أوقاف الوادي الجديد تنظم ندوة توعوية بالمدارس حول "خطورة التنمر والسخرية"
استضافت مدرسة ناصر الابتدائية التابعة لإدارة الخارجة التعليمية ندوة دينية توعوية تثقيفية تحت عنوان "خطورة التنمر والسخرية".
جاءت الندوة برعاية الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، وتحت الإشراف المباشر والمتابعة الدقيقة للشيخ رمضان يوسف صالح، مدير مديرية أوقاف الوادي الجديد، وقد ألقى الندوة الشيخ حمدي فتحي كامل، الإمام بإدارة أوقاف الخارجة.
وتناول الشيخ الموضوع، مؤكدًا أن التنمر ليس مجرد سلوك سيئ وحسب؛ بل هو اعتداء على كرامة الإنسان التي كرمها الإسلام، موضحًا أن السخرية جزء من التنمر اللفظي الذي يترك آثارًا نفسية عميقة، وقد استشهد بالدليل القرآني الواضح الذي يُعد مرجعية في هذا الباب، وهو قوله تعالى: {ويل لكل همزة لمزة}.
كما استشهد بالآية الكريمة التي تؤسس لاحترام الآخرين بغض النظر عن الشكل أو الأصل، وهي قوله تعالى في سورة الحجرات: {يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيراً منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون}.
واستدل بالحديث النبوي الشريف الذي يشدد على حرمة إيذاء الآخرين، حيث قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:
(لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبع بعضكم على بيع بعض وكونوا عباد الله إخوانا المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره التقوى هاهنا - ويشير إلى صدره ثلاث مرات - بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم).
وشرح كيف أن التنمر والسخرية يؤديان إلى تدمير الذات، والعزلة، وفقدان الثقة بالنفس لدى المتنمر عليه، وأنه يغرس العدوانية في نفس المتنمر، داعيًا الجميع إلى تضافر الجهود لترسيخ ثقافة الاحترام والمحبة، مشيرًا إلى أن المدرسة هي خط الدفاع الأول ضد هذا السلوك.
عقب الشرح، فُتح باب المناقشة الذي شهد تفاعلاً كبيرًا من قبل الطلاب وأعضاء هيئة التدريس، طرح أحد الطلاب سؤالاً جوهريًا: "ماذا أفعل إذا تعرضت للسخرية من زملائي؟ هل أرد عليهم بنفس الطريقة؟" فأجاب الشيخ: "لا ترد بالمثل أبدًا، عليك أن تتبع منهج النبي صلى الله عليه وسلم، أولًا: اطلب المساعدة من معلمك أو ولي أمرك، ثانيًا: تذكر أن قيمتك الحقيقية لا يحددها رأي الآخرين، وأن الله أمرنا بالعفو والصبر كما قال تعالى: {ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور}.
وفي سياق متصل بسلوك الطلاب، استفسر طالب آخر: "هل إطلاق الألقاب المضحكة على زملائنا يعتبر تنمرًا؟" فأكد الشيخ أن هذا ما حذر منه القرآن صراحة بقوله: {ولا تنابزوا بالألقاب}، مشيرًا إلى أن أي لقب لا يحبه الشخص هو سبب للحزن والألم، ومحرم شرعًا لأنه يكسر خاطر أخيه المسلم.
ومن جانب أعضاء هيئة التدريس، جاء استفسار عملي حول كيفية إدارة الموقف: "كيف يمكننا كمعلمين التفريق بين المزاح البريء والتنمر الذي يستوجب العقاب؟" فأجاب الشيخ: "الفيصل هو النية والأثر؛ فالمزاح البريء لا يقصد به الإهانة ويضحك الجميع، أما التنمر فيقصد به إيذاء مشاعر شخص بعينه، ويدل عليه تكرار الفعل، والضحك عليه وحده، ويجب على المعلم أن يكون حازمًا مع التنمر لأنه يدمر البيئة التعليمية"، وهكذا قدم الشيخ إجابات شافية وكافية لكل التساؤلات، مؤكدًا على ضرورة ترسيخ ثقافة الاحترام والرحمة.
وفي ختام الندوة، طالب الحاضرون، من أعضاء هيئة التدريس والمعلمين والتلاميذ، باستمرار وتوسيع مثل هذه الفعاليات الهامة والتوعوية، وأكدوا أن مبادرة "صَحِّح مفاهيمك" تُعد ضرورة وطنية تسهم في بناء جيل متوازن نفسيًا وأخلاقيًا، وأنهم يرغبون في مزيد من اللقاءات التي تعالج القضايا السلوكية والاجتماعية الملحة.
ومن جانبه، وجه الشيخ رمضان يوسف صالح، مدير مديرية أوقاف الوادي الجديد، بتوسيع نطاق هذه المبادرات والفعاليات وتكثيفها في جميع مدارس المحافظة، خدمة للدين والوطن والمجتمع. وأكد الشيخ رمضان أنه لن يدخر جهدًا في توجيه الأئمة والإدارات الفرعية لتكثيف العمل على هذه المبادرة الوطنية الرائدة.
