00 أيام
00 ساعات
00 دقائق
00 ثواني

🎉 افتتاح المتحف الكبير ! 🎉

عاجل

إن وطننا، منذ العصور القديمة، كان أرضًا تعيش فيها شعوب وأمم مختلفة لا تتشابه فيما بينها وتتمتع بثقافات ولغات وعادات وأنماط حياة متنوعة وتؤمن بأديان متعددة.
وكما أكد فخامة رئيس دولتنا شوكت ميرضيائيف:
"نحن نُقدّر ديننا المقدس تقديرًا بالغًا باعتباره تجسيدًا لقيمنا الأزلية. نحن ندين بشدة أولئك الذين يربطون ديننا المقدس بالعنف وسفك الدماء ولا يمكننا أبدًا التوصل إلى تفاهم معهم. إن دين الإسلام يدعونا إلى الخير والسلام وإلى الحفاظ على الفضائل الإنسانية الأصيلة."
منذ السنوات الأولى للاستقلال أولت بلادنا اهتمامًا خاصًا بالحفاظ على القيم الدينية المتنوعة وتوفير الظروف اللازمة لجميع المواطنين لممارسة معتقداتهم بحرية وتعزيز الانسجام بين الأديان والقوميات وتطوير التقاليد المشتركة القديمة بينهم.
وقد نصّ دستورنا على أن "جميع المواطنين في جمهورية أوزبكستان يتمتعون بحقوق وحريات متساوية، بغض النظر عن الجنس أو العرق أو القومية أو اللغة أو الدين أو الأصل الاجتماعي أو المعتقد أو الشخصية أو الوضع الاجتماعي وهم متساوون أمام القانون"، مما يشكل أساسًا لتعزيز التفاهم والوئام بين شعبنا متعدد القوميات.
تم توفير جميع الأسس القانونية والظروف اللازمة لضمان التعايش السلمي بين القوميات والطوائف الدينية في بلادنا. وأصبح ترسيخ ثقافة التسامح وتعزيزها أحد الاتجاهات الرئيسية في سياسة دولتنا. والهدف الأساسي من التسامح هو دفع البشرية نحو الحفاظ على السلام والطمأنينة.
اليوم، تُعد أوزبكستان مثالًا يُحتذى به عالميًا في مجال التسامح الديني والحوار بين الأديان. ويعيش المواطنون في بلادنا، بغض النظر عن دياناتهم، في بيئة سلمية وآمنة  ويعملون معًا من أجل ازدهار وطننا. كما تم تحسين الأسس القانونية المتعلقة بحرية الضمير وتوفرت جميع الظروف لتمكين أتباع الديانات المختلفة من ممارسة معتقداتهم دون أي عوائق.
من المعروف تاريخيًا أن المجتمعات التي تتجلى فيها مبادئ التسامح الديني يسود فيها الاحترام المتبادل والصدق ويعيش فيها الناس حياة هادئة وسلمية. فكما لا يمكن تحقيق التنمية والازدهار بدون السلام، لا يمكن أن يكون السلام مستقرًا بدون التسامح الديني. ولهذا السبب، منذ بداية حياة البشرية على وجه الأرض، شعر الإنسان بالحاجة إلى العيش وفقًا لمبادئ التسامح.
تُعد منطقة آسيا الوسطى وخاصة أراضي أوزبكستان منذ العصور القديمة موطنًا لشعوب متعددة تختلف في ثقافاتها ولغاتها وعاداتها وأنماط حياتها وتؤمن بأديان متنوعة. إن الموقع الجغرافي لأوزبكستان عند تقاطع طرق التجارة المهمة وعلاقاتها الاقتصادية مع العديد من الدول أثّر بشكل كبير على الحياة الدينية والروحية للشعوب المحلية، كما ساهمت تقاليد ما وراء النهر في تطور ثقافات البلدان الأخرى. وقد أصبح هذا أحد العوامل الأساسية في تشكيل الانسجام بين القوميات والتسامح الديني الفريد من نوعه.
وفي الحقيقة، منذ العصور القديمة، عاش أتباع الديانات المختلفة جنبًا إلى جنب مع الإسلام على أرض أوزبكستان وتطوروا معًا وساهموا بشكل ملموس في الارتقاء الروحي للمجتمع.
يمكننا أن نرى العديد من نماذج التسامح الديني في حياة أسلافنا العظماء الذين عاشوا في وطننا. فعلى سبيل المثال، كان في جيش القائد العظيم أمير تيمور جنود من اليهود ومن أتباع ديانات أخرى، كما أن ابنه ميران شاه عُيّن مسؤولًا عن العلاقات الدبلوماسية مع دول مثل فرنسا وإسبانيا وإنجلترا، وهو ما يؤكد صحة فكرتنا.
