00 أيام
00 ساعات
00 دقائق
00 ثواني

🎉 افتتاح المتحف الكبير ! 🎉

عاجل

الفن الإسلامي | باحث : الجمال عند المتصوفة سفر روحي لا زينة للعمران (خاص)

الفنون عند الصوفية
الفنون عند الصوفية

يحتل الفن مكانة محورية في الحضارة الإسلامية، ليس بوصفه ترفا أو مظهرا شكليا، بل بوصفه لغة للجمال ومعبرا عن أعمق ما في الإنسان من شوق إلى الكمال, وتتجلى هذه المكانة بوضوح في التجربة الصوفية، حيث يتحول الفن إلى جسر بين الحس والروح، وإلى وسيلة لصوغ حالة من الحضور مع الله عبر العمارة والخط والشعر والسماع وسائر الفنون الإسلامية.

التجربة الصوفية بالفنون الإسلامية 

 

وفي تصريح خاص مع لنيوز رووم حول العلاقة بين التصوف والفن أكد الباحث الصوفي مصطفى زايد أن المتصوفة لم ينظروا إلى الفن باعتباره مجرد زينة للعمران أو ترفا للحياة، بل عدوه جسرا تمتد عليه الروح لتحس بما وراء الظاهر, موضحا أن الجمال في منظورهم، ليس مجرد إحساس بصري أو سمعي، بل أثر من آثار التجلي الإلهي، وأن أي فن صادق هو محاولة للإمساك بنفحة من هذا الجمال ,ولهذا ارتبطت التجربة الصوفية بالفنون الإسلامية ارتباطا عميقا، حتى صار الفن في بعض البيئات الصوفية جزءا من السلوك والتربية الروحية.

فن العمارة الصوفية 

وأشارمصطفى زايد إلى أن فن العمارة الصوفية مثل الزوايا والتكايا والخوانق، صُممت لتكون فضاءات تهدئ النفس وتتهيأ للذكر والمراقبة, و إن القباب العالية والساحات الهادئة والإضاءات الخافتة والحدائق التي يجرى فيها الماء لم تكن مجرد تفاصيل معمارية، بل ترجمة لمطلب داخلي يرمي إلى نقل الإنسان من صخب العالم إلى سكينة الحضرة. واستشهد بمقولة الشيخ أبو الحسن الشاذلي: "إن للقلوب بيوتاً كما للأجساد بيوت، وأوسع بيوت القلوب ما دخله السكون والنور"، مؤكداً أن المعماريين الصوفيين جعلوا هذا المبدأ قاعدة غير مكتوبة في بناء دور الصوفية.

فن الخط العربي

وتطرق  “مصطفى زايد”  إلى فن الخط العربي موضحاً أن المتصوفة وجدوا فيه المجال الأسمى للجمع بين الذكر والجمال، حيث تصبح كتابة اسم الله أو آية قرآنية فعلاً تعبدياً تبدأ فيه النية حركة اليد، وتسبق حركة اليد انكسار القلب. واستشهد بعبارة ابن عربي: "الجمال منا إليه، وبه إليه نرجع"، موضحاً أنها تعكس فكرة أن كل جمال في الكون مرآة للجمال الإلهي، وأن الخط عند كثير من المتصوفة لم يكن مجرد حرفة للزينة، بل فناً للحضور الروحي.

وحول الشعر والسماع  قال “زايد” إنهما المجالان اللذان تجلى فيهما الفن الصوفي بأكمل صورة، حيث يتحول الشعر إلى كلام يخرج من نار الوجد ليصنع نور المعنى، مضيفاً اقتباسات من الرومي وابن الفارض للتأكيد على أن الأشعار تنشَد في مجالس الذكر، فيتفاعل الصوت والإيقاع مع النفوس كما يلين الحديد تحت أثر النار. ولفت إلى أن تطوير طرق السماع الحركي، مثل المولوية، لم يكن للعرض أو الطرب، بل للتعبير الرمزي عن دوران القلب حول مركز المحبة الإلهية.

عالم من الرموز البصرية الهادئة

كما أشار"زايد"  إلى فنون الكتب والتذهيب والتصوير، قائلاً إنها مكنت المتصوفة من صناعة عالم من الرموز البصرية الهادئة، حيث لم تكن الوردة والعندليب والطريق والجبال مجرد عناصر فنية، بل إشارات إلى مقامات السلوك ومراحل السير الروحي. واستشهد بكلمات فريد الدين العطار في مقدمة "منطق الطير": "ما كتبت حرفاً إلا ووراءه معنى، وما رسمت شيئاً إلا ووراءه طريق"، مؤكداً أن هذا يعكس طبيعة الفن الصوفي كرمز يفتح باباً لمن أراد أن يرى.

وأكد مصطفى زايد  أن اهتمام المتصوفة بالفن الإسلامي لم يكن نشاطاً جانبياً، بل جزءاً أصيلا من منهجهم في تربية النفس واكتشاف أسرار الوجود، مضيفاً: "الفن عند المتصوفة ليس زينة، بل وسيلة. ليس عرضاً جمالياً، بل سفرٌ روحي. إنه لغة صامتة تقول ما لا يقوله الكلام، وتدلّ القلب على طريقٍ لا يدرك إلا بالذوق.

تم نسخ الرابط