب نادي الزهور، البالغ من العمر 12 عامًا، خلال مشاركته في بطولة الجمهورية للسباحة تحت 12 سنة.
إغماء مفاجئ.. واصطدام قاتل
بدأت القصة حين أنهى يوسف سباق 50 متر ظهر، قبل أن يسقط داخل المسبح إثر تعرضه لحالة إغماء مفاجئة، ارتطمت بعدها رأسه بحافة المسبح، ما أدى إلى فقدان وعيه الكامل.
وبحسب شهادات المتواجدين، فإن يوسف ظل في المياه دقائق عدة دون ملاحظة من الحكام أو المنقذين، إلى أن اكتشف أحد زملائه وجوده غارقًا في القاع، فأبلغ الحكم، لكنها ــ وفقًا لرواية الأم ــ أخبرته بأنه "مفيش حد" وأكملت السباق.

غياب الإسعاف وانتقادات عنيفة
عندما أُخرج الطفل من الماء لم يجد فريق إسعاف مجهزًا، ولا طبيبًا متخصصًا، ولا أجهزة إنعاش.
نُقل إلى مستشفى دار الفؤاد المجاور لاستاد القاهرة لكن محاولات الإنعاش المتكررة فشلت ليعلن الأطباء وفاته.
النيابة تدخل على الخط.. وتحقيقات موسعة وتحفظ على الكاميرات
انتقلت نيابة مدينة نصر إلى موقع الحادث، وبدأت معاينة حمام السباحة الأولمبي، وتحفظت على كاميرات المراقبة.
كما تم استدعاء المدير التنفيذي للاتحاد المصري للسباحة لفحص المستندات الرسمية الخاصة بتسلم مجمع حمامات السباحة، وتحديد مدى التزام البطولة بمعايير السلامة، وعدد المنقذين، وتجهيزات الإسعاف.
وزارة الشباب والرياضة من جانبها أعلنت إحالة الواقعة كاملة إلى النيابة العامة، وتشكيل لجنة للتحقيق الإداري في مدى تطبيق "الكود الطبي" داخل البطولة.
صدمة الأسرة.. الأب يحدد موعد الدفن والأم تروي تفاصيل اللحظات الأخيرة
أكد والد الطفل، لـ"نيوز رووم"، أنه استلم جثمان ابنه من مشرحة زينهم، وأن الدفن تم في بورسعيد بعد صلاة الفجر.
أما الأم، حيث أشعلت صرخاتها مواقع التواصل وفجّرت مفاجآت صادمة حين قالت: "20 حكمًا موجودين ومع ذلك محدش شاف ابني!".
وأضافت: "ابني فضل تحت المياه 10 دقايق ومفيش منقذ واحد"، و"عربية الإسعاف فاضية.. لا جهاز إنعاش ولا أكسجين"

لاعب الكاراتيه "يوسف أحمد".. مأساة سبقت الغرق ولم يُحاسب أحد
قبل مأساة السباح يوسف، كانت هناك مأساة أخرى أكثر قسوة، لكنها مرّت بلا تحقيقات، للطفل يوسف أحمد مصطفى (13 عامًا) لاعب الكاراتيه، الذي انهار داخل بطولة الجمهورية للكاراتيه يوم 10 فبراير 2025، بعد انقطاع نفسه وسقوطه على أرض الملعب دون أي وسيلة إسعاف.
"يوسف أحمد".. سقط في الصالة وخرج في سيارة نقل موتى
صرخت والدة الطفل يوسف في منشور عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي " فيس بوك" قائلة: "لم يكن هناك جهاز إنعاش، ولا طبيب، ولا مسعف.. وتم نقله بـ سيارة نقل موتى!
دخل يوسف في غيبوبة 41 يومًا كاملة، ثم توفي يوم 21 مارس يوم عيد الأم.
وقالت كلمتها التي هزّت الجميع: "ابني حافظ كتاب الله وملتزم ورياضى، ومع ذلك مات ومحدش فتح تحقيق.. ليه ابني اتنسى؟"

والدة يوسف أحمد تستغيث بالرئيس: «ولادنا بيموتوا في البطولات»
كما طالبت بفتح تحقيق رسمي في الواقعتين معًا، مؤكدة أن قضية ابنها لم تلقَ أي اهتمام، ولم تُحاسب أي جهة عن غياب الإنقاذ داخل بطولات رسمية كبرى.
وقالت في رسالتها: «حق ابني مش هيعود.. بس لازم ينجي ابن أم تانية.. أنا أم موجوعة».

وزارة الرياضة تعد بالتحقيق وإعلان المسؤولين
أكد متحدث وزارة الرياضة محمد الشاذلي أن هناك مسارين متوازيين للتحقيق للتحقيق في ملابسات وفاة يوسف محمد؛ المسار الأول هو قرار وزير الشباب والرياضة الذي تم توقيعه بإحالة الواقعة برمتها وكل تفاصيلها بالمنقذين والمدربين وكل مفردات منظومة السباحة في مصر إلى النيابة العامة، وبالفعل النيابية العامة تحركت وتفريغ الكاميرات وبدء التحقيقات الفورية مع الناس، ومسار ثانٍ للتحقيق من قبل وزارة الرياضة وتتعلق بالشبهات الإدارية وليست الجنائية في الواقعة.
وأشار إلى أن هناك اشتراطات لتنظيم السبق يتعلق بعدد المنقذين وعدد المسعفين وسيارة الإسعاف المجهزة، لافتةً إلى أنه كان هناك اتصال بين وزير الرياضة ورئيس هيئة الإسعاف المصرية الذي تحدث عن تفاصيل محاولة إنقاذ اللاعب وعملية إنعاش قلبه لأربع مرات دون جدوى.
وشدد متحدث وزارة الرياضة قائلًا: «أطمئن والد ووالدة يوسف أن حقه هيرجع».
وأكد متحدث وزارة الرياضة أن كل من يثبت تورطه في عدم تطبيق اللائحة الطبية واشتراطات الإنقاذ أثناء السبق وتنظيم البطولة سيتم معاقبته.

لم يمر موت يوسفَي الرياضة في مصر مرور الكِرام، وإنما كان بمثابة جرس إنذار لأزمة أعمق تختص بإثارة الجدل حول تأمين حياة أطفالنا داخل الملاعب والمسابح.
وطالب الجمهور والأهالي عبر منصات التواصل الاجتماعي بمحاسبة المسؤولين، وبتطبيق اللائحة الطبية على كل البطولات بلا استثناء.



