ما هي نتائج اللقاء بين ماكرون ونظيره الصيني في بكين؟
شدد الرئيس الصيني شي جين بينج على أن العالم اليوم يبتعد أكثر فأكثر عن السلام، وذلك خلال اللقاء الذي جمع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في العاصمة الصينية بكين،
وأكد شي دعم بلاده للمساعي الرامية إلى تحقيق السلام في أوكرانيا، داعياً إلى بناء علاقة "أكثر استقراراً" مع فرنسا خلال محادثاته مع ماكرون في قاعة الشعب الكبرى.
وأوضح الرئيس الصيني أن بلاده مستعدة للتعاون مع فرنسا من أجل منع أي تدخل وتعزيز استقرار الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين.
ماكرون: نعمل على إزالة الخلاف بين فرنسا والصين
من جانبه، شدد ماكرون على ضرورة أن يعمل الجانبان على تجاوز اختلافاتهما، قائلاً: "أحياناً تنشأ اختلافات، لكن مسؤوليتنا تكمن في تخطيها خدمة للمصلحة العامة"، بحسب ما نقلت وكالة فرانس برس.
وأضاف ماكرون: "علينا أن نواصل العمل دعماً للسلام والاستقرار عبر العالم، وفي أوكرانيا، وفي مختلف المناطق التي تعاني من النزاعات".
ودعا ماكرون كذلك إلى زيادة الاستثمارات بهدف إعادة التوازن للعلاقات التجارية بين باريس وبكين، وحث شي على التعاون مع دول مجموعة السبع لدعم نظام اقتصادي قائم على القواعد.
زيارة ماكرون للصين
الجدير بالذكر أن زيارة ماكرون الحالية تمثل رابع زيارة رسمية له إلى الصين منذ توليه الرئاسة في عام 2017، وسيلتقي خلالها أيضاً رئيس الوزراء لي تشيانج في قاعة الشعب الكبرى، قبل توجهه إلى مدينة تشنجدو حيث تمت إعادة زوج من حيوانات الباندا اللذين كانت الصين قد أعارهما لفرنسا.
ويحاول ماكرون الضغط على شي للمساعدة في التوصل إلى وقف لإطلاق النار في أوكرانيا مع دخول الحرب عامها الرابع.
وتتهم دول غربية بكين بتقديم دعم اقتصادي أساسي لروسيا، لا سيما عبر تزويدها بمكونات تستخدم في الصناعة الدفاعية، بينما تجدد الصين التأكيد على أنها تدعم الحوار والسلام واحترام وحدة أراضي الدول، لكنها لم تُدن موسكو منذ بداية غزوها لأوكرانيا عام 2022.
وتأتي زيارة ماكرون التي تستمر ثلاثة أيام عقب زيارة قام بها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى باريس، حيث دعا أوروبا إلى الوقوف بقوة إلى جانب كييف، في وقت يدفع فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بخطة لإنهاء الحرب.

واستقبل شي جين بينج الرئيس الفرنسي الخميس في زيارة رسمية هي الرابعة لماكرون، بينما تحاول أوروبا إيجاد توازن بين ما تعتبرها تهديدات اقتصادية وأمنية مصدرها الصين وبين اعتمادها المتواصل على ثاني أكبر اقتصاد في العالم، في ظل اضطرابات تشهدها التجارة العالمية.
ورأى ماكرون خلال لقائه شي، أن التعاون مع الصين "ضرورة أساسية" لإنهاء الحرب في أوكرانيا، مضيفاً: "علينا أن نستمر في العمل من أجل السلام والاستقرار في العالم، وفي أوكرانيا، وفي المناطق المتأثرة بالنزاعات. فإمكانات التعاون بيننا عنصر أساسي"، وفق صحيفة "لوموند" الفرنسية.
وحظي ماكرون باستقبال رسمي كبير، شمل استعراض حرس الشرف خلال مراسم احتفالية. وقد استهل زيارته بجولة في المدينة المحرمة ، على أن يلتقي شي مجدداً في تشنجدو في مقاطعة سيشوان الجمعة.
وذكرت وكالة "بلومبرج" أن أحد أبرز أهداف ماكرون خلال هذه الزيارة هو معالجة ما يصفه بـ"اختلالات التجارة العالمية"، حيث بلغ العجز التجاري لفرنسا مع الصين نحو 47 مليار يورو أي 55 مليار دولار عام 2024 وفق بيانات وزارة الخزانة الفرنسية، ليسعى ماكرون إلى جذب استثمارات صينية أكبر إلى فرنسا، التي تتركز صادراتها للصين في قطاعات الطيران والمنتجات الفاخرة.
عدم استفزاز بكين
وأكد محللين، أن ماكرون حاول سابقاً إظهار الموقف الأوروبي كجبهة موحدة في التعامل مع بكين، مع الحرص في الوقت ذاته على عدم إثارة غضب الصين.
وقال نواه باركين، المحلل المختص بالشأن الصيني في مجموعة روديوم، لوكالة رويترز إن على ماكرون أن يوضح للقيادة الصينية أن أوروبا ستواجه التهديدات الاقتصادية والأمنية المتزايدة من جانب بكين، من دون أن يتسبب ذلك في إشعال حرب تجارية أو انهيار العلاقات الدبلوماسية، مؤكدًا أن إيصال هذه الرسالة ليس بالأمر السهل.
وجاءت زيارة ماكرون بعد رحلة شهدت توتراً لرئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في يوليو، حيث قالت إن العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والصين تمر بمرحلة انعطاف.
زيارة أوروبية جديدة إلى الصين
ومن المتوقع أن يزور كل من رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والمستشار الألماني فريدريش ميرتس الصين مطلع العام المقبل.
وتشهد العلاقات التجارية بين أوروبا والصين تصاعداً في التوتر، خصوصاً مع ارتفاع تدفّق السلع الصينية منخفضة التكلفة، ولا سيما في قطاع الصلب، إلى أسواق صناعية أوروبية واسعة.



