ذكرى وفاة الفاروق عمر بن الخطاب: رجلًا تهابه الأعداء ويحبه المسلمون (قصته)
تحل اليوم السبت 8 نوفمبر 2025، ذكرى وفاة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ثاني الخلفاء الراشدين المهديين، وفي التقرير التالي نستعرض قبسًا من سيرته.
نسب عمر بن الخطاب ومولده
عمر بن الخطاب بن نُفيل القرشي العدوي -رضي الله عنه-، المُكنى بأبي حفص، ووالدته هي: حنتمة بنت هاشم بن المغيرة المخزوميّة، وورد في إحدى الروايات أنّها أخت أبي جهل حنتمة بنت هشام.
وجاء في نسب عمر أنه: عمر بن الخطاب بن نُفَيْل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر وهو قريش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، العدوي القرشي، وهو ابن عمّ زيد بن عمرو بن نفيل الموحد على دين إبراهيم. وأخوه الصحابي زيد بن الخطاب والذي كان قد سبق عمر إلى الإسلام. ويجتمع نسبه مع الرسول محمد في كعب بن لؤي بن غالب.
وُلد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بعد أربع سنواتٍ من الفِجار الأعظم، أي قبل البعثة النبوية الشريفة بثلاثين عاماً، وورد أنه ولد بعد عام الفيل بثلاث عشرة سنة، وعن صفاته الجسدية قال علماء السير والتاريخ أنه كان طويلاً، جسيم القامة، أعسر، أشعر، وأصلع الرأس، شديد الحُمرة.
إسلام عمر بن الخطاب
وقد كان إسلامه بداية لفتح طريق جديد في عبادة الله -تعالى- جَهْراً، والذي ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال فيه: (اللهمَّ أعِزَّ الإسلامَ بأحبِّ هذين الرجُلين إليك بأبي جهلٍ أو بعمرَ بنِ الخطابِ فكان أحبُّهما إلى اللهِ عمرَ بنَ الخطابِ).
الهجرة إلى المدينة
عرف عن عمر بن الخطاب شجاعته الفائقة، وبرز ذلك جليًا في يوم هجرته إلى المدينة المنورة. ففي حين كان معظم المسلمين يهاجرون سرًا خوفًا من بطش قريش، وقف عمر جهارًا في الكعبة وأعلن رحيله، متحديًا أي شخص يجرؤ على منعه، حتى أنه قال قولته الشهيرة: "من أراد أن تثكله أمه فليلقني وراء هذا الوادي." وهكذا، قاد عددًا من المسلمين المستضعفين إلى المدينة، ليصبح أحد أهم أعمدة الدولة الإسلامية الوليدة.
دور عمر بن الخطاب في ترسيخ دعائم الدولة الإسلامية
كان عمر بن الخطاب، من أبرز الصحابة الذين ساندوا النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، في إرساء قواعد الدولة الإسلامية. وكان رأيه نافذًا في الكثير من القضايا، حتى أن الوحي نزل مؤيدًا لمواقفه في بعض الأحيان، كما حدث في شأن أسرى بدر وتعامل النبي مع المنافق عبد الله بن أبي بن سلول.
ولم تقتصر مساهماته على الجانب العسكري أو السياسي فقط، بل كان له تأثير عميق في تنظيم الدولة الإسلامية إداريًا. إذ يُعزى إليه الفضل في إنشاء الدواوين، وهو نظام إداري ساعد في تنظيم شؤون الحكم.
كما كان صاحب فكرة التقويم الهجري، الذي أصبح الأساس في التأريخ الإسلامي. علاوة على ذلك، وضع أسس نظام الشرطة والمراقبة لضمان تحقيق العدالة بين الناس.
عمر قائد إداري
لم يكن عمر بن الخطاب مجرد مستشار حكيم، بل كان رجل دولة من الطراز الرفيع، أحدث ثورة إدارية في نظام الحكم الإسلامي.
فقد أرسى دعائم العدالة والمساواة بين المسلمين، وأسس نظام الدواوين لتنظيم شؤون الدولة، كما وضع التقويم الهجري الذي لا يزال معتمدًا حتى اليوم. هذه الإصلاحات لم تكن مجرد إجراءات إدارية، بل كانت رؤية استراتيجية أسهمت في ازدهار الدولة الإسلامية واستقرارها.
الإمام العادل
كان عمر مثالًا يُحتذى به في الحكم العادل، حيث جعل مخافة الله المعيار الأسمى في كل قراراته. لم يكن يسعى وراء المجد الشخصي، بل كان حريصًا على تحقيق العدل بين المسلمين، سواء كانوا حكامًا أو محكومين.
لهذا السبب، استحق أن يكون من أعظم القادة في التاريخ الإسلامي، رجلًا تهابه الأعداء ويحبه المسلمون، ويبقى إرثه خالدًا في ذاكرة الأجيال.
لقد شكلت شخصية عمر بن الخطاب نموذجًا فريدًا في القيادة والحكمة، حيث جمع بين قوة الرأي وحسن التدبير، ليصبح أحد أكثر القادة تأثيرًا في التاريخ الإسلامي، وأحد الذين خلدتهم صفحات الزمن كرمز للعدل والإصلاح.
مقتل عمر واستشهاده
عندما كان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يُسوِّي صُفوف المسلمين كعادته كُلَّ يومٍ في صلاة الفجر، وعند نيّته وتكبيره للصّلاة، جاء رَجل يُسمى أبا لؤلؤة المجوسي بخنجرٍ مسموم وطعنه عدّة طعنات، فقطّع أمعاءه، وسقط -رضيَ الله عنه- مغشيّاً عليه، وكان ذلك في نوفمبر 644 ميلاديا.



