عاجل

Black Friday.. ما الحكم الشرعي لإطلاق الجمعة السوداء على آخر جمعة في نوفمبر؟

الجمعة السوداء Black
الجمعة السوداء Black Friday

ما حكم تسمية "الجمعة السوداء"؟، سؤال يشغل الأذهان مع دخول الحمعة الأخيرة من شهر نوفمبر والتي توافق 28- 11- 2025، وفي التقرير التالي نوضح.

يُعرف مصطلح "الجمعة السوداء" (Black Friday) بأنه يوم تسوق عالمي يتم فيه تقديم تخفيضات كبيرة على السلع، وغالبًا ما يكون في آخر يوم جمعة من شهر نوفمبر، يُثار الجدل حول هذا المصطلح بين المسلمين، ويتساءل البعض عن  مشروعية استخدامه وتأثيره على الفرد والمجتمع المسلم من الناحية الشرعية، حيث نوه الشيخ محمد سعيد أبو النصر إلى التالي: 

أولًا: أصل مصطلح "الجمعة السوداء"

مصطلح "Black Friday" نشأ في الولايات المتحدة الأمريكية خلال القرن العشرين. استُخدم لأول مرة في وصف الازدحام الشديد وحوادث المرور التي كانت تحدث بعد عيد الشكر (Thanksgiving Day). لاحقًا، تحول المصطلح إلى وصف التخفيضات التجارية الهائلة التي تجذب الملايين من المشترين.

ثانيًا: تحليل المصطلح لغويًا وثقافيًا

1. الجمعة في الإسلام: يوم الجمعة في الإسلام له مكانة عظيمة، فهو خير أيام الأسبوع. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة" (رواه مسلم).

وهو يوم اجتماع المسلمين لصلاة الجمعة وسماع الخطبة، ويُستحب فيه الدعاء والذكر.

2. السواد كرمز في الثقافة الإسلامية: اللون الأسود ليس مذمومًا بحد ذاته في الإسلام. فقد ورد في السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم ارتدى عمامة سوداء في بعض الأحيان. لكن كلمة "السواد" قد ترتبط أحيانًا في اللغة العربية بالمعاني السلبية مثل الحزن والكآبة.

3. التأثير الثقافي الغربي: ربط "السواد" بيوم الجمعة يعكس منظورًا ماديًا أو تجاريًا لا علاقة له بالقيم الإسلامية، مما يجعل استخدام المصطلح مثيرًا للتساؤل من حيث توافقه مع ثقافة المسلمين.

ثالثًا: الحكم الشرعي لاستخدام المصطلح

1. تسمية الأيام في الإسلام: الإسلام لا يمنع استخدام الأسماء ما دامت لا تحمل معاني تسيء للدين أو الأخلاق. ومع ذلك، تسمية يوم الجمعة بـ"السوداء"  يتنافى مع قدسية هذا اليوم في الإسلام، حيث قال الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ" (الجمعة: 9).

دلالة الآية تؤكد على أهمية هذا اليوم للعبادة وليس للاستهلاك المادي المفرط.

2. التقليد الأعمى للغرب: حذّر النبي صلى الله عليه وسلم من اتباع سنن غير المسلمين دون وعي، فقال:  "لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرًا بشبر، وذراعًا بذراع" (رواه البخاري).

استخدام المصطلح قد يكون نوعًا من التقليد الذي يُضعف هوية المسلم.

3. البديل المقترح: يمكن استخدام مصطلحات أخرى تعكس المعاني الإيجابية، مثل "الجمعة البيضاء" أو "يوم التخفيضات الكبرى"، لتجنب الربط السلبي بيوم مبارك.

رابعًا: أثر "الجمعة السوداء" على المسلم

1. تعزيز النزعة الاستهلاكية: الإسلام يحث على الاعتدال في الإنفاق، كما قال تعالى:  "وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا" (الفرقان: 67).
الإقبال المفرط على التسوق في هذا اليوم قد يؤدي إلى الإسراف والتبذير، وهما مذمومان شرعًا.

