ما حكم صلاة مريض الفشل الكلوي وهل تقع عليه؟.. الإفتاء توضح
أكدت دار الإفتاء أن المريض بالفشل الكلوي إذا دخل عليه وقت الصلاة أثناء قيامه بعملية “الغسيل” إن استطاع استقبال القبلة بنفسه أو بمساعدة أحد؛ لزمه الاستقبال والصلاة، أما إن شق عليه التوجه إلى القبلة: فإن شاء صلى على حاله ولو لغير القبلة، ولا إعادة عليه كما هو مذهب الحنفية والحنابلة، وإن شاء جمع بين الصلاتين جمعًا حقيقيًّا كما ذهب إليه الحنابلة وبعض الشافعية، أو جمعًا صوريًّا بأن يصلي الأولى في آخر وقتها والثانية في أول الوقت كما ذهب إليه المالكية.
حكم استقبال القبلة في الصلاة
استقبال القبلة حال الصلاة واجب مأمور به شرعًا؛ حيث قال تعالى: ﴿فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ﴾[البقرة: 144]، وروى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال للمسيء في صلاته: «إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَأَسْبِغِ الوُضُوءَ، ثُمَّ اسْتَقْبِلِ القِبْلَةَ فَكَبِّرْ» متفق عليه.
وقد اتفق الفقهاء على أن استقبال القبلة شرط من شروط صحة الصلاة. ينظر: “البناية” للإمام بدر الدين العيني، و”مواهب الجليل” للإمام الحطاب، و”المجموع” للإمام النووي، و”المغني” للإمام ابن قدامة.
حكم صلاة من عجز عن استقبال القبلة
مع اتفاقهم على كون استقبال القبلة شرطًا للصلاة إلا أنهم قد نصوا على سقوط هذا الشرط في حال العجز عن الإتيان به بسبب مرض أو نحو ذلك، مع اختلاف بينهم وتفصيل في شروط ذلك وفي وجوب إعادة الصلاة بعد زوال العذر أم الاكتفاء بما أداه حال قيام العذر.
فذهب الحنفية والحنابلة إلى أن من عجز عن استقبال القبلة ولم يجد أحدًا يحوله إلى القبلة أو كان التحويل يضره: يسقط عنه الاستقبال ويصلي على حسب حاله، ولا إعادة عليه حينئذ؛ لأن الاستقبال شرط زائد يسقط عند العجز، وإن وجد أحد يحوله إلى القبلة، فإنه ينبغي أن يطلب منه المساعدة في استقبالها، فإن لم يفعل صلى إلى غير القبلة، فالصلاة صحيحة عند الإمام أبي حنيفة، خلافًا لمحمد وأبي يوسف.
قال الإمام الكاساني الحنفي في “بدائع الصنائع” في كلامه عن شرط استقبال القبلة في الصلاة: [فإن كان عاجزًا لعذر مع العلم بالقبلة فله أن يصلي إلى أي جهة كانت، ويسقط عنه الاستقبال؛ نحو أن يخاف على نفسه من العدو في صلاة الخوف أو كان مريضًا لا يمكنه أن يتحول بنفسه إلى القبلة وليس بحضرته من يحوله إليها ونحو ذلك؛ لأن هذا شرط زائد يسقط عند العجز] اهـ.
وقال العلامة ابن مازه في “المحيط البرهاني في الفقه النعماني”: [الحاصل: أن مفارقة المريض الصحيح فيما هو عاجز عنه، فأما فيما يقدر عليه فهو كالصحيح. فإن كان يعرف القبلة، ولكن لا يستطيع أن يتوجه إليها، ولم يجد أحد يحوله إلى القبلة، فإنه ينبغي أن يأمره حتى يحوله إلى القبلة، فإن لم يأمره وصلّى إلى غير القبلة، قال أبو حنيفة: تجوز صلاته، وقالا: لا تجوز] .
وقال العلامة ابن نجيم في “البحر الرائق”: [وقوله والخائف يصلي إلى أي جهة قدر: لأن استقبال القبلة شرط زائد يسقط عند العجز، وأراد بالخائف من له عذر فيشمل المريض إذا كان لا يقدر على التوجه وليس عنده من يحوله إليها أو كان التحويل يضره، والتقييد بعدم وجود من يحوله جرى على قولهما، أما عنده: فالقادر بقدرة غيره ليس بقادر] .
وقال العلامة المرداوي الحنبلي في “الإنصاف”: [الصحيح من المذهب: سقوط استقبال القبلة في حال العجز مطلقًا؛ كالتحام الحرب وعجز المريض عنه وعمّن يديره].



