عاجل

مع تكرار وقائع العنف الأسرى

جدل تشريعي حول مدى فاعلية القوانين المنظمة لعلاقة الآباء والأبناء بالمجتمع

العنف الاسري
العنف الاسري

مع تكرار وقائع العنف بين أفراد الأسرة في الآونة الأخيرة، عاد الجدل القانوني والاجتماعي حول مدى كفاية التشريعات المصرية الحاكمة لعلاقة الآباء بالأبناء، والأبناء بالآباء، خصوصا في الحالات التي تصل إلى حد الضرب أو الطرد من المنزل، وبين من يرى أن النصوص الحالية توفر حماية كافية، ومن يؤكد أنها تحتاج لتعديل وتفعيل أشمل، يبقى السؤال: هل قوانيننا الحالية قادرة على منع العنف الأسري وضبط العلاقة بين أفراد الأسرة؟

العنف الأسري
العنف الأسري

تصريح المحامي محمد عبدالعال لـنيوز روم:


قال المحامي محمد عبدالعال في تصريح خاص لـ"نيوز روم" إن المنظومة التشريعية تقر حماية صريحة للأطفال ولجميع أفراد الأسرة، عبر قانون الطفل رقم 126 لسنة 2008، ونصوص قانون العقوبات التي تُجرّم أي اعتداء بدني، حتى وإن كان بسيطًا. وأوضح أن القانون يتعامل مع أي واقعة ضرب أو جرح على أنها جريمة يعاقب عليها، سواء صدرت من أب تجاه ابنه أو العكس، مؤكدا أن المجلس القومي للطفولة والنيابة العامة يملكان التدخل الفوري في حالات العنف ضد الأطفال.

وأضاف عبدالعال أن التطبيق لا يزال يواجه تحديات، أبرزها غموض مفهوم "التأديب المباح" الذي يستغله البعض لتبرير العنف داخل المنزل، مما يؤدي إلى تفاوت في تقييم الوقائع بين الجهات المعنية. كما أشار إلى أن بعض اللوائح التنفيذية الخاصة بتفعيل حماية الطفل والأسرة لم تُطبق بالشكل الأمثل، وهو ما يساهم في مرور بعض وقائع العنف دون عقاب رادع.

وأكد أن التشريعات رغم قوتها نظريًا إلا انها تحتاج إلى تعديل فعال ولائحة واضحة تحدد الضوابط القانونية للعلاقة بين الآباء والأبناء، بما يفصل بين “التأديب المشروع” و"العنف المجرم" بشكل لا يسمح بالاجتهاد الضار.

واختتم عبدالعال بأن حماية الأسرة أولوية قانونية ومجتمعية، وأن تطوير التشريعات وتفعيلها سيضمن سلامة أفرادها، ويحد من تكرار جرائم العنف الأسري التي تهدد استقرار المجتمع.

العنف الأسري
العنف الأسري

المحامي أيمن محفوظ يكشف: العنف الأسري «قنبلة موقوتة».. والقانون يتعامل بسياسة «السياج الحديدي» لحماية الأسرة


وفي ذات السياق، أكد  المحامي أيمن محفوظ في تصريح خاص لـ"نيوز روم" أن ظاهرة العنف الأسري ليست جديدة، بل قديمة قدم البشرية، مذكرا بأن أول جريمة في التاريخ كانت جريمة أسرية بين الأخوين قابيل وهابيل.

وقال محفوظ إن الظاهرة عادت في الآونة الأخيرة لتتصدر المشهد الاجتماعي بعدما شهدت الوقائع تصاعدا مرعبا في حجم العنف داخل الأسرة، حيث لم يعد موجها للمرأة فقط، بل امتد ليطول الأبناء والآباء والأمهات والزوجات والأزواج على حد سواء.

العنف الأسري
العنف الأسري

وأوضح أن القانون لم يقف مكتوف الأيدي أمام هذه الموجة، فالمشرع وضع حماية مشددة للطرف الأضعف داخل منظومة العنف الأسري، رغم عدم وجود نصوص خاصة بجرائم الضرب بين أفراد الأسرة، حيث تظل النصوص العامة من المادة 230 حتى 244 من قانون العقوبات هي الأساس في التجريم.

وأضاف محفوظ أن القانون أحاط الطفل بحماية استثنائية، مستشهدا بالمادة 116 من قانون الطفل التي تضاعف العقوبات إذا كان مرتكب العنف بالغًا وله سلطة على الطفل أو متوليا تربيته، لتصل العقوبات إلى الإعدام في جرائم الاعتداء الجسدي أو الجنسي.

