أقل تكلفة وصديقة للبيئة..هل تغزو السيارات الكهربائية سوق التصنيع المحلي قريبًا
قال الدكتور محمد أنيس عضو "الجمعية المصرية للاقتصاد" ومحلل الاقتصاد الكلي، إن التكلفة الأولية للسيارات الكهربائية من منظور المستهلك تعتبر نظريًا أرخص نسبيًا مقارنةً بتكلفة سيارات الاحتراق الداخلي التقليدية، وذلك ضمن فئة السيارات الاقتصادية.
وأضاف في تصريح لـ "نيوز رووم" – أن مصروفات شحن السيارات الكهربائية نظريًا تعتبر أقل من أسعار البنزين، حتى بعد الارتفاع المرتقب في أسعار الكهرباء، واقترابها من أسعار البنزين. ففي النهاية تظل مصروفات التشغيل متضمنةً الصيانة، أرخص بشكل كبير من مصروفات تشغيل سيارات الاحتراق الداخلي التي تحتاج تغيير قطع الغيار بشكل منتظم، وكذلك تغيير الزيت والفلاتر، وما إلى ذلك، وفقًا لأنيس.
العمر الافتراضي للبطارية
وأوضح أن العيب الوحيد بالنسبة للمستهلك – وهو يتباين حسب مستوى جودة التصنيع - هو نقطة ضعف السيارة متمثلًا في العمر الافتراضي للبطارية، والذي يتراوح بين 7 سنوات للبطاريات الصيني – وهي فترة زمنية قصيرة بالنسبة للمستهلك المصري بخلاف المتعارف عليه عالميًا - إلى 15 سنة للبطاريات الأعلى جودة، لافتًا إلى أن ثمن البطارية يساوي نصف ثمن السيارة.
وتابع: "نظريًا، لو كفاءة التصنيع جيدة، فتكون السيارة الكهربائية هي الخيار الأنسب للمستهلك الذي يعتمد عليها في الاستهلاك اليومي الاقتصادي داخل المدينة".
أما فيما يخص التجميع والتصنيع والتأثير على الاقتصاد الكلي، فأكد أنيس أن توطين أي صناعة، شريطة استهداف التصدير وليس السوق المحلي فقط، هو أمر جيد بالتأكيد.
حصة سوقية
وتوقع أن تستحوذ السيارات الكهربائية على حصة سوقية في الفترة المقبلة أيًا كان حجمها أو مستوى تمددها في أنواع السيارات المختلفة، فهي حتمًا ستكون موجودة بشكلِ ما، شريطة التصدير، بغض النظر عن الجدل حول مدى إمكانية استبدال سيارات الاحتراق الداخلي بالسيارات الكهربائية، أو استمرار سيطرة السيارات التقليدية على السوق.
أهمية التصدير
وعن أهمية استهداف التصدير، أفاد أنيس بأن الاكتفاء بالسوق المحلي فقط يعني البقاء في نفس دائرة التجميع، فالمشاركة بنسبة في التصنيع تكون في تصنيع الفايبر وجلد المقاعد فقط، حيث أننا لا نصنع شاسيه أو موتور أو "Motherboard – اللوحة الأم" الخاصة بالسيارة" رقائق الكمبيوتر بداخل السيارات، أو شاشات "LCD" أو "Airbags"، وهي صناعات تكنولوجية عالية، بل لا نصنع حتى الكابلات أو ضفائر الكهرباء، وهنا يجب الإشادة بافتتاح مصنع ياباني مؤخرًا متخصص في صناعة ضفائر الكهرباء، وفقًا لأنيس.
وأضاف محلل الاقتصاد الكلي أن أهمية التوطين بهدف التصدير تكمن في كونه سوق جديد، فالمصانع تبحث عن أماكن للاستثمار والتمركز فيها، مشيرًا إلى أنه إذا تمركزت مصر في صناعة السيارات الكهربائية، سنختبر تجربة شبيهة بالتجربة المغربية في سيارات الاحتراق الداخلي، حيث تمركزت الشركات الأوروبية وبالتحديد الفرنسية منذ 15 سنة. وحاليًا تصدر المغرب نحو مليون سيارة سنويًا، بحسب أنيس.
أسواق الشرق الأوسط وإفريقيا
واختتم حديثه: "إذا تمكننا من ذلك، فسوف نفتح أسوق الشرق الأوسط وإفريقيا، شريطة توفير الصناعات المغذية للقطاع، مثل: صناعة الألومنيوم، والشاسيهات الحديد، وضفائر الكهرباء. هذا فضلًا عن ضرورة توفير العمالة الفنية المدربة، بما يشجع مصانع السيارات على التصنيع هنا بهدف التصدير، طالما سلاسل الإمداد والتوريد متوفرة في نفس الدولة، ليكون ارتكاز لهم في مصر".
تعاون بين الحكومة والقطاع الخاص
وتتجه مصر في الآونة الأخيرة نحو البدء في خوض تجربة توطين صناعة السيارات الكهربائية بالبلاد، حيث أن انبعاثاتها صفرية أثناء القيادة، مما يساهم في تحسين جودة الهواء والحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري مقارنة بسيارات محركات الاحتراق الداخلي. ومع ذلك، يعتمد التأثير البيئي الإجمالي بشكل كبير على طريقة توليد الكهرباء المستخدمة لشحنها، حيث تكون أكثر استدامة إذا تم توليد الكهرباء من مصادر متجددة.
بدأ الاتجاه المصري نحو السيارات الكهربائية يتشكل بشكل فعلي في عام 2019 بتوقيع اتفاقية شراكة مع الصين لتصنيع السيارات الكهربائية، وشهد عام 2018 افتتاح أول محطة لشحن السيارات الكهربائية في مصر.
تتضمن الجهود الحكومية أيضًا تجهيز شركة النصر لصناعة السيارات، والعمل على تطوير البنية التحتية للشحن، وتوفير حوافز لشراء هذه السيارات، ففي 2021 تم توقيع مذكرة تفاهم لتصنيع سيارة "النصر E70" الكهربائية بالشراكة مع شركة "دونغ فينغ" الصينية، مع خطط لتجميعها محليًا.
وفي 3 نوفمبر الجاري، تم وضع حجر الأساس لمصنع "مجموعة المنصور" الجديد في مدينة السادس من أكتوبر "ماك لتصنيع وسائل النقل"، باستثمارات تصل إلى 7.5 مليار جنيه، وذلك بحضور ودعم الفريق كامل الوزير، وزير التجارة والصناعة والنقلن الذي أكد على ضرورة التعااون بين القطاع الخاص والحكومي.
تعزيز الصناعة المصرية للسيارات
ويهدف المشروع إلى تعزيز صناعة السيارات في مصر من خلال إنتاج 100 ألف سيارة سنويًا في غضون خمس سنوات، مع التركيز على السيارات صديقة للبيئة، ومن المتوقع أن يبدأ الإنتاج في ديسمبر 2026.
وقامت مؤخرًا شركة "راية" بإطلاق العلامة الجديدة "إلكترا" لحلول شحن السيارات الكهربائية، وذلك في شراكة استراتيجية مع "Sungrow"، وهي شركة العالمية الرائدة في تقنيات الطاقة المتجددة وحلول تحويل الطاقة.