لماذا يزور البابا لاون هذه البلدة التركية الصغيرة؟
للوهلة الأولى لا يبدو أن بلدة إزنيق التركية الهادئة، التي تبعد نحو ساعتين بالسيارة عن إسطنبول، كانت ذات يوم مدينة قديمة غيرت مسار التاريخ.
يكفي نحو نصف ساعة لعبور البلدة التي يقطنها نحو 45 ألف نسمة، عبر شوارع ضيقة ذات طابع قديم تصطف على جانبيها شرفات تفيض بالورود واللبلاب.
ويمكن الوصول إلى ضفاف بحيرة إزنيق في الجهة الأخرى من دون ملاحظة أي إشارات تُذكر إلى أن هذا المكان كان يوما عاصمة لكل من الإمبراطوريتين البيزنطية والعثمانية.
ومع ذلك، تستعد البلدة التي كانت تُعرف قديما باسم نيقية لاستقبال البابا لاون الرابع عشر، زعيم الكنيسة الكاثوليكية، في أول رحلة خارجية له منذ تنصيبه في مايو.

الرحلة تتمحور حول مراسم سيحضرها البابا إلى جانب بطريرك القسطنطينية المسكوني برثلماوس وعدد من القادة المسيحيين، لإحياء الذكرى 1700 لانعقاد مجمع نيقية الأول عام 325 ميلادية.
وكان من المقرر أن يجري هذا الحدث في عهد البابا الراحل فرنسيس، الذي توفي في أبريل، لكن المراسم أرجئت بعد وفاته.قال البابا لاون الرابع عشر، في مقابلة نشرت في سبتمبر، إن "أحد أعمق الجروح في حياة الكنيسة اليوم هو أننا كمسيحيين منقسمون". وأضاف أنه شجّع بشكل خاص على إحياء ذكرى مجمع نيقية لأنه يمثّل أرضية مشتركة لمختلف الطوائف المسيحية.
وسيكون لاون الرابع عشر خامس بابا يزور تركيا. ولا تتوافر إحصاءات رسمية عن أعداد المسيحيين فيها، لكن تقريراً لوزارة الخارجية الأميركية عام 2023 قدّر العدد بنحو 150 ألفاً، استناداً إلى إفادات مجتمعات مسيحية محلية.
وسيلتقي البابا الرئيس رجب طيب أردوغان في العاصمة أنقرة في 27 نوفمبر، قبل أن يتوجه في اليوم التالي إلى إزنيق.
لكن ما الذي يجعل إزنيق موقعاً محورياً بالنسبة للمسيحيين؟
يكمن الجواب في القرن الرابع، حين انعقد مجمع نيقية الأول، في ذلك الوقت، كانت الإمبراطورية الرومانية تمتد من اسكتلندا حتى البحر الأحمر، ومن المغرب حتى صحارى سوريا والأردن والعراق المعاصرة.
وكان على رأسها الإمبراطور قسطنطين الأول، أول إمبراطور يعتنق المسيحية، وقدّم قسطنطين للمسيحيين أوسع مجموعة من الحقوق القانونية منذ وفاة المسيح بنحو 3 قرون، بما في ذلك السماح لهم بممارسة شعائرهم علناً.