من أصعب الأشياء على نفسك أن تعترف بأنك لم تعش ، أو كأنما ماتعيشه هو ماتبقى من آخرين وأنت تعيشه نيابة عنهم أو ارغاما منك .. تلك كانت مقدمة كتاب لأكبر أخصائى نفسى شهير إنتهيت من قراءة مؤلفه الرائع ذو الصفحات المئة . والحق ان كل ماجمعه داخل هذا الكتاب الذى أسماه " عيشة مستعملة " هو بحق صرخات واعترافات من أناس تعبوا ويئسوا ولكنهم عاشوا من أجل آخرين يستمدون حياتهم منهم . عيشة مستعملة تكاد تكون هى نهاية كل حكاية حكاها الاخصائي وفى نهايتها يتساءلون : هل حقا يادكتور هذه هى حياتنا؟ أم أنها كانت لاخرين وهذا ماتبقى منها !! أم أفنت عمرها من أجل ابنها الوحيد الذى رفضت كل مغريات الدنيا من أجله هو كى يعيش سعيدا ولايشعر بوفاة أبيه المبكرة المفاجئة ، عملت ليل نهار فى كل الوظائف المرهقة من أجل ان تجعل له حياة تليق به وبمستقبله الذى يتمناه بأن يصبح طبيبا مشهورا ويعالج الفقراء ، وعندما كبر وأتم تعليمه سافر الى الخارج وتركها مع تعهده بارسال الاموال لها بل وطلبها للعيش معه فيما بعد ، ولم يعد ولم يرسل أموال ولم يأخذها معه ، آخر يحكى عن ابنه الذى وصته أمه وهى تحتضر بأن يعتنى به فيقول أنه وعلى مدار اربعة عشر عاما منذ ان تركته زوجته ورحلت الى العالم الاخر وتاركة ابنهما ذو العشر سنوات معه لم يبخل عليه بشىء بل أنه توقف عن التدخين لكى يدخر له ثمنها فى مواصلة تعليمه ، وعندما اراد الالتحاق بكلية الهندسة الخاصة لان مجموعه لم يمكنه من التعليم الحكومى طمأنه ورهن البيت ولم يخبره بذلك وتكفل بدفع اقساط سنين الدراسة والمدينة الجامعية الملحقة بها ، سنوات رسالته اكتملت وهو ينتظر المكافأة من كلمة طيبة ، من مشاعر فياضة من ولده الوحيد الذى بأع من اجله كل مالديه حتى ملابسه الفخمة ولكن الواقع كان مؤلما ففى حفل تخرج ابنه كل ماقاله فى حقه امام حفنة من الاصدقاء من بينهم ووالد ووالدة زميلة له ينتوى الزواج منها كما اخبره ؛ قال الابن هذا أبى الذى ادين له بمبالغ كبيرة ثمن السجائر التى كنت اطلب منه أن يمدنى بأموالها ، وضحك وضحك الكل معه وتبسم الاب وبكى فى داخله من اختزال كل ماأنفقه الاب فى ثمن السجائر فقط ، ويقول للطبيب فى اخر حكايته : أكيد يادكتور ديه مش حياتى ولا ديه نهايتى ، أنا معشتش ديه اكيد عيشة مستعملة!! أخرى تحكى عن زوج أفنت من أجله عمرها وساندته وكانت له داعمة بكافة الطرق وعندما علا نجمه واصبح ذو شأن تخلص منها لأنه اعتبرها مرحلة فى خياته وانتهت كما أخبرها فى اخر حديث لهما وهى تسأله عن سبب هجره ، وأردف قائلا : كلما نظرت اليكى تذكرت مرحلة من عمرى مرهقة أزيد أن أنساها بكل مافيها من فقر وعوز !! وتقول لطبيبها أنا لاإسأل لماذا فعل هذا ولكن اتساءل أليست هذه حياة مستعملة وانا كان مقدرا لى حياة أخرى ؟ على مدار الصفحات المئة ستجد نفسك ممسكا بالكتاب ولا تستطيع أن تتركه ويرتفع صوت نحيبك ويزداد حزنك عندما تسمع حكايات اطفال عذبتهم أمهاتهم واخرين عذبهم ابائهم وغيرهم زوج امهم وزوجة ابيهم والكل يبكى من الالم ومن الحيرة من هذه الحياة ويختتمون كلامهم بنفس الالم والامل بأن لهم حياة أخرى وليست كتلك مستعملة !!
وبعد أن انتهى من هذه الوجبة الشعورية الدسمة ستجد نفسك تسأل نفس سؤالهم هل مانعيشه هو حياتنا أم أنها عيشة مستعملة ؟ ولن ينقذك من تساؤلاتك وخيرتك سوى اليقين بأن مانعيشه ليس حياة ولكن الحياة الحقيقية هى مايعدها لنا الله سبحانه ويجعل حينها المقصرين يقولون " ياليتنى قدمت لحياتى " …. العيشة المستعملة ماهى الا رفضنا لمصير كتب علينا قبل حتى أن نأتى الى هذه الدنيا فاللهم صبرا اللهم حياة غير مستعملة !!!
00
أيام
00
ساعات
00
دقائق
00
ثواني
🎉 افتتاح المتحف الكبير ! 🎉