عاجل

أطفال يصرخون في صمت.. العنف الأسري داخل البيوت يتفاقم وخبراء يكشفون الأسباب

العنف الأسري
العنف الأسري

يشهد المجتمع المصري في السنوات الأخيرة تصاعدًا مُقلقًا في معدلات العنف الأسري، خصوصًا العنف الموجّه ضد الأطفال على يد الآباء أو الأمهات. ورغم الجهود الحكومية والتشريعية، ما تزال منصات التواصل الاجتماعي تنقل كل أسبوع تقريبًا قصة جديدة لضحايا صغار لم يجدوا حماية داخل البيت الذي يُفترض أن يكون الملاذ الآمن لهم.

العنف الأسري في البيوت 

وفي التقرير التالي يرصد لكم موقع نيوز رووم، أسباب تفاقم ظاهرة العنف الأسري داخل البيوت المصرية:

مؤسسات حماية الطفل

تشير تقديرات مؤسسات حماية الطفل إلى أن العنف الأسري أصبح أكثر علانية، إذ تزايدت البلاغات إلى خط نجدة الطفل مع انتشار فيديوهات وتسجيلات تكشف الضرب المبرح، والإيذاء النفسي، والحبس داخل المنازل، كما أن الأطفال غالبًا لا يمتلكون القدرة على الشكوى أو الهروب، ما يجعلهم الفئة الأكثر هشاشة داخل الأسرة.

أبرز حالات العنف خلال الفترة الأخيرة

1- أب يعتدي على طفله بسبب الدروس: وكشفت إحدى المحافظات عن فيديو متداول لأب يقوم بضرب طفله بعنف باستخدام عصا خشبية بسبب “تراجع مستواه الدراسي”، ما أدى لإصابته بكدمات ونقل الطفل إلى المستشفى. تم تحرير محضر والقبض على الأب.

2- طفل مُقيد بالحبال داخل منزله: تدخلت الشرطة بعد بلاغ من الجيران لإنقاذ طفل عُثر عليه مقيد اليدين داخل غرفة صغيرة لمعاقبته على “الخروج من المنزل دون إذن”. والدة الطفل اعترفت بأنها “تحاول تهذيبه”، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية.

3- اعتداء يؤدي إلى فقدان الوعي: واقعة صادمة لطفلة في العاشرة تعرّضت لضرب مبرح على يد والدها مما أدى إلى فقدانها الوعي ودخولها العناية المركزة. التحقيقات أظهرت أن الأب “كان يعاقبها بسبب كسر كوب زجاج”.

تداعيات خطيرة على الأطفال والمجتمع

العنف الأسري لا يترك فقط آثارًا جسدية، بل يتسبب في:

اضطرابات نفسية (قلق – اكتئاب – عزلة)

سلوكيات عدوانية مستقبلًا

تراجع المستوى الدراسي

فقدان الثقة بالنفس

تكرار العنف في الأجيال التالية

خط نجدة الطفل… الملاذ الأخير

يستقبل خط نجدة الطفل 16000 آلاف البلاغات سنويًا، ويتدخل في الحالات الطارئة بالتعاون مع الشرطة والنيابة العامة.
كما أطلقت الحكومة حملات للتوعية بالتربية الإيجابية وتشديد العقوبات على المعتدين داخل الأسرة.

لكن الخبراء يؤكدون أن حماية الأطفال تحتاج إلى:

زيادة حملات التوعية

تعزيز دور المدارس في الإبلاغ

تشديد الرقابة القانونية

توفير مراكز دعم نفسي مجانية

قانون العقوبات يطبق على كل حالات العنف

من جانبه قالت النائبة عبلة الهواري، عضو لجنة الشؤون التشريعية بمجلس النواب، إن العنف الأسري لا يختلف في جوهره عن أي شكل آخر من أشكال العنف، موضحة أن قانون العقوبات يطبق على كل حالات العنف دون تمييز، سواء كان العنف صادرًا من داخل الأسرة أو من الشارع، فالعقوبة واحدة ولا تفرّق بين الفاعلين.

وأضافت الهواري، في تصريحات خاصة لـ"نيوز رووم"، أن القوانين وحدها ليست كافية للقضاء على العنف الأسري، مؤكدة أن التشريعات عملية معقدة ومتشابكة، ولا يمكن التعامل معها باعتبارها الحل الوحيد.

التوعية المجتمعية هي السلاح الأقوى

وأشارت إلى أن التوعية المجتمعية هي السلاح الأقوى، خاصة في ظل وجود العديد من المؤسسات المعنية بالمرأة والطفل، مثل المجلس القومي للمرأة والمجلس القومي للطفولة والأمومة والمجلس القومي لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى الجمعيات الأهلية.

