ختم أيامه بعمرة ورحل مع الفجر
رحيل الداعية اليمني محمد المقرمي بمكة المكرمة.. معلومات مهمة عن شعراوي اليمن
حالة من الحزن خيمت على صفحات التواصل الاجتماعي بعد رحيل الشيخ محمد المقرمي، الملقب بـ شعراوي اليمن، فمن هو؟
رحيل شعراوي اليمن محمد المقرمي
توفي الداعية اليمني محمد المقرمي فجر الأربعاء في مدينة مكة المكرمة، بعد مسيرة دعوية ممتدة لسنوات قدّم خلالها إسهامًا بارزًا في مجالات الإرشاد والتربية الإيمانية.
وُلد الشيخ محمد عبدالله المقرمي في عزلة المقارمة «وحدة إدارية صغيرة» بمديرية الشمايتين في محافظة تعز اليمنية، وله أبناء وبنات، من بينهم 3 مهندسين، وحصل على البكالوريوس في هندسة الكهرباء، إضافة إلى عدد من الدبلومات العليا والدورات التدريبية، ويجيد الرياضيات والفيزياء، فضلا عن الكتابة والتحدث باللغة الإنجليزية بطلاقة.
فكر محمد المقرمي
عُرف الشيخ المقرمي بفكره الذي يتمحور حول التدين الفطري المتوازن المبني على القرآن الكريم والسنة النبوية، ويجمع بين التوحيد الخالص لله تعالى والزهد والعبادة المعمقة.
ويعكس منهجه الديني التطبيق العملي لما يعلمه، إذ كان يؤكد أن كل ما يلقنه الداعية للناس يجب أن يسلكه بنفسه، مع احترام عقل الإنسان ورفض التقليد الأعمى.
امتدت أنشطته الدعوية من المنابر المحلية إلى المحتوى الرقمي، فكان يقدم محاضرات وبرامج عبر منصات مختلفة، وهو ما ساعد على توسيع دائرة تأثيره. ومن أبرز مشاركاته ظهوره ضمن برنامج «يمانيون حول الرسول» الذي ترعاه وزارة الأوقاف والإرشاد اليمنية.
ويعد الشيخ المقرمي من الشخصيات الدعوية التي تركت حضورًا لافتًا في برامج الإرشاد والتوجيه، وكان معروفًا بخطابه الهادئ الذي يلامس القلوب ويعزز معاني السكينة والاعتدال. وبرغم تخصصه الأكاديمي في هندسة الطيران، كرّس الراحل جزءًا كبيرًا من حياته لخدمة العمل الدعوي، والمشاركة في الأنشطة التربوية داخل اليمن وخارجه.
وعُرف المقرمي بأسلوبه الذي جمع بين العلم والرفق، وقدرته على تبسيط معاني القرآن الكريم، ما جعله قريبًا من مختلف شرائح المجتمع، ومرجعًا لعدد من طلاب العلم والمهتمين بالشأن الديني.
رحيل الشيخ محمد المقرمي
توفّي وهو يستعدّ لصلاة الفجر في المسجد الحرام بمكّة، بعد حياةٍ مليئةٍ بالقرآن، عامرةٍ بالعمل والإيمان.
محمد المقرمي: من ريف الحجرية… إلى قلوب الملايين
يقول أحد محبيه في نعيه: رحيل مهندس التدبّر… وبقاء الأثر: اليوم الأربعاء ٥ جمادى الاخرة ١٤٤٧ھ، ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٥م َّترجل هذا الرجل المبارك، وفاضت روحه في مكة المكرمة فجرًا، مختتمًا رحلة عمرٍ عامرة بالعلم والإيمان والعمل.
صوتٌ خرج من زاويةٍ متواضعة، من غرفته الريفية المتواضعة في الشمايتين–الحجرية بتعز، صنع الشيخ المقرمي مدرسةً روحيةً لها بصمتها؛ مدرسة تقوم على التدبّر العميق، والتذوق الذهني والقلبي للقرآن، وإحياء المعاني المغفول عنها.
لم يكن خطيبًا مرتجلًا، بل مهندسًا للتدبر؛ يحسن الدخول إلى النص القرآني، ويملك لغةً فريدةً في مخاطبة العقل والروح معًا.
إنه وُجد في زمنٍ ازدحمت فيه الأصوات، وبهتت فيه القلوب تحت ضغط الحياة، يختار الله من عباده من يعيدون للروح صفاءها، وللإيمان نضارته، وللقرآن هيبته وبهاءه.
ومن هؤلاء الذين اصطفاهم الله لبعث النور في النفوس: الشيخ الداعية المهندس محمد المقرمي؛ صوتٌ تدبري قرآنيٌّ، ورجلٌ حمل همّ الهداية بنفسٍ شفافة وروحٍ محبة.
الشيخ محمد المقرمي شخص صاغه القرآن بنور التدبر وفتوح العارفين فلم تكن سيرة الشيخ المهندس محمد المقرمي مجرّد قصة رجلٍ صالح ختم حياته في أقدس بقاع الأرض؛ بل كانت نموذجًا نادرًا لإنسانٍ أعاد صياغة ذاته بالقرآن، ثم خرج إلى الناس يفيض عليهم من النور الذي حمله في صدره. إن الذي يُتأمّل في حياته لا يطالع شخصيةً تقليدية، ولا داعيةً مرّ مرورًا عابرًا في المشهد، بل يرى تجربة روحية عميقة صنعت منها العزلةُ القرآنيةُ رجلًا آخر، مختلفًا، مشعًا، يحمل من السكينة ما يكفي لتعديل مسار قلوبٍ كثيرة.
ولعلّ سرّ هذا الرجل أن سيرته تشدّك لا لأنها مليئة بالأحداث، بل لأنها مليئة بالتحوّل؛ فالأحداثُ تصنع السرد، أما التحوّلات فتصنع الإنسان، ولقد وصل صوته – كما قال – "بمشيئة الله ومراده"، فصار حبلًا يصل القلوب بكتاب ربّها، ومفتاحًا يفتح خزائن المعنى، ويعيد للنفوس دفءَ المعرفة الشرعية.
اشتياق القلب للقاء الله:
ومن دلائل حسن الخاتمة أن يُيسّر الله للعبد عملًا صالحًا قبل موته، ثم يقبضه عليه، وقد ختم الشيخ المقرمي أيامه بعمرة، وزيارة مسجد رسول الله ﷺ… وكأنها تحفة الوداع الروحية قبل اللقاء الأكبر.
كتب عنه د. خالد بريه مودعًا: لا أحسبُ إلّا أنَّ الشيخ العارف بالله محمد المقرمي قد اشتاقَ إلى لقاء ربّه، فلبّى الله شوقه، وأجابه إلى ما أراد. كان بيننا بجسدٍ حاضر، أمّا روحه فكانت تُقيم في أفقٍ آخر، كأنها تتنسّمُ من رياض الغيب أنسامًا لا ندركها.
قال له الدكتور يومًا: هل تشتاق إلى لقاء الله؟
فقال، وهو يبتسم ابتسامةَ من عرف الطريق: إذا قبضني الله إليه، وجاء الملك يسألني: من ربّك؟ سأقول له: تسألني أنا عن الله، تسألني عن حبيبي؟! اجلسْ إلى جواري، أُحدّثكَ عن الله حقّ المعرفة!"





