أوقاف أسيوط تنظّم ندوة توعوية بالتعاون مع قصر الثقافة بالمحافظة حول «التسامح»
نظمت مديرية أوقاف أسيوط، بالتعاون مع قصر ثقافة أسيوط ومديرية التربية والتعليم، ندوة توعوية حول قيمة «التسامح» ضمن مبادرة «صحح مفاهيمك»، التي تعنى بتقويم الفكر وتصحيح المفاهيم المغلوطة وبناء وعي ديني راسخ.
وذلك بتوجيهات الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، وبرعاية الدكتور عيد علي خليفة، وكيل وزارة الأوقاف بأسيوط, و جاءت هذه الندوة في سياق جهود الوزارة لترسيخ القيم الأخلاقية التي تعد ركيزة أساسية للاستقرار الإنساني والاجتماعي، ولا سيما في البيئة المدرسية التي تتشكل فيها شخصية النشء.
بناء الإنسان
وقدمت الواعظة حنان أحمد عزوز كلمة موجهة إلى الطالبات والطلاب، استعرضت خلالها مفهوم التسامح بوصفه قيمة تأسيسية في بناء الإنسان، مؤكدة أن التسامح ليس ضعفًا ولا تنازلًا، بل هو قوّة نابعة من صفاء القلب واستعلائه عن الأذى.
أشارت واعظة الأوقاف إلى أن القرآن الكريم وضع للتسامح مكانة ، إذ يقول الله تعالى: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ}، وهو خطاب يرسخ أن العفو مسارٌ تربوي يرقى بالإنسان نحو أخلاق الأنبياء, مؤكدة أن التسامح يعكس نضجا في الوعي وقدرة على إدارة الانفعالات بحكمة، وأن المجتمعات التي يسود فيها التسامح تنعم ب بناء الإنسان وتزدهر فيها العلاقات الإنسانية.
العفو والصفح
وتناولت الواعظة الأحاديث النبوية الشريفة التي تحضّ على العفو والصفح، ومن أبرزها قول النبي ﷺ: «وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًّا»، مشيرة إلى أن العزة هنا ليست مادية فحسب، بل معنوية وروحية تُكسب الإنسان احترام الناس ومحبتهم. وأوضحت أن التسامح في العلاقات اليومية داخل المدرسة أو الأسرة أو المجتمع هو استثمار أخلاقي يعيد للقلوب هدوءها، ويمنح الفرد قدرة على التركيز والنجاح والتفاعل الإيجابي، فالحقد ينهك الروح ويعطّل التقدّم، بينما التسامح يفتح مسارات جديدة للتعاون وبناء الجسور.
كما أكدت أن الإسلام قدم نموذجا راقيا للتعامل مع المخطئ، يقوم على النصح والإصلاح دون تجريح، مستشهدة بقوله تعالى: {فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ}، مبينة أن "الصفح الجميل" هو الذي لا يعقبه منٌّ ولا أذى، بل يحمل نية صادقة في الإصلاح. وقد ربطت بين هذه القيم ومتطلبات العصر، موضحة أن الفتاة والطالب اليوم بحاجة إلى مهارات عاطفية وسلوكية تعينه على مواجهة الضغوط وتحقيق التوازن الداخلي، وأن التسامح يُعدّ من أهم مهارات الذكاء الاجتماعي التي تُكسب الفرد قدرة على القيادة والتواصل الفعّال.
مراجعة النفس قبل إصدار الأحكام
وتفاعل الطلاب مع الندوة بأسئلة بناءة، عبّروا خلالها عن رغبتهم في تطوير سلوكياتهم اليومية بما يتماشى مع القيم الدينية. وشجّعتهم الواعظة على تحويل التسامح إلى ممارسة عملية تبدأ من احترام الآخرين، وتجنب التنمر اللفظي أو الإلكتروني، والتعامل الراقي مع الزملاء والمعلمين، ومراجعة النفس قبل إصدار الأحكام على الآخرين، مؤكدة أن كل خطوة صغيرة نحو التسامح تصنع فارقًا كبيرًا في البيئة المدرسية.
واختتمت الواعظة كلمتها برسالة تحفيزية للطلاب، شددت فيها على أن التسامح قيمة تُصقل الشخصية وتفتح أبواب النجاح، وأن الإنسان المتسامح أقرب إلى رحمة الله، فقد قال تعالى: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ}. ودعتهم إلى أن يجعلوا التسامح منهجًا دائمًا لا موقفًا عابرًا، وأن يكونوا قدوة في سلوكهم، فبهم تنهض الأجيال، وبهم يزدهر المستقبل، وبقيمهم الراقية يرسخ الأمن الاجتماعي الذي تنشده الدولة والمجتمع.



