عاجل

من التحدي إلى الإدارة.. كيف تستعد المحافظات لموسم السيول؟

كيف تستعد المحافظات
كيف تستعد المحافظات لموسم السيول

مع اقتراب موسم سقوط الأمطار الغزيرة وعدم استقرار الأحوال الجوية، أعلنت المحافظات المصرية حالة الطوارئ القصوى، وبدأت تنفيذ خطط استباقية لمواجهة مخاطر السيول وتجنب تكرار الأزمات التي شهدتها بعض المناطق خلال الأعوام الماضية، وتعمل أجهزة المحافظات بالتنسيق مع وزارات الري والتنمية المحلية والإسكان على رفع درجة الجاهزية في القرى والمدن والمناطق الجبلية الأكثر عرضة لمخاطر السيول.

خطط استباقية وتطهير مخرات السيول

بدأت المحافظات، خاصة الواقعة في نطاق الوجه القبلي وسيناء والبحر الأحمر، في تكثيف أعمال تطهير مخرات السيول والوديان، وإزالة أي عوائق طبيعية أو تراكمات رملية قد تعوق مسار المياه.

رفع كفاءة شبكات الصرف ونشر معدات الطوارئ

وفي المحافظات الساحلية مثل الإسكندرية ومطروح ودمياط، تركزت الاستعدادات على رفع كفاءة شبكات الصرف وتطهير البيارات وإصلاح البيارات المتضررة، لضمان استيعاب كميات الأمطار المتوقعة.

كما جرى نشر سيارات الشفط والبدالات في النقاط الحيوية ومحيط الأنفاق والكباري والمستشفيات، إلى جانب تدريب فرق الطوارئ والإنقاذ على التدخل السريع في حال حدوث تجمعات مائية مفاجئة.

المنيا تواجه الشتاء بـ32 مخرا للسيول

وأعلنت المحافظة، الانتهاء من تجهيز وصيانة 32 مخر سيل طبيعي وصناعي بشكل كامل، هذا الرقم هو الضمانة الهندسية الأولى لحماية الأرواح والممتلكات، إذ جرى التأكيد على تطهيرها وإزالة أي عوائق لضمان قدرتها الاستيعابية القصوى لمياه الأمطار الغزيرة.

درجة الاستعداد القصوى في سوهاج

ومن جانبها، رفعت محافظة سوهاج درجة الاستعداد القصوى في جميع وحداتها المحلية، ويأتي هذا التحرك استنادا لتحذيرات الأرصاد الجوية الأخيرة من توقعات بسقوط أمطار متوسطة ورعدية مصحوبة بنشاط للرياح.

بينما كلف اللواء الدكتور عبد الفتاح سراج محافظ سوهاج، بتفعيل غرف العمليات على مدار 24 ساعة لضمان سرعة الاستجابة على الطرق السريعة وداخل القرى قبل وقوع أي طارئ.

ولم يكن التحدي محصورا في الاستعداد لتغيرات الطقس فقط؛ بل امتد إلى رفع حالة الطوارئ في البنية التحتية الحيوية، ما استدعى استجابة حكومية سريعة وميدانية لتلافي الكوارث الخدمية؛ إذ تشهد محافظة الغربية إصلاح خطوط المياه الرئيسية في المحافظة.

تركيب صفايات جديدة لتجميع وتصريف مياه الأمطار في كفر الشيخ

تواصل الأجهزة التنفيذية أعمالها في تركيب صفايات جديدة لتجميع وتصريف مياه الأمطار بعدد من شوارع وميادين المدينة.

جاء ذلك بناءً على توجيهات اللواء دكتور علاء عبد المعطي، محافظ كفر الشيخ، وبتكليف من المهندس أحمد عيسى، رئيس مركز ومدينة كفر الشيخ، وتحت إشراف خضراوي محمد خضر، رئيس حي شرق كفر الشيخ، حسام عطية، نائب رئيس حي شرق للمشروعات.

