رموز إسلامية | من السبي إلى بيت النبوة..أم المؤمنين جويرية بنت الحارث
أم المؤمنين جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار بن الحارث بن المصطلق من أبرز نساء بيت النبوة، وأحد الرموز النسائية التي خلدها التاريخ الإسلامي ,تنتمي جويرية إلى قبيلة بني المصطلق من خزاعة، وقد كانت في الجاهلية تعرف باسم برة، إلا أن النبي ﷺ غيّر اسمها بعد زواجه منها إلى جويرية، لما في الاسم الأول من معنى التزكية للنفس .
من السبي إلى بيت النبوة
قبل زواجها من النبي ﷺ كانت جويرية متزوجة من مسافع بن صفوان، الذي قتل كافرا في غزوة بني المصطلق, وبعد الغزوة، وقعت جويرية ضمن السبايا التي غنمها المسلمون، وكانت ابنة سيد قومها الحارث بن أبي ضرار. وعندما تم تقسيم الأسرى، صارت من نصيب الصحابي ثابت بن قيس بن الشماس أو لابن عمه، فكاتبته على حريتها.
ذهبت جويرية إلى رسول الله ﷺ تلتمس مساعدته في دفع ما كُتبت عليه من مال، فاستمع إليها النبي الكريم، ورأى فيها نبلًا وجمالًا وحكمة، فعرض عليها الزواج، قائلاً لها: "أقضي عنك كتابتك وأتزوجك"، فقبلت رضي الله عنها هذا العرض المبارك.
زواج جلب البركة والحرية
ما إن شاع خبر زواج النبي ﷺ من جويرية بنت الحارث، حتى عمّت البركة قومها؛ إذ قال المسلمون: هؤلاء أصهار رسول الله! فبدأوا يعتقون الأسرى الذين كانوا في أيديهم. وببركة هذا الزواج، أُعتق مئة بيت من بيوت بني المصطلق، حتى قالت السيدة عائشة رضي الله عنها: ما كانت امرأة أعظم بركة على قومها من جويرية.
صفات أم المؤمنين جويرية
عُرفت جويرية بنت الحارث بجمالها اللافت وخلقها الرفيع، وكانت رضي الله عنها عابدة زاهدة، كثيرة الذكر والعبادة، تقضي الساعات الطوال في التسبيح بعد صلاة الفجر حتى شروق الشمس. كما كانت كريمة معطاءة، تنفق ما يصيبها من بيت مال المسلمين في سبيل الله، وتعتق الرقاب وتطعم الفقراء والمحتاجين.
وروي عنها أنها كانت تكثر من الصيام والقيام، وتؤدي مناسك الحج في كل عام كانت تقدر عليه، تقصد بيت الله الحرام بقلبٍ خاشعٍ مؤمن، ثم تعود إلى بيتها في المدينة المنورة مفعمة بالإيمان والرضا.
منزلتها ومناقبها
إلى جانب كونها زوجة نبي وأمًا للمؤمنين، كانت جويرية مثالًا للمرأة الصالحة التي جمعت بين التقوى والخلق والإحسان. وقد رُوي أنها أعتقت غلامًا لله تعالى، وتصدقت بكل ما تملك، ابتغاء وجه الله. وكانت ممن أحبّ النبي ﷺ لهم الخير والبركة، لما حملته من صفات الإيمان والورع والعبادة.
وفاتها
توفيت أم المؤمنين جويرية بنت الحارث رضي الله عنها في المدينة المنورة في شهر ربيع الأول، وقيل سنة خمسين للهجرة، فيما ذكر بعض المؤرخين أنّ وفاتها كانت سنة ستٍ وخمسين للهجرة. صلى عليها مروان بن الحكم أمير المدينة آنذاك، ودُفنت في البقيع.
وقد بلغت من العمر نحو سبعين عامًا، لتظلّ سيرتها شاهدًا على الإيمان والبركة، وواحدة من النساء اللواتي شرفهنّ الله بالزواج من خير خلقه ﷺ.


