من التخزين إلى التعتيم.. فشل تشغيل توربينات سد النهضة يكشف حجم الأزمة| خاص
في تطور يثير العديد من علامات الاستفهام تصاعدت خلال الأيام الماضية مؤشرات فشل تشغيل توربينات سد النهضة الإثيوبي رغم مرور سنوات على بدء الملء وتأكيدات أديس أبابا المتكررة بقدرتها على توليد كميات كبيرة من الكهرباء، بعد رصد تشغيل محدود لا يتناسب مع وجود 13 توربيناً يفترض أن تعمل بكفاءة كاملة.
فشل تشغيل توربينات سد النهضة
وبعد هذا الفشل برزت تساؤلات حادة حول أسباب تعطل أغلب الوحدات المائية، ولجوء إثيوبيا إلى تشغيل مفيض الطوارئ بدلاً من استغلال المياه في توليد الطاقة كما كان معلناً.
يأتي هذا الغموض في ظل غياب تام للشفافية الإثيوبية وغياب أي بيانات فنية رسمية توضح حقيقة يجري داخل السد، مما فتح الباب أمام تكهنات واسعة حول كفاءة الإنشاءات، وقدرة السد على العمل، وما إذا كانت أديس أبابا تواجه مشكلات فنية أعمق مما تعلن عنه.
تشغيل توربينات سد النهضة يصب في مصلحة مصر والسودان
ومن جانبه قال الدكتور نادر نور الدين، خبير الموارد المائية، إن تشغيل توربينات سد النهضة يصب في مصلحة مصر والسودان، موضحًا أن تشغيلها يعني سحب كميات من المياه من بحيرة السد لتوليد الكهرباء، ثم تعود هذه المياه لتتدفق طبيعيًا نحو دولتي المصب.
وأضاف نور الدين، في تصريحات خاصة لـ "نيوز رووم"، أن الخطر الحقيقي يكمن في عدم تشغيل التوربينات، لأنه في هذه الحالة ستقل كميات المياه الواردة إلى مصر والسودان، وستُصرف فقط عبر بوابات المفيض عند حدوث فائض، أو من خلال بوابتين سفليتين محدودتي السعة لا تتجاوز تصريفاتهما اليومية 175 مليون متر مكعب.
تأخر في استكمال هذه الشبكات ومحطة الكهرباء
وأشار الدكتور نور الدين إلى أن إثيوبيا أعلنت خلال افتتاح السد في 9 سبتمبر الماضي أنها انتهت من تركيب 8 توربينات يعمل منها فعليًا 5 توربينات، وأنها ماضية في تركيب 13 توربينًا إضافيًا وفق التصميم الأصلي للسد، غير أن تشغيل هذه المنظومة بالكامل مرهون بالانتهاء من محطة نقل الكهرباء وخطوط الضغط العالي التي ستنقل الطاقة المنتَجة إلى الداخل الإثيوبي وإلى الدول المستهدفة بالتصدير، وعلى رأسها السودان وجنوب السودان، موضحًا أن المؤشرات تكشف وجود تأخر في استكمال هذه الشبكات ومحطة الكهرباء.
وأوضح أن الحديث عن "فشل إثيوبيا" في تشغيل التوربينات غير دقيق، خاصة أن الشركة الإيطالية المسؤولة عن التصنيع، إلى جانب شركة صينية وأخرى دولية، تشارك في إدارة التشغيل خلال المرحلة الأولى.
تدفق كميات من المياه مقاربة لما كان يصل إلى مصر قبل بناء السد
وأكد الدكتور نادر نور الدين أن مصر طالبت، خلال مفاوضات الملء والتشغيل، بأن تلتزم إثيوبيا بتشغيل 13 توربينًا وفق المعدلات العالمية، بما يضمن تدفق كميات من المياه مقاربة لما كان يصل إلى مصر قبل بناء السد.
واختتم قائلاً إن الجدل حول تشغيل التوربينات أو توقفها لا يمثل أولوية لمصر كما يمثّل لإثيوبيا نفسها، مشيرًا إلى أن البعض يروج لفكرة فشل أديس أبابا في إدارة السد دون مبرر حقيقي، وأن هذا الأمر لا يستدعي الشماتة ولا يعبر عن الموقف المصري الرسمي، مضيفًا أن "هناك شخصًا واحدًا فقط مستمر في إطلاق هذه الادعاءات في الإعلام".
هناك غموض بشأن تشغيل توربينات سد النهضة
وقال الدكتور محمد نصر علام، وزير الموارد المائية والري الأسبق، إن ما يجري حول تشغيل توربينات سد النهضة لا يزال يكتنفه الغموض الكامل، مشيرًا إلى أنه رغم وجود 13 توربينًا من المفترض أن تعمل، فإن ما تم رصده حتى الآن لا يتجاوز تشغيلًا محدودًا للغاية لبعض التوربينات.
غياب الشفافية الإثيوبية هو السبب الرئيس وراء تضارب المعلومات
وأوضح علام، في تصريحات خاصة لـ "نيوز رووم"، أن غياب الشفافية الإثيوبية هو السبب الرئيسي وراء تضارب المعلومات، مؤكدًا أن هناك مؤشرات على تشغيل مفيض الطوارئ بدلًا من الاعتماد على التوربينات، إلى جانب استمرار عمليات التخزين بدلاً من الاستفادة من المياه في توليد الكهرباء، وهي أوضاع وصفها بأنها "غير مفهومة" وتثير الكثير من التساؤلات.
تقييم الوضع الفني أو التشغيلي
وأضاف أن ذلك كله يفتح الباب أمام تكهنات واسعة حول حقيقة ما يجري داخل السد، نظرًا لعدم توفر أي بيانات رسمية أو معلومات يمكن الاعتماد عليها لتقييم الوضع الفني أو التشغيلي، وهو ما يجعل المشهد، بحسب تعبيره، "ضبابيًا وغير قابل للاستناد إلى حقائق واضحة".
وأكد الدكتور نصر علام أن ما يصدر عن الجانب الإثيوبي من تصريحات متضاربة وضعيفة لا يستند إلى خبرات فنية أو بيانات دقيقة، الأمر الذي يزيد من حالة الارتباك حول الوضع الحقيقي لتشغيل السد وأداء التوربينات.