ولا يزال شعب الهند حتى يومنا هذا يذكر ظهير الدين محمد بابر ونسله بكل احترام، لأن الدولة البابرية كانت تُدار على أساس التسامح الديني.
وفي ديننا الإسلامي المقدس يُعبّر عن مفهوم التسامح بمصطلح "المروءة" والذي يعني في معناه الواسع تغليب الجمال على القبح والتعامل بالرحمة والنظر إلى كل واقع من زاوية الجمال والتعامل باحترام وتقدير تجاه المعتقدات والثقافات والتقاليد.
مثل باقي الأديان، فإن الإسلام منذ القديم يُعلّم البشرية المروءة الحقيقية ويحث على التعامل باحترام وتسامح ليس فقط مع المسلمين، بل حتى مع غير المسلمين من أتباع الديانات الأخرى. ومن المعروف أن الإسلام لا يكتفي باحترام الديانات السماوية السابقة مثل اليهودية والمسيحية، بل يُظهر لأتباعها مروءة لا حدود لها ويضمن حقوقهم من خلال أحكام الشريعة ويعامل ثقافاتهم وتقاليدهم باحترام.
وعلى مدى قرون عاش المسلمون وفق هذه المبادئ وأظهروا نماذج رائعة من المروءة ليس فقط تجاه بعضهم البعض، بل أيضًا تجاه غير المسلمين الذين يعيشون بينهم، مثل أهل الذمة، فكانوا مثالًا يُحتذى به للبشرية جمعاء. لأن ذلك هو أمر الله تعالى وتوجيه رسوله الكريم لأمته.
وقد قال الله تعالى في سورة المائدة:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ﴾
وهذا يدل على أن العدل والتسامح يجب أن يُمارس حتى مع من نختلف معهم، فهو أقرب للتقوى.
وقد رُوي عن رسول الله ﷺ أنه قال:
"من آذى ذميًا، فأنا خصمه يوم القيامة". وهو تحذير شديد يدل على مكانة أهل الذمة في الإسلام. وبناءً على هذا الحديث حذّر الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه القائد عمرو بن العاص رضي الله عنه عندما أرسله لفتح مصر فقال له:
"احذر! لا تجعل رسول الله ﷺ خصمك"
وقد تناول القرآن الكريم في عدة آيات موضوع التعايش السلمي والوئام بين الشعوب والتسامح الديني. ومن ذلك قوله تعالى في سورة آل عمران:
"قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم، لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون".
وفي آخر آية من نفس السورة يأمر الله تعالى المؤمنين بقوله:
"يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون".
يدعو القرآن الكريم إلى الإيمان بالكتب السماوية السابقة: الزبور والتوراة والإنجيل. ويحث على احترام أهل الكتاب، أي أتباع الديانات الأخرى ويدعو الناس إلى المحبة والتعاون ونبذ الفتنة والفرقة والصراعات.
ومن تاريخ ديننا الإسلامي، يمكننا أن نستشهد بالعديد من الأمثلة الرفيعة للتسامح، منها أن النبي ﷺ بعد هجرته إلى المدينة عقد اتفاقًا مع اليهود هناك ووضع أسسًا للتعاون من أجل مصلحة المجتمع وعاش وفقًا لتلك المبادئ في سلام ووئام.
في غزوة خيبر، كانت من بين الغنائم التي حصل عليها المسلمون بعض صفحات من التوراة. فجاء اليهود إلى رسول الله ﷺ وطلبوا منه إرجاع تلك الصفحات، فأمر النبي ﷺ بإعادتها إليهم. لأن احترام مقدسات أتباع الديانات الأخرى هو من مكارم الأخلاق التي يدعو إليها الإسلام. ولهذا أُعيدت تلك الصفحات المقدسة لليهود دون أن تُمس بسوء وهو دليل ساطع على التسامح الديني في الإسلام.
وقد روى الإمام الواقدي وابن عساكر عن عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي:
"قدمنا مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى جابية، فرأى شيخًا من أهل الذمة يتسول، فسأل عنه، فقيل له: إنه من أهل الذمة وقد شاخ وضعف. فألغى عمر عنه الجزية وقال: أتأخذون منه الجزية ثم تتركونه يتسول حين يضعف؟!" ثم أمر بأن يُصرف له عشرة دراهم من بيت المال وكان له عائلة يعولها.
