التقسيط.. طوق نجاة للأسر المصرية أم فخ ديون خفي؟.. خبير اقتصادي يكشف الحقيقة
في ظل الارتفاع المتواصل في الأسعار وتزايد أعباء المعيشة على الأسر المصرية، أصبح الشراء بالتقسيط وسيلة يلجأ إليها الكثيرون لتخفيف الضغط المالي، بعدما تحول الحصول على السلع الأساسية إلى عبئ حقيقي في ظل موجات التضخم التي تضرب السوق المحلية، وبين من يراه حلاً مؤقتًا لتجاوز الأزمة، وأخرين يعتبرونه مدخلًا لمشكلات مالية أكبر، يظل التقسيط سلاحًا ذو حدين يحتاج إلى وعي وتخطيط.
الحل السريع أمام الغلاء
يقول الدكتور السيد خضر، الخبير الاقتصادي، في تصريحات خاصة لـ«نيوز رووم»، إن الشراء بالتقسيط بات أحد أبرز الوسائل التي يعتمد عليها المصريون حاليًا لتلبية احتياجاتهم، خاصة في ظل الارتفاع المستمر للأسعار، فالكثير من الأسر، وبحسب ما قاله «خضر»، لم تعد قادرة على شراء السلع الأساسية دفعة واحدة، ما جعل نظام التقسيط حلًا حقيقيًا يساعدهم على تقسيم التكلفة على فترات.
وأضاف «خضر»، أن الشركات والمحال التجارية أسهمت في بناء هذه العادات من خلال تقديم عروض تقسيط مريحة، إلى جانب الحوافز التشجيعية التي جعلت الشراء بالتقسيط عادة شائعة لا تقتصر على الأزمات المؤقتة، بل أصبحت جزءًا من السلوك الاستهلاكي للمواطن المصري الذي يسعى لامتلاك احتياجاته قبل أن ترتفع أسعارها مجددًا.
مميزات التقسيط ومخاطره على المواطنين
وأوضح الخبير الاقتصادي، أن التقسيط يقدم فائدة حقيقية حين يستخدم بذكاء، إذ يخفف من الأعباء المالية على الأسر ويسمح بشراء الضروريات دون الحاجة لتوفير المبلغ كاملًا، لكنه في الوقت نفسه قد يتحول إلى فخ ديون إذا أسيء استخدامه، فالإفراط في الشراء بالتقسيط، كما وضح «خضر»، يجعل الأسر عرضة لتراكم الأقساط والعجز عن السداد، خصوصًا في ظل تراجع الدخل أو ارتفاع الأسعار المفاجئ.
وأشار إلى أن هذا السلوك قد يؤدي إلى ضعف ثقافة الادخار، ويدفع بعض الأسر إلى الشراء غير المبرر والتعود عليه، مما يرهق ميزانيتها على المدى الطويل، ويحول التقسيط من وسيلة راحة إلى عبئ دائم.

أثر التقسيط على الاقتصاد المحلي
ويمتد تأثير التقسيط، بحسب «خضر»، ليشمل الاقتصاد المصري ككل، ففي المدى القصير، يؤدي إلى تنشيط حركة البيع والشراء وزيادة الطلب المحلي، وهو ما يعزز النمو الاقتصادي مؤقتًا، إلا أن الإفراط فيه قد يتسبب في ضغط على الأسعار وارتفاع معدلات التضخم، كما أن عدم قدرة بعض المستهلكين على السداد يشكل خطرًا على الشركات والبنوك التي تقدم هذه الخدمات، وقد يؤدي إلى خلل في السوق إذا لم تدار المنظومة بعناية وحذر.
تجارب من الواقع

قالت منى عبد الرحمن، ربة منزل، في تصريحات خاصة لـ«نيوز رووم»، إن التقسيط ساعد أسرتها في شراء أثاث جديد دون دفع المبلغ كاملًا، لكنها اعترفت بأن الأقساط أصبحت عبئا ثقيلًا مع زيادة أسعار السلع الأخرى، فيما أوضح أحمد عبد الهادي، موظف حكومي، أن التقسيط أنقذه عندما احتاج لشراء بوتاجاز جديدة بعد تعطل القديم، مؤكدًا أنه وسيلة عملية لتجاوز الأزمات المفاجئة.
أما هند مصطفى، كاشير في إحدى المحال التجارية الخاصة بالملابس، فتقول إن التقسيط تحول بالنسبة لها إلى عادة، “كل فترة بشتري حاجة جديدة بالقسط لحد ما دخلت في دوامة ديون، وبقي نص المرتب بيروح في الأقساط”، ومن جانبه، أكد محمد شكري، صاحب متجر لبيع الأجهزة الكهربائية، أن الإقبال على التقسيط ازداد بشكل كبير، مما أنعش المبيعات لكنه رفع في الوقت نفسه مخاطر عدم السداد.