2. إهمال العبادة: الانشغال بالتسوق قد يُلهي المسلم عن أداء صلاة الجمعة وحضور الخطبة، وهو أمر نهى عنه الله في الآية السابقة من سورة الجمعة.

3. ضعف الهوية الإسلامية: تقليد المسلمين للثقافة الغربية في مناسباتها وعاداتها دون تمحيص قد يؤدي إلى تآكل الهوية الثقافية والدينية.

وشدد على أنه من الناحية الشرعية، لا يجوز  استخدام مصطلح "الجمعة السوداء" لما فيه من دلالات تتنافى مع قدسية يوم الجمعة في الإسلام. كما أن الانخراط في النزعة الاستهلاكية المفرطة يتعارض مع تعاليم الدين الحنيف في الاعتدال والبعد عن الإسراف. لذلك، يُوصى بما يلي:
1. استخدام مصطلحات بديلة إيجابية تتماشى مع قيم الإسلام.
2. التوعية بأهمية يوم الجمعة كمناسبة للعبادة والتواصل الروحي.
3. تنظيم التسوق وفق قواعد شرعية تضمن الاعتدال وعدم التبذير.
 

حكم إطلاق الجمعة السوداء على الجمعة الأخيرة من نوفمبر 

فيما أجاب الدكتور علي فخر، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، على سؤالٍ ورد من أحد المشاهدين، يقول فيه: "مع بداية شهر نوفمبر من كل عام تنتشر مصطلحات مثل الجمعة البيضاء أو السوداء أو الصفراء، والتي تُعلن من خلالها المحلات التجارية عن تخفيضات على السلع، فما حكم إطلاق هذه الألوان على يوم الجمعة؟

وأوضح أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال حواره مع الإعلامي مهند السادات في برنامج "فتاوى الناس"، المذاع على قناة الناس، أن يوم الجمعة يوم مبارك لا يجوز وصفه بأوصاف منفّرة مثل "الجمعة السوداء"، مؤكدًا أن الجمعة يوم خير وبركة ورحمة، وقد عظّمه الله في كتابه وجعل فيه ساعة استجابة.

وأكد أن الأفضل أن يُطلق على هذا اليوم أوصاف طيبة مثل "الجمعة المباركة" أو "الجمعة البيضاء" أو "الجمعة الطيبة"، لما تحمله من معانٍ محببة إلى النفس وتبعث على التفاؤل والسكينة، بخلاف الألفاظ التي توحي بالسوء أو الكآبة.

وأشار إلى أن بعض الناس يبررون استخدام تعبير "الجمعة السوداء" بكونه مصطلحًا عالميًا قادمًا من الغرب، لكن ذلك لا يبرر استعماله في ثقافتنا الإسلامية، لأن الأسماء والمعاني لها أثر في النفوس، ولا ينبغي للمسلم أن يردد ما لا يليق دون وعي أو تدبر.

وتابع: الأولى أن نكون نحن أصحاب المبادرة في إطلاق المصطلحات التي تتوافق مع قيمنا وديننا، بدلًا من التقليد الأعمى لما يقوله الآخرون، مضيفًا: "ليس ضروريًا أن نمشي وراء الناس في كل ما يقولون، حتى إذا دخلوا جحر ضبٍّ دخلناه معهم"، في إشارة إلى وجوب التميّز في الوعي والمفاهيم.

وأكد أمين الفتوى بدار الإفتاء،  على أن الأصل في تسمية الأشياء أن تكون بما يليق بشرفها ومكانتها، مشيرًا إلى أن يوم الجمعة خير أيام الأسبوع، فينبغي أن يظل اسمه مقرونًا بالنور والبركة والفضل لا بالسواد أو التشاؤم.

تم نسخ الرابط