كما أمر القرآن الكريم المسلمين باحترام دور العبادة الخاصة بأتباع الديانات الأخرى – مثل الأديرة والكنائس والكنس – وأكد على أهمية التعامل معها بتقدير واحترام. ومن الحقائق التي يُعلمنا إياها القرآن الكريم ضرورة احترام أماكن عبادة أهل الكتاب، أي المسيحيين واليهود، والتعامل معها بتوقير.
وقد ورد في سورة الحج:
"ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرًا، ولينصرن الله من ينصره، إن الله لقوي عزيز"
وهذه الآية تُظهر بوضوح أهمية احترام وحماية دور عبادة أهل الكتاب وتُعد توجيهًا مباشرًا لكل مسلم في هذا الشأن.
كان رسول الله ﷺ قدوة لنا في احترام أتباع الديانات الأخرى.
ففي أحد الأيام كان النبي ﷺ جالسًا مع أصحابه فمرّ بهم موكب جنازة فقام النبي ﷺ احترامًا للميت. فقال الصحابة: "يا رسول الله، إنه يهودي!" فردّ النبي ﷺ:
"أليس إنسانًا؟"
وبهذا الرد أظهر النبي ﷺ استياءه من نظرة التمييز وعلّم أصحابه عمليًا كيف يجب أن يُعامل أتباع الديانات الأخرى باحترام.
بعد هجرته إلى المدينة عقد النبي ﷺ اتفاقًا مع اليهود هناك، ووضع أسسًا للتعايش السلمي والتعاون من أجل مصلحة المجتمع وطبّق ذلك في حياته اليومية. وكان يتعامل مع أتباع الديانات الأخرى بلطف ويقبل منهم الهدايا ويهديهم أيضًا. ومن المعروف تاريخيًا أنه كان يرتدي الملابس التي أُهديت له من غير المسلمين.
وقد استضاف النبي ﷺ وفدًا من النصارى القادمين من الحبشة في مسجده وقال:
"لقد أكرموا أصحابنا، وأنا أحب أن أكرمهم بنفسي"، ثم خدمهم بنفسه.
كما استضاف وفد نصارى نجران في مسجده وسمح لهم بأداء عباداتهم فيه مما يُعد مثالًا رائعًا للتسامح الديني والاحترام المتبادل.
إن فكرة التسامح بين الأديان لا تقتصر على المتدينين فقط، بل تشمل تعاون جميع أفراد المجتمع في طريق الخير وتُعد شرطًا أساسيًا لتحقيق السلام والاستقرار. فمنذ القدم كانت المساجد والكنائس والمعابد اليهودية في مدن وطننا الكبرى تقدم خدماتها بحرية لمعتنقيها ولم تحدث أي صراعات دينية حتى في أصعب لحظات التاريخ مما يدل على امتلاك شعبنا تجربة عظيمة في مجال التسامح الديني.
ولهذا السبب فإن التقاليد الراسخة للتسامح الديني في أوزبكستان تحظى باعتراف المجتمع الدولي. وقد أشار أحد ممثلي الجالية اليهودية ر. بينيمان إلى أن أول كنيس في بخارى بُني في القرن الثامن وأنه منذ ذلك الوقت توفرت الظروف الكافية لممارسة اليهود لدينهم بحرية إلى جانب أتباع الديانات الأخرى. وكتب يقول:
"في حين كان اليهود يُضطهدون في أوروبا الوسطى والإمبراطورية البيزنطية، كانوا يتمتعون بحقوق متساوية مع أتباع الديانات الأخرى في آسيا الوسطى."
ويُعترف بصدق وعمق بتسامح الشعب الأوزبكي واحترامه للمعتقدات والثقافات المختلفة من قبل ممثلي القوميات والشعوب الأخرى.
وفي الوقت الحالي، يعيش في وطننا أكثر من 130 قومية و16 طائفة دينية وأكثر من 2200 منظمة دينية في سلام ووئام ملتزمين بمبادئ التسامح الديني وهو دليل واضح على ما نقوله.
وبالتالي، يتضح مما سبق أن تطور المجتمع واستقراره وتحقيق التفاهم والوحدة يتجلى في الفضائل الإنسانية مثل المحبة المتبادلة واحترام الكبار وتقدير الصغار ومراعاة حقوق القرابة والجيرة والتسامح مع أتباع الديانات الأخرى.
فإن التفاهم بين القوميات والتسامح الديني والوئام تُعد من المعايير الأساسية لتطور المجتمع المدني وهي ضمان لتقدم الوطن وسلامه.

تم نسخ الرابط