خطة لحماية المواطنين من خطر المباني بالإسكندرية

وفي الإسكندرية الساحلية، كان التركيز على السلامة الإنشائية، إذ تحرك حي وسط بشكل عاجل لإزالة الأجزاء الخطرة والمعلقة من عقار في محرم بك، وذلك عقب اندلاع حريق به وهذا الإجراء الفوري يهدف لحماية المارة والمنطقة المحيطة من مخاطر الانهيار الجزئي التي تتفاقم عادةً مع دخول فصل الشتاء وزيادة الرطوبة والأمطار.

وتؤكد هذه التحركات الاستباقية والمباشرة، أن ملف حماية المواطنين واستدامة الخدمات هو الأولوية القصوى لجميع الأجهزة التنفيذية بالمحافظات مع قرب دخول موسم الشتاء.

رفع درجة الاستعداد القصوى في الجيزة

أعلن المهندس عادل النجار، محافظ الجيزة، رفع درجة الاستعداد القصوى بجميع قطاعات المحافظة لاستقبال فصل الشتاء وموسم هطول الأمطار.

وأكد المحافظ أنه تم وضع خطة متكاملة لاستقبال موسم الشتاء ومجابهة تقلبات الطقس وسقوط الأمطار تتضمن مراجعة غرف وبالوعات تصريف مياه الأمطار، وفحص أعمدة الإنارة وتركيب العوازل بها ورفع الكابلات الكهربائية المكشوفة، فضلًا عن تفعيل غرف العمليات الفرعية بجميع الأحياء والمراكز والمدن للتعامل الفوري مع الأحداث الطارئة وتنسيق الجهود بين الجهات المعنية.

ومن جانبه أكد الدكتور رضا فرحات، خبير التنمية المحلية، أن المحافظات باتت أكثر استعدادًا لموسم الأمطار والسيول مقارنة بالسنوات الماضية، بعد الدروس القاسية التي شهدتها الدولة في عدد من النوات والأزمات وعلى رأسها أزمة سيول الإسكندرية عام 2015، والتي كانت سببًا مباشرًا في وضع خطط مبكرة للتعامل مع الأمطار والسيول والاستفادة من مياهها.

تنفيذ خطة استعداد قبل موسم الأمطار

وقال فرحات في تصريحات خاصة لـ نيوز رووم، إن كل محافظة تبدأ قبل موسم الأمطار في تنفيذ خطة استعداد واضحة، وذلك بناءً على التحذيرات المبكرة من هيئة الأرصاد الجوية، مضيفًا أن غرف عمليات وغرف أزمات أصبحت موجودة الآن في كل محافظة، بالإضافة إلى غرف عمليات مماثلة داخل وزارتي الري والتنمية المحلية لمتابعة الموقف أولًا بأول.

وأوضح خبير التنمية المحلية، أن القيادات المحلية والعاملين بغرف الأزمات يخضعون لدورات تدريبية سنوية في مركز تدريب الإدارة المحلية "سقارة"، لضمان جاهزيتهم للتعامل مع أي طارئ.

مراجعة مخرات السيول ومنع التعديات

وأشار الدكتور رضا فرحات إلى أن أول خطوة في الاستعداد للسيول هي مراجعة مخرات السيول وأماكن تمركزها والتأكد من عدم وجود أي تعديات عليها، مشددًا على أنه يتم الآن استخدام وحدات المتغيرات المكانية التي ترصد أي مخالفة أو تعدٍ بشكل يومي، ليتم التعامل معه فورًا وإزالته، مؤكدًا أن المحافظة على مخرات السيول أمر حتمي لأنها المسار الطبيعي لتصريف مياه السيول إلى الخزانات أو أحواض التخزين التي تسمح بإعادة استخدام المياه في الري والشرب لاحقًا.

تطوير المصارف الزراعية وشبكات الأمطار

وأضاف الخبير في التنمية المحلية أن المحافظات تراجع أيضًا المصارف الزراعية ومصارف الصرف لأن لها دورًا مهمًا في استيعاب مياه الأمطار، كما باتت المحافظات تمتلك خرائط دقيقة للأماكن المنخفضة المعروفة بـ"البؤر الساخنة" التي تتجمع فيها المياه.

