لماذا لم يَأذن الله للنبي أن يستغفر للسيدة آمنة عليها السلام؟.. أزهريون يوضحون
وسط الجدل حول استغفار النبي لأمه آمنة بنت وهب، والحديث عن حكم والدي النبي صلوات ربي وسلامه عليه، يتساءل الكثيرون: لماذا لم يَأذن الله للنبي أن يستغفر للسيدة آمنة عليها السلام؟
نجاة أبوي النبي صلى الله عليه وسلم
ورغم ذهاب البعض إلى القول بأن أبوي النبي في النار، لم يتوقف علماء المسلمين عن الرد على هذه الأكذوبة والتأكيد على أنهما من أهل الفطرة وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن ابنًا لمشركين كما يزعمون، حيث شددت دار الإفتاء على أن القول بنجاة أبوَي النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو القول الحق الذي استقرت عليه كلمة المذاهب الإسلامية المتبوعة، وهو قول المحققين من علماء المسلمين سلفًا وخلفًا، وهو الذي انعقدت عليه كلمة علماء الأزهر الشريف عبر العصور، وعليه الفتوى بدار الإفتاء المصرية.
كما حققه مفتي الديار المصرية الأسبق العلامة الشيخ محمد بخيت المطيعي، والتي ذكر فيها أن مَن زعم أن أبوَي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ليسا مِن أهل الإيمان: [قد أخطأ خطأً بيِّنًا يأثم ويدخل به فيمن آذى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولكن لا يُحكَم عليه بالكفر؛ لأن المسألة ليست من ضروريات الدِّين التي يجب على المكلَّف تفصيلها. هذا هو الحق الذي تقتضيه النصوص وعليه المحققون من العلماء].
وقد سلك علماء الأمة في إثبات هذا القول عدة طرق؛ أهمها:
- أن موتهما كان قبل البعثة، ومَن مات ولم تبلغه الدعوة كان ناجيًا؛ لقوله تعالى: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾ [الإسراء: 15].
- أنهما كانا على الحَنِيفِيَّةِ السمحة؛ كما قال تعالى: ﴿وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ﴾ [الشعراء: 219] فوجب ألَّا يكون أحدٌ مِن أجداده صلى الله عليه وآله وسلم مشركًا.
- أن الله تعالى أحياهما لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم فآمَنَا به، واحتجوا لذلك بأحاديث ترتقي بمجموعها إلى الحسن.
أما حديث: «إن أبي وأباك في النار» فقد حكم عليه جماعة من النقاد بالشذوذ، أو أن الراوي رواه بالمعنى فخلط فيه، والصواب رواية: «إذا مررت بقبر كافر فبشره بالنار».
وشددت الإفتاء: فلْيتقِ اللهَ أولئك الأدعياء ولْيخشَوا لَعْنَة وإيذاءَ حبيبه صلى الله عليه وآله وسلم المستوجب لِلَعْنِ فاعله، ولْيعلموا أنه لا ينبغي ذكر هذه المسألة إلا مع مزيد مِن الأدب مع مقام حضرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
حديث «استأذنت ربي في أن استغفر لأمي فلم يأذن لي»
يقول الدكتور يسري جبر، من علماء الأزهر في بيان لماذا لم يَأذن الله للنبي أن يستغفر للسيدة آمنة عليها السلام؟، إن الجواب لعدم حاجتها للاستغفار، موضحاً أنه في هذه الفترة لم يكن هناك تشريع ولا رسالة جاءت إليها، فهي بريئة الذمة، متسائلًا: «هتستغفر لها لإيه؟.. استغفر لأمتك بقى، أمك متقلقش عليها.. دي آمنة».
وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم «استأذنت ربي في أن أزور قبر أمي فأذن لي، واستأذنت ربي في أن استغفر لأمي فلم يأذن لي»، فلماذا لم يأذن ربنا لسيدنا محمد أن يستغفر لأمه؟، يقول الدكتور أحمد البصيلي عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر: إن الاستغفار معناه إن فيه مخالفة، مشددًا: «والله إن السيدة آمنة مظلومة معانا.. دي أم النبي».
وتابع: «استغفار يعني فيه مخالفة، ومخالفة يعني في قانون هي خالفته، فبنص هذا القانون حكمنا عليها أنها خالفت وهذه المخالفة تستوجب استغفارا، طيب مفيش قانون أصلًا، لأن السيدة آمنة كانت من أهل الفترة ولم يرسل إليهم رسول. قال الله لسيدنا محمد: « لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ».
وأكد «البصيلي» أن السيدة آمنة لم تخاطب بقانون السماء، ولم يرسل لها ربك رسولا. ولم تخاطب بقانون الوحي، فكيف نحكم عليها أنها خالفت فتحتاج إلى استغفار؟!»، مضيفًا : «فتخفيفا من الله؛ وطمأنة من الله؛ وتشريفا من الله؛ وتعظيما من الله لمقام حضرة سيدنا محمد كأن الله يريد أن يقول لسيدنا محمد هون على نفسك يا حبيبي فإن آمنة عندي صديقة لم تقترف جناية ولم ترتكب مخالفة فلا تستغفر لها فهون على نفسك».
وأكمل: « هذا الحديث جاء في معرض المدح للسيدة آمنة، إخواننا البعدا بيستخدموه الآن ضد السيدة آمنة وهو أصلا سيدنا النبي بيمدح فيه السيدة آمنة. كما قال سيدنا محمد: أنا دعوة أبي إبراهيم وبشارة أخي عيسى ورؤيا أمي فقد رأت حين حملت بي نورًا أضاء لها قصور الشام يعني تخيل لما سيدنا النبي يحط أم السيدة آمنة مع سيدنا إبراهيم ومع سيدنا عيسى.. معناها ايه؟ معناها أن السيدة آمنة هي أشرف أم عرفتها البشرية، لأنها حملت باشرف موجود عرفه الوجود.



