00 أيام
00 ساعات
00 دقائق
00 ثواني

🎉 افتتاح المتحف الكبير ! 🎉

عاجل

ما حكم دفن الميت ليلًا؟ وما المقصود بالنهي الوارد عنه في الأحاديث النبوية؟

دفن الميت
دفن الميت

ما حكم دفن الميت ليلًا؟ سؤال أجابت عنه دار الإفتاء موضحة أن دفن الموتى ليلًا جائز شرعًا، وقد ورد في ذلك جملةٌ من الأحاديث والآثار، ونقل بعضُ العلماء الإجماعَ على جوازه مع تفضيل النهار على الليل إذا ترتب عليه مصلحة للميت بكثرة المصلين، والمشيعين له والداعين، مع الحرص على أن يكون هذا الترتيب في وقت قريب من الوفاة، بحيث لا يتعارض مع الإسراع بالتجهيز والتعجيل بالدفن.

والنهي الوارد في بعض الأحاديث إنما هو عند مظنة حصول التقصير في حق الميت بترك الصلاة عليه أو عدم إحسان تكفينه، لا لأن الليل يُكرَهُ الدفنُ في ظلمته.

حكمة مشروعية دفن الموتى


شرع الله تعالى دفن الإنسان ومواراة بدنه؛ صيانة لحرمته وحفظًا لأمانته، وجعله حقًّا مفروضًا لكل ميت، وفرض كفاية على المسلمين؛ قال تعالى: ﴿مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى﴾، وقال سبحانه في معرض الامتنان: ﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا ۝ أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا﴾، والامتنان أمارة المشروعية، فكان دفن الميت إكمالًا للإكرامية؛ قال تعالى: ﴿فَبَعَثَ اللهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ﴾، وكان دفنه في التراب ودسه وستره واجب لهذه الآية؛ كما في الجامع لأحكام القرآن للإمام القرطبي.

حكم دفن الميت


قد أجمع المسلمون على أن دفن الميت لازم واجب على الناس لا يسعهم تركه عند الإمكان، ومن قام به منهم سقط فرض ذلك على سائر المسلمين؛ كما قال الإمام أبو بكر بن المنذر في الإجماع.
ولم يكتف الشرع بفرض حق الدفن للميت، حتى شدد على سرعة استيفائه، ودعا إلى المبادرة بأدائه؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أسرعوا بالجنازة؛ فإن تك صالحة فخير تقدمونها عليه، وإن يك سوى ذلك فشر تضعونه عن رقابكم» متفق عليه.
قال الإمام ابن قدامة المقدسي الحنبلي في المغني: [لا خلاف بين الأئمة رحمهم الله في استحباب الإسراع بالجنازة، وبه ورد النص].
وروى أبو داود في السنن: أن طلحة بن البراء رضي الله عنه مرض، فأتاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعوده، فقال: «إني لا أرى طلحة إلا قد حدث به الموت؛ فآذنوني به وعجلوا؛ فإنه لا ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهراني أهله».
وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إذا مات أحدكم فلا تحبسوه، وأسرعوا به إلى قبره» أخرجه الطبراني في الكبير، والبيهقي في شعب الإيمان، وإسناده حسن؛ كما قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: [قال القرطبي: مقصود الحديث: أن لا يتباطأ بالميت عن الدفن].

تعجيل دفن الميت ليلًا أو نهارًا بعد التأكد من مفارقة الروح للبدن


كان من مقتضى هذا الإسراع ولوازمه: تعجيل الدفن فور التأكد من مفارقة الروح للبدن، وقد مضت السنة النبوية وعمل الصحابة والسلف الصالح رضي الله عنهم في أن من مات منهم عجلوا بدفنه؛ ليلًا كان ذلك أو نهارًا، ووردت جملة من الأحاديث والآثار في مشروعية الدفن ليلًا، بل نقل بعضهم الإجماع على ذلك.
فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «كبروا على موتاكم بالليل والنهار أربع تكبيرات» أخرجه أحمد في المسند. وفي لفظ: «صلوا على موتاكم بالليل والنهار أربع تكبيرات سواء» أخرجه البيهقي في السنن الكبرى.
قال الإمام الشافعي فيما أخرجه البيهقي في معرفة السنن والآثار: [ويصلى على الجنائز أي ساعة شاء من ليل أو نهار، وكذلك يدفن أي ساعة شاء].
وقال الإمام الصنعاني في التنوير: [ويؤخذ منه: عدم كراهة الدفن ليلًا].

الدفن ليلًا سنة فعلية وتقريرية


على ذلك جاءت السنة الفعلية والتقريرية وأعمال السلف الصالح رضي الله عنهم:
فقد بوّب أبو داود في سننه بابًا أسماه (باب في الدفن بالليل)، وذكر فيه: عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: رأى ناس نارًا في المقبرة، فأتوها، فإذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في القبر، وإذا هو يقول: «ناولوني صاحبكم»، فإذا هو الرجل الذي كان يرفع صوته بالذكر.
قال الإمام الطحاوي في شرح معاني الآثار: [ففي هذا الحديث إباحة الدفن في الليل].
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: مات إنسان كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعودُه، فمات بالليل، فدفنوه ليلًا، فلما أصبح أخبروه، فقال: «ما منعكم أن تعلموني؟» قالوا: كان الليل فكرهنا أن نشق عليك، فأتى قبره فصلى عليه. متفق عليه.
قال شيخ الإسلام زكريا في منحة الباري: [(فأتى قبره فصلى عليه)، فيه جواز الدفن ليلًا].
وروى مسلم في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: “توفيت فاطمة رضي الله عنها بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بستة أشهر، ودفنها علي رضي الله عنه ليلًا”.
قال الإمام النووي في شرح مسلم: [فيه جواز الدفن ليلًا، وهو مجمع عليه، لكن النهار أفضل إذا لم يكن عذر].

تم نسخ الرابط