ولفت خبير التنمية المحلية، أنه في بعض المناطق، خاصة التي كانت تعاني تجمعات كبيرة، تم إنشاء خزانات في الجزر الوسطى للطرق لامتصاص مياه الأمطار وإعادة استخدامها فيما بعد.

استعدادات في الأنفاق والمناطق المنخفضة

ولفت فرحات إلى أن المحافظات تعمل قبل بداية موسم الأمطار على تجربة محطات الرفع والشفط في الأنفاق والمناطق المنخفضة، وأماكن تجمع المياه، للتأكد من جاهزيتها، بالإضافة إلى مراجعة السيارات المتنقلة ومحطات الشفط والباجلات، ومعالجة أي نقص في المعدات بالتنسيق بين الأجهزة التنفيذية، مشيرًا إلى أن هناك اجتماعات دورية تُعقد بين جميع الجهات المعنية تحت إشراف المحافظ للتأكد من جاهزية المحافظة بالكامل.

الإسكندرية نموذج للتحسن

وأوضح الدكتور فرحات أن محافظة الإسكندرية تشهد تنفيذ خطة كبرى لمعالجة مشكلات تراكمات المياه على مراحل، مشيرًا إلى أن المناطق التي اكتملت فيها أعمال التطوير أصبحت تمتلك قدرة على استيعاب كميات الأمطار، بينما المناطق التي لم تكتمل بعد قد تشهد بعض المشكلات، ويتم التعامل معها بمعدات شفط وتمركزات ثابتة.

الاستفادة من مياه الأمطار والسيول

وأكد خبير التنمية المحلية، أن الدولة حققت تطورًا كبيرًا في الاستفادة من مياه السيول عبر إنشاء خزانات كبيرة في المحافظات المعرضة للسيول، لافتًا إلى أن هذه المياه تُعاد استخدامها في الشرب والزراعة بعد معالجتها، لافتا إلى أن المحافظات التي تمتلك محطات معالجة ثلاثية تستفيد من مياه الأمطار بشكل كامل، بينما المحافظات التي لا تمتلك هذه المحطات قد تفقد جزءًا من هذه المياه.

التغيرات الطبيعية خارج القدرة البشرية

وتابع: أن كميات الأمطار تختلف من عام لآخر، وأن هناك نوات شديدة قد تتجاوز قدرة الشبكات، كما حدث مؤخرًا في بورسعيد، حيث كانت كمية الأمطار أكبر من طاقة الشبكة على الاستيعاب، وهو أمر يحدث في كل دول العالم وليس في مصر فقط، ومنذ 2015 والدولة تعمل بخطط واضحة واستعدادات أكبر، وهناك تطور كبير بالفعل، لكن بعض النوات الطبيعية الشديدة قد تتجاوز قدرات أي شبكة صرف. ومع ذلك، هناك مشروعات مستمرة لرفع كفاءة الشبكات، وإنشاء خزانات جديدة، وتحسين منظومة التعامل مع السيول والاستفادة من مياهها".

الاهتمام الكامل بملف السيول والاستعداد له بشكل مبكر

ومن جانبه أكد الدكتور حمدي عرفة، أستاذ الإدارة المحلية والخبير الاستشاري للبلديات الدولية، أن المحافظين وقيادات الإدارة المحلية في 27 محافظة، يقع على عاتقهم – بالتنسيق مع وزارتي الري والزراعة – مسؤولية الاهتمام الكامل بملف السيول والاستعداد له بشكل مبكر.

وقال عرفة، في تصريحات خاصة لـ نيو رووم، إن قانون الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 يمنح المحافظين صلاحيات مباشرة في إدارة الأزمات؛ حيث يُلزم مدير الأمن بإخطار المحافظ فورًا بالحوادث ذات الأهمية الخاصة، كما يخول المحافظ اتخاذ جميع الإجراءات الكفيلة بحماية أملاك الدولة وإزالة التعديات عليها.

