دماء أم أبقار؟ التحقيق يكشف الحقيقة وراء صور الأقمار الصناعية في الفاشر
كشفت تحقيقات وتقارير إعلامية أوروبية عن اتساع نطاق التضليل المصاحب للأحداث الجارية في مدينة الفاشر، وذلك بعد سيطرة قوات الدعم السريع على المدينة.
وتبين أن العديد من الصور ومقاطع الفيديو المتداولة، والتي زعمت أنها تظهر مقابر جماعية، كانت في الواقع محتوى مضللاً تم توظيفه سياسيًا وإعلاميًا.

منطقة كوميا بالسودان: لقطة Google Earth تتضح أنها أبقار وليست ضحايا
وجاء في إحدى أبرز الحالات، انتشرت لقطة شاشة من منصة Google Earth زعم أنها تظهر موقع مجزرة في منطقة كوميا بالسودان، موضحًا محللو صور الأقمار الصناعية أن الصورة قديمة، تعود إلى عامي 2022 و2024، ولا تحتوي على أي جثث أو دماء، بل تظهر ماشية متجمعة حول برك مياه.
كيف بدأت الحكاية؟
وبدأت الصورة وفقًا لمنصة سنوبس للتحقق من الأخبار، في الانتشار على وسائل التواصل الاجتماعي في أوائل نوفمبر 2025، مرفقة بادعاءات عن الإبادة الجماعية في السودان، وانتشرت على منصات مثل X وReddit وFacebook وThreads، واعتبرت دليلاً على الفظائع المستمرة في الحرب الأهلية.
وكشف التحليل الدقيق أن الصورة تظهر حيوانات على الأرض، وليست ضحايا بشرية، وأن الأجسام الصغيرة تلقي بظلالاً تشير إلى أنها واقفة على 4 أرجل.
وأكد خبراء مثل ناثانيال رايموند، مدير مختبر ييل للأبحاث الإنسانية، أنها أبقار وليست بشرًا.
هيئة الإذاعة البريطانية تؤكد التضليل وانتشار معلومات مغلوطة
توصلت هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) إلى نفس النتيجة، مؤكدة أن الصورة تزعم خطًأ أنها دليل على عمليات قتل جماعي في السودان".
ووأوضح محللون آخرون ضرورة استخدام صور الأقمار الصناعية ضمن سياق أوسع، وعدم الاكتفاء بها لاستنتاج وقوع إبادة جماعية.
فخ التضليل وتأثيره على الرأي العام
وعلى الرغم من ذلك، وقعت العديد من القنوات الفضائية والمواقع الإخبارية وشخصيات مؤثرة في فخ التضليل، مما ساهم في تضخيم تأثير المعلومة الخاطئة على الرأي العام المحلي والدولي.

وطبقًا للباحث في النزاعات غيريت كورتز، فإن جزءًا كبيرًا من التضليل موجه للعالم الخارجي، حيث تتداخل مصالح عدة دول في السودان، وتشير تقارير أخرى إلى أن الجيش والقوات المتحالفة معه ربما ساهموا في إنتاج هذا المحتوى بعد انسحابهم من الفاشر، بهدف التغطية على هزيمتهم.
الجيش والقوات المتحالفة وراء إنتاج محتوى مضلل لتغطية الهزيمة
وأشاروا خبراء مثل محمد المختار إلى أن بعض المواد المضللة كانت مفبركة بشكل ممنهج لتوجيه الغضب وصناعة روايات بديلة، وتحويل الصراع الداخلي إلى صورة عدوان خارجي.
ويرى محللون أن سقوط الفاشر بعد 18 شهرًا من الحصار شكل ضربة رمزية للجيش، مما دفع إلى حملة إعلامية مضادة لتخفيف الصدمة وإعادة تشكيل الرواية الرسمية.



