عاجل

«دبلوماسية السدود».. كيف توظف إثيوبيا ملف المياه للهروب من أزماتها الداخليه؟

سد كويشا
سد كويشا

بدأت إثيوبيا إنشاء سد كويشا بعد أسابيع من افتتاح سد النهضة، والذي يعد ثاني أكبر سد في إثيوبيا حيث يضم ثلاث وحدات توليد للطاقة بقدرة إجمالية تبلغ 1800 ميجاوات، ومن المتوقع أن ينتج حوالي 6344 جيجاوات/ساعة من الكهرباء سنويًا. 

بناء سدٍ ثانٍ على غرار سد النهضة

يهدف السد إلى تحسين تدفق الطاقة ودعم هدف إثيوبيا لتصبح مركزًا لتجارة الكهرباء في شرق أفريقيا.

قال الدكتور محمد نصر علام، وزير الموارد المائية والري الأسبق، إن إعلان إثيوبيا نيتها بناء سدٍ ثانٍ على غرار سد النهضة يُثير مخاوف مشروعة، خاصة في ظل غياب أي اتفاق قانوني مُلزِم ينظم عملية إنشاء السدود على النيل الأزرق أو تشغيلها.
وأكد وزير الموارد المائية والري الأسبق في تصريحات خاصة لـ «نيوز رووم» أن عدم وجود اتفاق مبرم يعني، من الناحية العملية، أن إثيوبيا قد تستمر في بناء مزيد من السدود دون الرجوع إلى مصر أو السودان، وهو ما يمثل تهديدًا مباشرًا لحصة مصر المائية وأمنها القومي المائي.

غياب الإطار القانوني الملزم يفتح الباب أمام قرارات أحادية

وأضاف علام، أن كافة السدود التي أقامتها إثيوبيا بالفعل تنطبق عليها هذه المشكلة؛ فغياب الإطار القانوني الملزم يفتح الباب أمام قرارات أحادية قد تُحدث آثارًا خطيرة على دولتي المصب.

وشدّد "علام" على أن استمرار هذا النهج الإثيوبي قد يقود إلى اضطرابات كبرى أو مواجهات سياسية وأمنية إذا ما تزامن مع ظروف إقليمية حساسة، مشيرًا إلى أن التاريخ شهد مواقف مشابهة، سواء خلال أحداث عامي 1967 و1973 أو حتى خلال ثورة يناير، حين تزداد محاولات الأطراف استغلال الانشغال الداخلي في مصر.

مصر لا تعارض التنمية في إثيوبيا

وختم "علام" تصريحاته بالتأكيد على أن مصر لا تعارض التنمية في إثيوبيا، لكنها تتمسك بضرورة وجود اتفاق شامل وعادل يضمن حقوق جميع الأطراف ويمنع أي تهديد لحياة الملايين المرتبطة بنهر النيل.

ومن جانبه قال الدكتور رمضان قرني، الخبير في الشأن الأفريقي، إن السياسة الإثيوبية، خاصة منذ تولي آبي أحمد رئاسة الوزراء عام 2018، تكشف عن تعاظم التوظيف السياسي وتكثيفه بخصوص قضايا السدود، وتوظيف جملة من السرديات سواء للداخل الإثيوبي أو المحيط الأفريقي، أو الرأي العام الدولي، من قبيل: البعد التنموي لهذه السدود، وأنها لخدمة دول حوض النيل، علاوة على تكرار المزاعم والمرثيات بارتباط اتفاقيات حوض النيل بالحقبة الاستعمارية، بجانب تصدير خطاب إعلامي يتحدث عن نجاح الفيدرالية الإثيوبية ونجاح السياسة الخارجية فى منطقة القرن الأفريقى أو على المستوى العالمي.

توظيف قضية السدود كآلية حكومية وإعلامية

وأضاف "قرنى" في تصريحات خاصة لـ "نيوز رووم" أنه لا يخفى على المتابع سعي الإدارة الإثيوبية إلى مغازلة دول حوض النيل، وهو الأمر الذي كان واضحا في افتتاح سد النهضة مؤخرا، وتهنئة وزارة الخارجية الإثيوبية في بيان لها شعوب دول حوض النيل بدخول اتفاقية الإطار التعاوني لحوض النيل "عنتيبي" حيز النفاذ رسميًّا في 13 أكتوبر 2024، واصفة هذا  الأمر بأنه إنجاز تحقق على مدى عقد من الزمان، علاوة على ذلك تعمل الحكومة الإثيوبية على توظيف قضية السدود كآلية حكومية وإعلامية للتغطية على أزمات الداخل، وهو الأمر الذي تكشفه أساليب التعاطي مع أزمتي تيجراي وإقليم أمهرة، خاصة في ضوء تصاعد المواجهات الأمنية مع قوات فانو المحلية، لذا لجأت حكومة آبى أحمد إلى استخدام عدد من الآليات لمواجهة قوات فانو يأتي على رأسها الاعتماد على سياسة التعتيم الإعلامي على ما يحدث فى إقليم أمهرة، والزعم بتحقيق انتصارات ضد قوات فانو، على الرغم من تكبد الجيش الإثيوبي خسائر في المنطقة الحدودية مع السودان، وطرد قوات الجيش الإثيوبى منها.

التغطية على تجاوزات حقوق الإنسان
وأوضح الخبير في الشأن الأفريقي أن هناك هدفا آخر للحكومة الإثيوبية يتجلى في التغطية على تجاوزات حقوق الإنسان خاصة ضد بعض العرقيات. ووفقا للتقارير الصادرة عن منظمة العدل الدولية لحقوق الإنسان، العام الماضي، قامت القوات الإثيوبية بعمليات قمع فى أمهرة وخاصة مجتمع الأعمال بالإقليم من أجل نزع القوى الاقتصادية للإقليم، بل وصل القمع إلى المجتمع الأكاديمى فى المدن الكبرى بإقليم أمهرة.

الدخول في مغامرات خارجية لإلهاء الداخل الإثيوبي

وأكد "قرني" أن التحركات الإثيوبية تهدف إلى تحقيق جملة من الأهداف: 
أولا: شد أذرع الدولة المصرية وتشتيت انتباهها في أكثر من ملف (الصومال – السودان – القرن الأفريقي- مياه النيل). 
ثانيا: محاولة شرعنة واقع سد النهضة، وأنه لا يخالف اتفاقيات مياه النيل.
ثالثا: تحفيز دول حوض النيل الأخرى على القيام بمشروعات مائية للتأثير على حصة مصر، وممارسة ضغوطات عليها.
رابعا: الدخول في مغامرات خارجية لإلهاء الداخل الإثيوبي عن المشكلات الكبيرة في تيجراي وأمهرة.
خامسا: تصدير خطاب دعائي "مزعوم" بأن اتفاقية عنتيبي تعمل على تصحيح الأخطاء التاريخية، وأنها سوف تحقق فوائد كبيرة لدول الحوض.

تم نسخ الرابط