وأضاف أستاذ الإدارة المحلية، أن تسليك شبكات الصرف الصحي قبل موسم السيول يدخل ضمن الخدمات التي يقع المحافظ مسؤولًا عنها من حيث الإشراف والمتابعة. موضحًا أن المادة 27 من القانون ذاته تنص على أن المحافظ يتولى جميع السلطات التنفيذية الخاصة بالوزارات داخل نطاق المحافظة، ويُعد رئيسًا لجميع الأجهزة التنفيذية.

الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي

وأشار عرفة إلى أن الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي – التابعة لقانون قطاع الأعمال رقم 203 لسنة 1991 – تخدم 27 محافظة من خلال 409 محطات معالجة، و45 ألف كيلومتر شبكات صرف، و8.2 مليون اشتراك، إضافة إلى قوة عاملة تتجاوز 129 ألف موظف، بينهم 4702 مهندس، رغم تدني أجور العمالة مقارنة بحجم المهام.

وأوضح الخبير الاستشاري للبلديات الدولية، أن المحليات تستطيع الاستفادة من مياه الأمطار والسيول عبر إنشاء هرابات ومصايد للأمطار خاصة في الساحل الشمالي، وإقامة سدود في المناطق الصحراوية مثل سد الروافعة بسيناء، واستغلال المخرات الطبيعية والصناعية بالصعيد، مؤكدًا أن تحويل مياه الأمطار من نعمة إلى أزمة يعود إلى الإهمال الإداري وعدم تطوير شبكات الصرف.

سبب غرق الشوارع في بعض المحافظات

وكشف عرفة أن شبكات مياه الشرب في القاهرة لم تُجدد منذ 102 عام، وأن شبكات الصرف لا تستوعب أكثر من 5 مم من المياه، في حين أن كمية الأمطار التي هطلت في بعض أيام العام الماضي بلغت 15 مم، وهو ما يفسر غرق الشوارع في بعض المحافظات. ولو استُغلت المياه كاملة – على حد قوله – لتمكنت مصر من زراعة 4 ملايين فدان على الأقل.

وشدد أستاذ الإدارة المحلية، على ضرورة مراجعة جميع مصبات تصريف المياه ومنع غلقها من جانب الفنادق والأندية المطلة على الكورنيش، والتأكد من صلاحية الطرق، وإنشاء المخرات الخاصة بمواجهة السيول تحت إشراف المحافظين.

وبيّن أن التنسيق بين وزارتي الري والزراعة والمحافظين ضرورة ملحة، نظرًا لأن متوسط كمية الأمطار التي تسقط على بعض المحافظات قد يصل إلى 4.6 مليون متر مكعب تكفي لزراعة 700 ألف فدان، محذرًا من أن الإهمال يحول الأمطار إلى نقمة رغم كونها نعمة ربانية.

خطة استراتيجية قومية للتعامل مع السيول

وأشار عرفة إلى وجود 896 مخرًا صناعيًا للسيول أُنشئت منذ عقود، لكنها تحتاج إلى تطوير عاجل، إضافة إلى أن هناك 14 محافظة معرضة للسيول سنويًا، من بينها: شمال وجنوب سيناء، البحر الأحمر، سوهاج، أسيوط، قنا، أسوان، المنيا، بني سويف، الفيوم، السويس، الإسماعيلية، القاهرة، والأقصر.

وطالب بالإعلان عن خطة استراتيجية قومية للتعامل مع السيول، لافتًا إلى أن الإدارة المحلية ما زالت تتعامل مع الملف بشكل عشوائي في القرى والنجوع. وأوضح أنه يوجد 126 محطة أرصاد يمكن الاستفادة منها مع وحدات إدارة الأزمات، وأن كل محافظة تحتاج ما لا يقل عن 400 مليون جنيه سنويًا لصيانة وتطهير المخرات، في ظل وجود 1112 كفرًا ونجعًا مهددين بالسيول، وافتقار الوحدات المحلية للمعدات حيث غالبًا لا يتوفر سوى سيارة شفط واحدة بكل وحدة قروية.

 

 

تم نسخ الرابط