وشددت على أن هذه المؤسسات يجب أن تقوم بدور فعّال على الأرض، من خلال وضع استراتيجيات واضحة لتوعية الأسر والمجتمع، مؤكدة أن تأثير الوعي سيكون أقوى وأعمق من أي قانون.

تكاتف جميع مؤسسات الدولة

وأوضحت أن دور التشريع يأتي بعد نشر الوعي الكافي، من خلال تشديد العقوبات وتغليظها لضمان الردع.

واختتمت الهواري تصريحاتها قائلة إن مواجهة العنف الأسري تتطلب تكاتف جميع مؤسسات الدولة، بدءًا من وزارة الأوقاف والكنائس، مرورًا بالمدارس ومراكز التعليم، وصولًا إلى الإعلام، حتى تتشكل منظومة وعي مجتمعي تحاصر العنف وتحد من انتشاره.

العنف الأسري أثر بشكل كبير على المجتمع

ومن جانبها قالت النائبة امل سلامة عضو مجلس النواب، إن ظاهرة العنف الأسري انتشرت بشكل كبير في الأسر خلال الآونة الأخيرة مما أثر بشكل كبير على المجتمع.

وأضافت سلامة، في تصريحات خاصة لـ نيوز رووم، أن العنف الأسري زاد بشكل كبير على الأبناء من قبل الآباء، والذين من المفترض أن يكونوا مصدر الأمان بالنسبة للأبناء، مؤكدة أنها طالبت بعمل ندوات توعوية للآباء والأمهات لتثقيفهم وتعليمهم كيف يقومون بتربية أبنائهم بشكل صحيح حتى تكون الأسرة المصرية في أمان واستقرار وبدون عنف.

مشروع قانون جديد لمكافحة العنف الأسري

وأكدت سلامة أنها سوف تتقدم بمشروع قانون جديد لمكافحة العنف الأسري خلال دور الانعقاد القادم، وأن المشروع سيتضمن للمرة الأولى تجريم ضرب الآباء للأبناء باعتباره شكلاً من أشكال العنف غير المقبول داخل الأسرة.

وشددت عضوة مجلس النواب، على أن العنف مرفوض في كل العلاقات الأسرية، سواء بين الزوج وزوجته أو بين الإخوة أو بين الآباء وأبنائهم، مشيرة إلى أن الضرب لا يجوز أن يُبرر تحت ذريعة "التأديب أو التربية"، وخاصة وأن بعض الحوادث الأخيرة كشفت عن انتهاكات خطيرة بحق الأطفال، وصلت إلى حد الحبس والتعذيب داخل المنازل، وهو ما يستوجب مواجهة حاسمة بالقانون لحماية حقوق الأطفال ومنع تكرار مثل هذه الجرائم.

أي خلل يطرأ على منظومة الأسرة هو انعكاس مباشر لحالة الخلل المجتمعي

قال الدكتور سامي أيوب، أستاذ علم النفس الاجتماعي، إن أي خلل يطرأ على منظومة الأسرة هو انعكاس مباشر لحالة الخلل المجتمعي، خاصة في ظل الارتفاع المتسارع في الأسعار خلال الفترة الأخيرة، والذي ترك تأثيرًا واضحًا على أمن واستقرار العديد من الأسر المصرية.

وأوضح أيوب، في تصريحات خاصة لـ«نيوز رووم»، أن ارتفاع الأسعار يضع ضغوطًا نفسية واقتصادية شديدة داخل الأسرة، خصوصًا مع عجز كثير من الآباء عن تلبية احتياجات أبنائهم. وأضاف أن المجتمع المصري بطبيعته يمتلك عادات وتقاليد خاصة، ترتبط بمواسم وأعياد ومناسبات اجتماعية تمثل التزامات مالية إضافية على رب الأسرة، وهو ما يزيد العبء النفسي والاقتصادي.

وأشار أستاذ علم النفس الاجتماعي إلى أن تراكم الضغوط والمطالب مع محدودية الدخل مقارنة بالمصروفات يؤدي إلى حالة من التوتر المستمر داخل الأسرة. وهذا التوتر – وفقًا له – يتحول تدريجيًا إلى صراعات، تتطور لاحقًا إلى خلافات أسرية حادة، وهي البيئة الخصبة لظهور الأنماط المختلفة من العنف الأسري.

تدفع صاحبها لارتكاب جرائم بحق أسرته

وأكد أيوب أن من بين أخطر نتائج هذا الضغط النفسي الشديد وصول بعض الآباء إلى حالات مرضية تعرف في علم النفس تدفع صاحبها لارتكاب جرائم بحق أسرته، مثل قتل الأبناء والانتحار بدافع "حمايتهم" من المستقبل، وهو ما يعكس انهيارًا نفسيًا كاملًا ناتجًا عن تراكم الضغوط وفقدان القدرة على تحملها.

تم نسخ الرابط