00 أيام
00 ساعات
00 دقائق
00 ثواني

🎉 افتتاح المتحف الكبير ! 🎉

عاجل

في المسرح الدولي المعقد، تبرز أوكرانيا وتايوان كنقطتي اختبار حاسمتين لاستراتيجيات القوى العظمى، حيث تتحول هذه المناطق من مجرد نقاط على الخريطة إلى رموز للصراع على شكل النظام العالمي المستقبلي في أوكرانيا، تمثل روسيا قوة تعمل على إعادة رسم الحدود بالقوة، مدفوعة برؤية استعادية لإمبراطورتيها السابقة ومخاوف وجودية من توسع الناتو شرقاً إن غزوها لم يكن مجرد عمل عسكري تقليدي، بل كان محاولة لقلب الطاولة على النظام الدولي القائم على القواعد الذي هيمنت عليه الولايات المتحدة منذ نهاية الحرب الباردة لقد أدركت موسكو أن أوكرانيا ليست مجرد جار، بل هي الحد الفاصل بين عالمين عالم تريد روسيا أن تكون له منطقة نفوذ حصري في "الخارج القريب"، وعالم تريد فيه الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون نشر نموذج الديمقراطية الليبرالية والاندماج الغربي.
بالمقابل، تمثل تايوان الاختبار الأكثر خطورة للصعود الصيني، حيث تتحول الجزيرة من قضية داخلية في الخطاب الرسمي الصيني إلى ساحة للمواجهة بين الصين والولايات المتحدة في المحيط الهادئ إن استراتيجية الصين تقوم على مبدأ "الصين الواحدة" الذي لا هوادة فيه، مع الجمع بين الردع العسكري المتصاعد عبر عمليات عبور خط الوسط والتمارين العسكرية المنتظمة، والحمل الدبلوماسي والاقتصادي لعزل تايوان دولياً لكن بكين تتحرك بحذر بالغ، فهي تدرك أن أي عمل عسكري مباشر ضد تايوان سيؤدي إلى مواجهة مفتوحة مع الولايات المتحدة التي تلتزم بسياسة "الغموض الاستراتيجي" فيما يتعلق بالدفاع عن الجزيرة هذه الاستراتيجية الأمريكية تهدف إلى منع أي من الجانبين من اتخاذ خطوات متطرفة فهي تردع الصين من أي مغامرة عسكرية، وفي نفس الوقت تردع تايوان عن إعلان الاستقلال الرسمي.
الملاحظ أن استراتيجيات القوى العظمى في هاتين المنطقتين تكشف عن نمط موحد رغم اختلاف السياقات ففي كلتا الحالتين، تعمل الولايات المتحدة على بناء تحالفات متعددة الأطراف لمواجهة القوى المنافسة، سواء عبر حلف الناتو في أوروبا أو من خلال تحالفات مثل AUKUS ومجموعة الكواد في آسيا. أما روسيا والصين، فتعتمدان على استراتيجيات "الإنهاك" و"الحرب الهجينة" لتجنب المواجهة المباشرة مع الولايات المتحدة، مع التركيز على استنزاف إرادة وموارد الخصم على المدى الطويل الفارق الجوهري هو أن روسيا في أوكرانيا تخوض حرباً ساخنة بالفعل، بينما الصين في تايوان تخوض حرباً باردة لا تزال في طور التهديد والردع.
التحدي الأكبر للولايات المتحدة يتمثل في إدارة هاتين الأزمتين في وقت واحد، حيث أن الموارد الاستراتيجية الأمريكية محدودة، والتركيز على أزمة يعني تقليل الاهتمام بالأخرى هذا الوضع يخلق فرصة ذهبية للتعاون بين روسيا والصين، حيث يعمل البلدان على تشكيل جبهة موحدة لتمزيق الانتباه والموارد الأمريكية، مستفيدين من أن أي ضغط على جبهة يخفف الضغط على الجبهة الأخرى في النهاية، ما يحدث في أوكرانيا وتايوان ليس مجرد صراعات إقليمية، بل هو اختبار لإرادة القوى العظمى وقدرتها على الحفاظ على النظام الدولي أو إعادة تشكيله النتيجة في أي من هاتين الساحتين ستحدد مصير النظام العالمي للعقود القادمة هل سيكون متعدد الأقطاب تهيمن عليه قوى متعددة، أم ثنائي القطبية تهيمن عليه الولايات المتحدة والصين، أم نظاماً فوضياً تتصارع فيه القوى الإقليمية دون قيود؟

تم نسخ الرابط