وأشار أيضا إلى أن الاعتداء على المرأة داخل الأسرة يعامل بذات التشديد، إضافة إلى توقيع عقوبات مغلظة تبدأ من الحبس والغرامة وقد تصل إلى الإعدام في الجرائم الأشد خطورة، خاصة في قضايا زنا المحارم والقتل داخل الأسرة، مؤكدا أن محاكم الجنايات أصدرت بالفعل العديد من الأحكام بأقصى عقوبة في مثل هذه الوقائع.

وتابع محفوظ أن الدولة لم تكتف بالنصوص العقابية فقط، بل أنشأت كيانات لحماية الأسرة، أبرزها المجلس القومي للطفولة والأمومة، إلى جانب خط نجدة الطفل الذي يعمل على تلقي أي بلاغ بالعنف حتى لو كان صادرا من أحد الوالدين أنفسهم.
فبمجرد الاتصال، تتحرك الجهات الحكومية والأمنية على الفور للتدخل ومنع الخطر ولو كان مجرد احتمال.

وأكد أن الوقاية من العنف الأسري أصبحت هدفا استراتيجيا تسعى إليه مؤسسات الدولة كافة، عبر حماية إجرائية وقانونية تهدف لصون الأسرة ومنع تفككها ومنع أي اعتداء داخلي قد يهدد حياة أفرادها.

 

العنف الأسري
العنف الأسري

لا مادة مباشرة بالقانون والعقوبة تتحول إلى جنحة ضرب

 

ومن جانبه أوضح الدكتورعبدالله محمد المحامي، في تصريحات لـ "نيوز رووم": أن الأطفال هم "أحباب الله" ويجب معاملتهم دون قسوة أو عنف، مؤكدا أن حماية الطفل ومصلحته يجب أن تكون أولوية في جميع الإجراءات المتعلقة بالطفولة أي كانت الجهة التي تصدرها أو تباشرها.

وأكد عبدالله أنه لا توجد مادة في القانون المصري تتعلق بتعذيب الأطفال فقط، وهو ما يخلق فراغ تشريعي، يستلزم إعادة النظر في قانون الطفل وقانون العقوبات، كما أشار إلى أن الأصل هو أن الاعتداء البدني بكافة صوره جريمة يعاقب عليها قانون العقوبات، كما أن المشرع الدستوري اعتبر أن التعذيب جريمة تصل إلى درجة الجناية ولا تسقط بالتقادم.

وأضاف أن قضايا تعذيب الأطفال عادة ما تتحول إلي جنحة ضرب، ولا يتجاوز العقوبة فيها 3 سنوات، بينما يمكن أن تصل العقوبة من 3 إلي 7 سنوات إذا تسبب الضرب في عاهة مستديمة.

من جانبه، أوضح المحامي عبدالله محمد أن القانون لا يحمي حياة الإنسان فقط بتجريم القتل، بل يحمي سلامة جسده من أي جرح أو ضرب أو إيذاء، وحق الإنسان في سلامة جسده له 3 جوانب أساسية هي: الحق في التكامل الجسدي، والحق في السير الطبيعي لوظائف الجسم، والحق في التحرر من الآلام البدنية.

 

عقوبة تسبب الاعتداء في وفاة الطفل

 

وأشار إلى أنه حال تسبب الاعتداء في وفاة الطفل أو أحداث عاهة مستديمة، فقد نصت المادة 236 من قانون العقوبات على كل من جرح أو ضرب أحد عمدا أو أعطي مواد ضارة ولم يقصد من ذلك قتلا ولكنه أفضي إلي الموت، يعاقب بالسجن المشدد أو السجن من 3 إلى 7 سنوات، وتصل العقوبة إلى السجن المشدد إذا كان الفعل مسبوقا بإصرار أو ترصد.

وتابع: كما نصت المادة 240 من قانون العقوبات على أن الضرب المفضي إلى عاهة مستديمة يعاقب بالسجن من 3 إلى 5 سنوات، وتشدد العقوبة لتتراوح بين 3 و10 سنوات في حال وجود سبق إصرار أو ترصد.

 

كيفية الإبلاغ عن واقعة تعذيب طفل

 

ولفت عبدالله إلى أن قانون الطفل يسمح لأي مواطن بالإبلاغ  فور ملاحظته تعرض طفل للخطر، وذلك عبر خط نجدة الطفل 16000، حيث تتخذ الإجراءات اللازمة لحماية الطفل وبدء التحقيق.

