ما حكمة صلاته ﷺ للنافلة بعد الجمعة في البيت؟.. أزهرية توضح
قالت الدكتورة روحية مصطفى الأستاذ بجامعة الأزهر تحت عنوان «الجمع بين إحياء السنن ومراعاة المقاصد»، قال في المدخل في آداب طالب العلم: ينبغي له أن يشد يده على مداومته على فعل السنن والرواتب وما كان منها تبعا للفرائض قبله أو بعده، فإظهارها في المسجد أفضل من فعلها في بيته كما كان عليه الصلاة والسلام يفعل عدا موضعين كان لا يفعلهما إلا في بيته بعد الجمعة وبعد المغرب ......"
إحياء السنن ومراعاة المقاصد
وتابعت: معنى النص: يقول العالم: ينبغي لطالب العلم أن يعتاد على المحافظة الدائمة على السنن والرواتب (أي النوافل الثابتة التابعة للفرائض، مثل سنة الفجر والظهر والمغرب والعشاء)، لأنها من علامات الجد في العبادة والاقتداء بالنبي ﷺ. ثم يبين أن إظهار هذه السنن في المسجد أفضل من فعلها في البيت؛ لأن في ذلك تعليمًا للناس، وترغيبًا لهم في المحافظة عليها، كما كان النبي ﷺ أحيانًا يفعلها في المسجد ليُرى فعله ويُقتدى به. لكن هناك موضعين استثناهما النبي ﷺ فكان لا يصلي فيهما السنة في المسجد بل في بيته: بعد صلاة الجمعة ، وبعد صلاة المغرب ، قال عبد الله بن عمر : كان النبي -ﷺ- لا يُصلِّي بعد الجمعة حتى ينصرف من المسجد إلى بيته فيصلِّي فيه ركعتين. "أخرجه البخاري (937)، ومسلم (729) باختلاف يسير"
أما عن علة ترك السنة في هذين الموضعين في المسجد مايلي :
أما بعد الجمعة، فإن النبي ﷺ لم يكن يصلي السنة بعدها في المسجد، وإنما كان يصليها في بيته، وذلك حكمةً بالغة احترازًا من توهّمٍ قد يؤدي إلى الفهم الخاطئ.
ويظهر أن من حكمة صلاته ﷺ للنافلة بعد الجمعة في البيت أنه أراد أن يقطع توهّم من يظن أن الجمعة أربع ركعات كصلاة الظهر، فكان من تمام حكمته ﷺ أن صلى السنة في بيته، ليُحدث فاصلًا زمنيًا ومكانيًا يقطع هذا اللبس، ويؤكد أن صلاة الجمعة عبادة مستقلة عن الظهر، تؤدى ركعتين بشروطها الخاصة، وأن ما بعدها نافلة.
كما يُستفاد من ذلك أن تصرفه ﷺ يمثل نظرة مستقبلية للسنة النبوية في سد ذرائع الفهم المغلوط، وترسيخ القاعدة التربوية بأن الجمعة واجبة على الرجال بشروطها الشرعية، وصحيحة خلف كل إمام مسلم مستكمل للشروط، لا يشترط فيها العصمة ولا التعيين الإلهي، كما توهّم بعض الفرق .
وأما بعد المغرب: فكان ﷺ يصليها في بيته رأفة بأهله، لأن كثيرًا من الصحابة كانوا يصومون، وأهلوهم ينتظرونهم ليأكلوا معهم، فلو مكث النبي ﷺ بعد المغرب في المسجد لطال انتظار الأهل والأولاد. فاختار أن يصلي السنة في البيت رحمة بهم ومراعاةً لأحوال الأسرة.
وبينت أن النص يُظهر فقه النبي ﷺ في الجمع بين إحياء السنن ومراعاة المقاصد؛ فهو ﷺ كان أعبد الناس، ومع ذلك راعى سدّ الذرائع في الدين والرحمة بالأهل، وهما من مكارم أخلاقه وسننه التي ينبغي لطالب العلم أن يقتدي بها.





