إمام بالأوقاف: الإسلام رسخ لاحترام كبار السن.. وقصة خولة مع الفاروق عمر نموذجا
أكد الشيخ عبد الرحيم محمد علي، إمام وخطيب بمديرية أوقاف أسوان، أن احترام الكبار خلق عظيم من أخلاق الإسلام، قلَّ وجوده في واقع كثير من الناس اليوم، رغم ما له من أثر بالغ في تهذيب النفوس واستقامة المجتمعات.
سمة بارزة في حياة الصحابة
وأوضح عبد الرحيم أن خلق احترام كبار السن وتقديرهم كان سمة بارزة في حياة الصحابة الكرام رضوان الله عليهم، يستقونه من هدي النبي صلى الله عليه وسلم، الذي ربط بين تعظيم الكبير وتعظيم شعائر الله عز وجل.
موقف أمير المؤمنين عمر بن الخطاب مع خولة بنت ثعلبة
وأشار الشيخ عبد الرحيم إلى الموقف المضيء الذي جمع بين السيدة خولة بنت ثعلبة رضي الله عنها وأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حين استوقفته في الطريق وهو أمير المؤمنين، فوقف لها منصتًا، رغم مسؤولياته الجسيمة ومكانته الكبيرة, فأخذت تعظه وتذكره بأيامه قبل الخلافة، وتقول له في معنى كلامها:
كنت تُدعى «عميرًا»، ثم صرت «عمر»، ثم أصبحت «أمير المؤمنين»، فاتقِ الله يا عمر؛ فإنه من خاف الوعيد قرُب عليه البعيد، ومن خاف الموت خشي الفوت، ومن أيقن بالحساب هان عليه العذاب.
وأوضح الشيخ عبد الرحيم أن ما يلفت النظر في هذا الموقف ليس كلمات خولة وحدها، بل موقف عمر رضي الله عنه؛ إذ لم يغضب، ولم يتضجر، ولم يتكبر، بل وقف يستمع إليها بإجلال واحترام حتى فرغت من حديثها، فلما حاول بعض الصحابة أن يذكروه بمقامه وهيبته، قال لهم كلمته الخالدة:«دعها، ويلَك، أتدرون من هذه؟ هذه امرأةٌ سمع الله قولها من فوق سبع سماوات»، في إشارة إلى نزول صدر سورة المجادلة في شأنها.
وأضاف الشيخ عبد الرحيم محمد علي أن هذا النموذج العملي يجسد قمة التوقير لكبار السن، واحترام أصحاب الفضل، والإنصات لحكمتهم، وعدم الترفع عليهم بالمناصب أو الجاه أو السلطة، مبينًا أن سيدنا عمر، وهو الخليفة العادل، جعل من وقوفه أمام امرأة كبيرة في السن شرفًا لا ينقص من قدره، بل يزيده رفعة عند الله وعند الناس.
صحح مفاهيمك
وأكد أن وزارة الأوقاف، من خلال مبادرة «صحح مفاهيمك»، تحرص على تصحيح المفاهيم المغلوطة التي أدت إلى تراجع قيمة احترام الكبير في بعض الأوساط، مشددًا على أن الإسلام ربط بين الإيمان وحسن التعامل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يُوَقِّرْ كَبِيرَنَا، وَيَرْحَمْ صَغِيرَنَا، وَيَعْرِفْ لِعَالِمِنَا حَقَّهُ».
الدعوة والإعلام الديني
واختتم إمام أوقاف أسوان حديثه بالتأكيد على أن إحياء خلق احترام كبار السن وتوقيرهم، في البيت، وفي المسجد، وفي الشارع، وفي كل مؤسسات المجتمع، هو جزء أصيل من رسالة الدعوة والإعلام الديني الرشيد، داعيًا الأسر والمربين إلى غرس هذا الخلق في نفوس الأبناء منذ الصغر، حتى تظل مجتمعاتنا محافظة على أخلاقها وقيمها الأصيلة، متسقة مع أهداف حملة وزارة الأوقاف «صحح مفاهيمك» في بناء الإنسان وإعادة الاعتبار للقيم الإسلامية الراقية.



