عاجل

حديث «إن الله إذا استودع شيئا حفظه».. معناه وحكم دعاء «اللهم إني أستودعك نفسي»

دعاء المسافر
دعاء المسافر

دعاء اللهم إني استودعتك نفسي وأهلي، من الأدعية التي يحرص الكثيرون عليها، فعند السفر دائما ما يقول المسلم: «استودعكم الله الذي لاتضيع ودائعه مسافر»، فهل هذه الأدعية جائزة وما صحة حديث «إن الله إذا استودع شيئا حفظه»؟

حديث «إن الله إذا استودع شيئا حفظه»

كشف الدكتور جمال الأكشة الأستاذ بجامعة الأزهر عن صحة حديث: «إن الله إذا استودع شيئا حفظه»، حيث روي عن عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"إِنَّ اللهَ إذا اسْتُوْدِعَ شيئًا حفظَهُ". أخرجه مطولاً النسائي في السنن الكبرى، وابن حبان باختلاف يسير، والبيهقي واللفظ له.

كما روي عن عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" كان إذا ودَّعَ رجلًا أخذَ بيدِه، فلا يَدَعُها حتَّى يكونَ الرَّجلُ هوَ الَّذي يَدَعُ يدَه و يقولُ : أستَودِعُ اللهَ دِينَكَ ، و أمانتَكَ ، و خَواتيمَ عملِكَ". أخرجه أبو داود، والترمذي، وابن ماجه باختلاف يسير.

روي عن عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"قال لقمانُ: إنَّ اللهَ تعالى إذا استودعَ شيئًا حَفِظَهُ وإنِّي أستودعُ اللهَ دينَك وأمانتَك وخواتيمَ عملِك".

وروي عن عبدالله بن يزيد الخطمي - رضي الله عنه - أنه قال:"كان النَّبيُّ ﷺ إذا أراد أنْ يَستودِعَ الجيشَ ، قال: أَستَودِعُ اللهَ دينَكم ، وأمانتَكم ، وخواتيمَ أعمالِكم". أخرجه أبو داود ، والنسائي في السنن الكبرى، وابن السني في عمل اليوم والليلة.

شرح حديث «إن الله إذا استودع شيئا حفظه»

في هذه الأحاديث الشريفة عَلَّمَنَا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ جميلَ الآدابِ ومَحاسِنَ الأخلاقِ ، ومِن ذلك آدابُ السَّفَرِ ، وكيفيَّةُ الدُّعاءِ عندَ الخُروجِ ، وكيفيَّةُ تَوديعِ المُسافِرِ ، ومن ذلك قوله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: {إنَّ اللهَ إذا استُودِعَ شيئًا}، أي: إذا دَعاهُ عَبْدُه بحِفظِ شَيءٍ ، وجَعلِه وديعةً عِندَه ، {حَفِظَه} لصاحِبِه الذي استَودَعَه عِندَه ؛ وذلك أنَّ اللهَ تعالى هو خيرُ الحافظينِ.

وفي حَديثِ عَبدِ اللهِ الخَطْميِّ رضِيَ اللهُ عنه ، قال: {كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذا أرادَ أنْ يَستودِعَ الجيشَ قال: أستودِعُ اللهَ دِينَكم وأمانتَكم وخواتيمَ أعمالِكم}، وهي حُسنُ الخاتمةِ ؛ لتَكُونَ عاقِبَتُه مأْمُونةً في الدُّنيا والآخِرَةِ ، وكلَّ شَيءٍ يَحتاجُ الإنسانُ إلى حِفظِه ؛ فإنَّه يَسألُ اللهَ عزَّ وجَلَّ ذلك ، وهو في حَقِّ المسافِرِ أَوْلى ؛ لأنَّ في السَّفَرِ مَشقَّةً وخوفًا ، وهُما سَببانِ مِن أسبابِ إهمالِ بعضِ أُمورِ الدِّينِ ، والتَّقْصيرِ في بعضِ العباداتِ.

وقول ابن عمر{كان النبي إذا ودع رجلا أخذ بيده فلا يدعها}أي فلا يترك يد ذلك الرجل من غاية التواضع وغاية إظهار المحبة والرحمة.

{حتى يكون الرجل هو الذي يدع يد النبي صلى الله عليه وسلم }فيه كمال الاستسلام والخلق الحسن مع الأنام.{ويقول}أي للمودع{استودع الله دينك}أي استحفظ وأطلب منه حفظ دينك ، والدين شامل للإيمان والاستسلام وتوابعهما ، فإلقاؤه على حاله أولى من تفسيره بالإيمان ؛ لأن السفر لمشقته وخوفه قد يصير سببا لإهمال بعض أمور الدين.

{وأمانتك)أي حفظ أمانتك فيما تزاوله من الأخذ والعطاء ومعاشرة الناس في السفر إذ قد يقع منه هناك خيانة ، وقيل: أريد بالأمانة الأهل والأولاد الذين خَلَّفَهُم ، وقيل: المراد بالأمانة التكاليف كلها ، كما فسر بها قوله تعالى {إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا}[الأحزاب: آية٧٢]..

{وخواتيم عملك} جمع خاتم أي : ما يختم به عملك ، أي أخيره ، والجمع لإفادة عموم أعماله.

قال الطيبي: "قوله أستودع الله هو طلب حفظ الوديعة، وفيه نوع مشاكلة للتوديع وجعل دينه وأمانته من الودائع ؛ لأن السفر يصيب الإنسان فيه المشقة والخوف فيكون ذلك سببا لإهمال بعض أمور الدين فدعا له صلى الله عليه وسلم بالمعونة والتوفيق ، ولا يخلو الرجل في سفره ذلك من الاشتغال بما يحتاج فيه إلى الأخذ والإعطاء والمعاشرة مع الناس ، فدعا له بحفظ الأمانة والاجتناب عن الخيانة ، ثم انقلب إلى أهله يكون مأمون العاقبة عما يسوءه في الدين والدنيا".

تم نسخ الرابط