 

اتفاقية حقوق الطفل التى وقعت عليها مصر، مطالبا بتفعيلها لحماية الأطفال

 

وأشار إلى أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وضح أن للطفولة الحق في رعاية ومساعدة خاصتين، وتلك الاتفاقية صدقت عليها مصر، وطبقا للقانون الدولي فإن الاتفاقيات التي يتم التصديق عليها تأخذ حكم القانون المحلي، وتكون جزء من النسيج التشريعي للدولة المصدقة عليها والأسرة، باعتبارها الوحدة الأساسية للمجتمع والبيئة الطبيعية لنمو ورفاهية جميع أفرادها وبخاصة الأطفال، ينبغي أن تولى الحماية والمساعدة اللازمتين لتتمكن من الاضطلاع الكامل بمسؤولياتها داخل المجتمع.

 

 أبرز ما نصت عليه اتفاقية حقوق الطفل:

 

نصت المادة الأولي على أن الطفل هو كل إنسان لم يتجاوز 18 عاما ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجل القانون المطبق.

كما نصت المادة 37 من ذات الاتفاقية على تكفل الدول الأطراف بما يلى: ألا يعرض أي طفل للتعذيب أو لغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، ولا تفرض عقوبة الإعدام أو السجن مدي الحياة بسبب جرائم يرتكبها أشخاص تقل أعمارهم عن 18 عاما دون وجود إمكانية للإفراج عنهم.

ألا يحرم أي طفل من حريته بصورة غير قانونية أو تعسفيه، ويجب ألا يجرى اعتقال الطفل أو احتجازه أو سجنه وفقا للقانون ولا يجوز ممارسته إلا ملجأ أخير ولأقصر فترة زمنية مناسبة علي المستوي المحلي.

 

حقوق الطفل 

كما يكفل قانون الطفل على وجه الخصوص، المبادئ والحقوق الآتية: حق الطفل فى الحياة والبقاء والنمو فى كنف أسرة متماسكه ومتضامنه وفى التمتع بمختلف التدابير الوقائية، وحمايته من كافة أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو المعنوية أو الجنسية أو الإهمال أو التقصير أو غير ذلك من أشكال إساءة المعاملة والاستغلال.

 

ويكفل القانون حماية الطفل من أى نوع من أنواع التمييز بين الأطفال، بسبب محل الميلاد أو الوالدين، أو الجنس أو الدين أو العنصر، أو الإعاقة، أو أى وضع آخر، وتأمين المساواة الفعلية بينهم فى الانتفاع بكافة الحقوق .

بالإضافة إلي حق الطفل القادر على تكوين آرائه الخاصة فى الحصول على المعلومات التى تمكنه من تكوين هذه الآراء وفى التعبير عنها، والاستماع إليه فى جميع المسائل المتعلقة به، بما فيها الإجراءات القضائية والإدارية، وفقا للإجراءات التى يحددها القانون .

المحامية نهي الجندي: تعديل التشريعات لحماية الأسرة ضرورة ملحة

ومن جانبها أكدت المحامية نهي الجندي في تصريحات لموقع "نيوز رووم" أن التشريعات المصرية تنص على حماية حقوق الأطفال والآباء في العلاقات الأسرية، مشيرة إلى أن القانون المصري يجرم التعدي بالضرب أو الإساءة سواء من جانب الآباء تجاه الأبناء أو العكس. 

قانون الطفل 

وأوضحت الجندي أن أهم القوانين المنظمة لهذا الملف تشمل قانون الطفل المصري رقم 12 لسنة 1996، الذي يحمي الطفل من الإساءة والاستغلال، وقانون العقوبات المصري رقم 58 لسنة 1937، المادة 242، التي تجرم الإساءة للأطفال، بالإضافة إلى قانون الأحوال الشخصية المصري رقم 1 لسنة 2000، الذي ينظم حقوق وواجبات الآباء والأبناء.

 

وأضافت الجندي أن عقوبات التعدي بالضرب أو الإساءة تتراوح بين الحبس من 3 أشهر إلى 3 سنوات، وغرامة مالية من 100 إلى 500 جنيه مصري، مع إمكانية تحميل المعتدي تعويضا للضحية في حال وقوع ضرر مادي أو نفسي.

حقوق الآباء والأبناء

وأكدت على حقوق الآباء التي تشمل الرعاية والتربية والتعليم والحماية من الإساءة، إلى جانب حقوق الأبناء في الرعاية والتربية والتعليم والحماية من الإساءة والاستغلال.

وشددت المحامية نهي الجندي على ضرورة تعديل القوانين لتشمل عقوبات أكثر شدة للتعدي بالضرب والإساءة للأطفال والآباء، بالإضافة إلى توفير حماية أكبر للضحايا، لضمان بيئة أسرية آمنة ومستقرة.

تم نسخ الرابط