حديث جبريل عن مواقيت الصلاة: لماذا علينا الالتزام بأوقات الفرائض الخمس؟
يغفل الكثيرون عن الحكمة من مواقيت الصلاة، ولماذا هي خمس، وسر البدء بالفجر والانتهاء بالعشاء وكلاهما من أوقات الليل، وفي الحديث عن مواقيت الصلاة يقول الدكتور هاني تمام عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر تحت عنوان: «باب المواقيت… حين يعلّم جبريل الأمة معاني الوقت»: «المواقيت ليست مجرد أرقام على الساعة، ولا لحظات عابرة تمر بين شروق الشمس وغروبها. بل هي مواعيد من السماء، خُصّ بها العبد ليقابل ربه، ويصقل قلبه، ويصحو على نور الله في كل يوم. يعلّمنا حديث سيدنا جبريل عليه السلام كيف كانت الصلاة مرتبطة بالوقت: «يا محمد، الصلاة خمس، وأداؤها في وقتها… الوقت ما بين هذين».
وتابع: كلمات بسيطة لكنها تحمل أسرارًا عميقة: أن لكل صلاة وقتها، وأن حضور القلب في اللحظة المناسبة هو ما يفيض بالنور على النفس، فما معنى مواقيت الصلاة والحكمة منها؟
🌄 الفجر… بداية النهار وحضور القلب
قال الله تعالى: «فَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا» (الإسراء: 78)
وبين: طلوع الفجر الصادق هو لحظة يقف فيها العبد على عتبة يوم جديد… ينفتح القلب للخير، وتستيقظ النفس على حضور الله، والملائكة يشهدون هذا اللقاء الصادق.
☀️ الظهر… ميل الشمس وميل القلب للتوازن
عندما تزول الشمس عن كبد السماء، يعلو الإنسان على شغف الدنيا، لكنه يُذكّر بأن القوة من الله وحده، حديث جبريل: صلى النبي ﷺ الظهر حين زالت الشمس وفي اليوم التالي حين صار ظل كل شيء مثله.
الظهر وقت الموازنة، حين ينكسر وهج النهار ويحتاج القلب إلى وضوء الله، فتعود الروح إلى رشدها.
⏳ العصر… اختبار الصبر والثبات
حين يصبح ظل كل شيء مثله، يبدأ العصر، وقت يُعلّم العبد الصبر، ويختبر انتظام قلبه بين مشاغل الحياة وذكر الله.
من حافظ على العصر، حمى قلبه من الغفلة، ومن لم يحافظ فقد خسر لحظة نور الله.
🌇 المغرب… الغروب وطيّ النهار
عند غروب الشمس، يبدأ وقت المغرب.
وهو وقت قصير، يعلّم المبادرة، ويذكر أن اللحظات الثمينة تمر سريعًا.
حديث جبريل يعلّمنا أن النبي ﷺ صلى المغرب عند الغروب مباشرة، فهذا وقت التذكر والاعتراف بفضل الله قبل أن يسكب الليل ستاره على الكون.
🌌 العشاء… غياب الشفق ونهاية النهار
يبدأ بعد غياب الشفق الأحمر، الضوء الأخير للنهار، والشفق الأحمر علامة انتقال النهار إلى الليل، ومعه يحين وقت العشاء.
حديث جبريل: صلى النبي ﷺ العشاء حين غاب الشفق، وفي اليوم الثاني حتى ثلث الليل.
قال الله تعالى: «وَأَقِمِ الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ» (البقرة: 43)
العشاء يعلّم الصبر، الانفراد بالله، وصفاء القلب… وكأن الليل كله مهيأ للذين أحبّوا لقاء ربهم.
السلوك والحكمة في مواقيت الصلاة عند السادة الحنفية
المواقيت هي ميثاق بين العبد وربه:
حضور القلب مع الله في كل لحظة.
تنظيم الحياة على أساس عبادة الله.
حفظ النفس من الغفلة، وضبطها على مدار اليوم.
واختتم عضو هيئة التدريس بالأزهر قائلًا: «حديث سيدنا جبريل يعلّمنا أن الوقت ما بين أوله وآخره… فإذا أدرك العبد الوقت، أدرك المقصود: سلامة قلبه، ونور يومه، وخير آخرته».


